بمناسبة عيد الاستقلال التاسع والسبعين، نرفع أسمى آيات التهنئة والتبريك إلى مقام حضرة صاحب الجلالة الهاشمية الملك عبد الله الثاني ابن الحسين المعظم، وإلى سمو ولي العهد الأمير الحسين بن عبد الله الثاني، داعين الله أن يحفظهم، ويسدد خطاهم، ويبارك جهودهم في قيادة مسيرة الوطن نحو المزيد من التقدم والازدهار.
يحتفل الأردنيون هذا العام بمرور تسعة وسبعين عاماً على الاستقلال، محطة وطنية تحمل في طياتها معاني العزة والكرامة والسيادة، وتستدعي منّا، كأبناء لهذا الوطن، وقفة صادقة مع الذات نستحضر فيها ما قدمه الآباء والأجداد، ونسأل أنفسنا: ماذا قدّمنا نحن؟ وماذا يُنتظر منّا تجاه الأردن في هذه المرحلة المفصلية من تاريخه؟
لا شك أن عيد الاستقلال هو مناسبة للفخر الوطني، ولكن الفخر وحده لا يكفي. فالحفاظ على مكتسبات الاستقلال، وصون أمن واستقرار الوطن، يتطلبان منّا أن نترجم هذا الشعور إلى فعل وسلوك ومواقف مسؤولة. فالوطن لا يُبنى بالشعارات، بل بالعمل والإخلاص والانتماء الحقيقي.
في هذا العيد، يجب أن يكون الحديث عن المواطنة أكثر من مجرد كلمات تُردد في الاحتفالات. المواطنة الحقيقية تبدأ من احترام القانون، والإيمان بالدولة، والانخراط في بنائها وتطويرها. فكل مواطن هو شريك في حماية الاستقلال وتعزيزه، لا سيما في ظل التحديات الإقليمية والاقتصادية التي نعيشها.
تتطلب المرحلة الراهنة دعماً كاملاً للمؤسسات الوطنية، وفي مقدمتها القوات المسلحة الأردنية – الجيش العربي، والأجهزة الأمنية التي أثبتت كفاءتها في حماية الاستقرار الداخلي. إن الوقوف خلف هذه المؤسسات هو جزء لا يتجزأ من الدفاع عن الوطن وسيادته، ومظهر أصيل من مظاهر الولاء والانتماء.
من أهم ما يميز الأردن عبر تاريخه هو وحدته الوطنية، وتماسك نسيجه المجتمعي رغم كل الظروف. ولعل أبرز مسؤولية تقع على عاتق كل مواطن اليوم هي الحفاظ على هذه الوحدة، ونبذ كل أشكال الفرقة والطائفية وخطاب الكراهية. فلا استقلال حقيقي دون مجتمع متماسك.
إلى جيل الشباب، الذين يشكلون اليوم غالبية المجتمع الأردني، نقول: أنتم مستقبل هذا الوطن، وقوته القادرة على التغيير. مسؤوليتكم أن تكونوا طليعة البناء والإبداع، وأن تحموا الاستقلال بعقولكم، وطاقاتكم، وأخلاقكم، لا فقط براياتكم في الاحتفالات.
في عيد الاستقلال التاسع والسبعين، لا نحتفل فقط بتاريخ نعتز به، بل نجدد العهد لوطن نحبّه. مسؤوليتنا أن نحفظه، ننهض به، ونسلمه للأجيال القادمة أكثر قوة وأعمق جذوراً. فالأردن ليس مجرد أرض، بل رسالة، وهوية، وبيتٌ يستحق أن نكون له أوفياء قولاً وفعلاً