مقالات

الاردن وغزة: دور إنساني ثابت… ومحاولات غربية للتشويه

 

بقلم: ثائر عاشور

منذ بداية العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، قدّم الأردن نموذجاً عربياً وإنسانياً مشرفاً في الوقوف إلى جانب الشعب الفلسطيني، مستنداً إلى رؤية واضحة تقودها القيادة الهاشمية، وعلى رأسها جلالة الملك عبد الله الثاني، وبدعم ومتابعة مباشرة من سمو ولي العهد الأمير الحسين بن عبد الله الثاني.

لم يكن الموقف الأردني محصوراً في الإدانة اللفظية أو المواقف السياسية فقط، بل ترجم إلى أفعال ملموسة على الأرض: جسور جوية وبرية محملة بالمساعدات الغذائية والطبية، مستشفيات ميدانية مجهزة، وطواقم طبية وعسكرية ذهبت إلى قلب المعاناة في غزة لتخفيف الألم وإنقاذ الأرواح. هذا الدور لم يكن مفاجئاً، بل استمرارٌ لنهجٍ تاريخي ثابت يعتبر القضية الفلسطينية جزءاً من ثوابت الدولة الأردنية.

ومع هذا الحضور القوي والفعّال، ظهرت على الساحة بعض الأصوات الغربية التي تحاول التقليل من شأن هذه الجهود، أو التشكيك في دوافعها. بعض وسائل الإعلام الغربية، المتأثرة بالرواية الإسرائيلية، لم تتقبل حقيقة أن دولة عربية تقف بكل إمكانياتها إلى جانب غزة، دون أجندات أو حسابات ضيقة. لذلك، لجأت إلى أسلوب التشويه، عبر بث تقارير مضللة أو تحليلات منحازة تتجاهل حجم التضحيات التي قدمها الأردن.

التساؤل المشروع هنا: لماذا يُستهدف هذا الدور الأردني؟ ولمصلحة من يتم التعتيم على المساعدات التي وصلت إلى غزة، في الوقت الذي لم تبادر فيه كثير من الدول بمثل هذا الفعل الإنساني النبيل؟

من الواضح أن بعض الجهات تتوجس من أي نموذج عربي قوي يصر على القيام بدوره الأخلاقي، خاصة عندما يكون هذا الدور بقيادة سياسية حكيمة، ومؤسسات منظمة، وتخطيط مدروس. الأردن لا يعمل من باب الاستعراض، بل من باب الواجب والالتزام تجاه أشقائه في فلسطين، وهو ما أكده مراراً جلالة الملك في كل المحافل الإقليمية والدولية.

لقد حمل الأردن على عاتقه مسؤولية إنسانية كبرى، وواجه ضغوطاً سياسية واقتصادية نتيجة تمسكه بموقفه تجاه فلسطين، ومع ذلك لم يتراجع، بل كثف من جهوده، وآخرها الجهود المبذولة لإدخال المساعدات الطبية إلى مستشفى غزة الميداني رغم التعقيدات الأمنية.

ما يقدمه الأردن ليس بحاجة إلى تصفيق، لكنه أيضاً لا يستحق التشويه. فالدول تُقاس بأفعالها، والمواقف تُقاس بثباتها، والأردن، قيادةً وشعباً، أثبت أنه حاضر حيث يجب أن يكون، صوتاً للحق، ويداً ممدودة بالغوث، وعقلاً سياسياً متزناً لا تنحرف بوصلته.

وفي ظل هذه المحاولات الإعلامية الغربية المغرضة، فإن المطلوب عربياً ودولياً هو الاعتراف بدور الأردن المحوري، وتحصينه من حملات التشكيك، لا سيما وهو يخوض معركة إنسانية وأخلاقية تنحاز للكرامة والعدل

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى