أثار تصوير جنازة الممثل المصري مصطفى درويش -الذي توفي أمس الاثنين عن 43 عاما- جدلا واسعا ومطالبات بمنع تصوير الجنازات والعزاء الخاص بالمشاهير.
ويعود سبب الجدل إلى انتشار صورة لمصورتين صحفيتين وهما تضحكان أثناء تصوير الجنازة تزامنا مع انهيار وحزن شقيق الفنان الراحل، مما أثار استفزاز كثيرين عبروا عن غضبهم من الموقف عبر منصات التواصل الاجتماعي.
تحقيق في الواقعة
وبعد انتشار الصور أصدرت شعبة المصورين الصحفيين في مصر بيانا عن الموقف جاء فيه “إذ تنعى شعبة المصورين بنقابة الصحفيين وفاة الراحل مصطفى درويش تود أن تؤكد على احترامها آداب المهنة وأخلاقياتها، وبعد التحري وجدنا أن هاتين الفتاتين ليستا منضمتين إلى شعبة المصورين بنقابة الصحفيين، وأن المصورين الصحفيين لديهم من الأخلاقيات وآداب المهنة التي تحثهم في هذه المواقف على احترام مشاعر الناس وخصوصيتهم واحترام حرمة الميت، وينعقد مكتب الشعبة لمعرفة ملابسات الموقف والتحقيق في الواقعة، للوقوف على حقيقة الصورة والوصول إلى أصحابها، ومعرفة إذا كانوا يعملون في المجال الصحفي من عدمه، وعرض نتائج ذلك على مجلس النقابة”.
مطالبات بمنع التصوير
وتفاعل عدد من الممثلين المصريين مع الموقف، وعلقوا عليه عبر صفحاتهم على مواقع التواصل الاجتماعي.
ووصف الممثل صبري فواز ما حدث بالمؤذي والمضر لأسرة المتوفى والمصور، وطالب عبر صفحته على فيسبوك باحترام مشاعر الآخرين ومنع التصوير في الجنازات.
وعلقت عليه هند (ابنة الممثل الراحل سعيد صالح) بأن “الأزمة لن تنتهي حتى لو طالبوا بالفكرة 100 عام، من دون وضع اعتبارات لأهل المتوفى”.
أما المخرج أمير رمسيس فاعتبر ضحك المصورتين أمرا في منتهى القسوة والرعونة وعدم تقدير لأهل المتوفى، ولكنه -في المقابل- اعتبر أن ردود الفعل على القضية والمطالبات بفصلهما من العمل هو في منتهى القسوة، وطلب من الجميع التسامح قبل العقاب المجتمعي القاسي.
بدوره، كتب عضو مجلس نقابة الصحفيين المصرية محمود كامل في منشور عبر حسابه الرسمي على فيسبوك “إلى أصدقائي الفنانين الذين هاجوا وماجوا وتجاوز بعضهم في حق مهنة الصحافة بسبب صورة لفتاتين -سواء كانتا صحفيتين متدربتين أو حتى مواطنتين تبتسمان خلال جنازة- أهديكم بعض الصور من عزاء والدة الفنان هشام عباس وعزاء والد الفنانة دينا الشربيني، لا لشيء سوى التأكيد على أن الابتسامة العارضة لموقف عارض في الجنازة أو العزاء هي أمر وارد الحدوث في لحظة التقاط الكاميرا لحظة الابتسامة، كما أن التجاوز أيضا هو أمر وارد نتيجة عدم تلقي التدريب الكافي أو نتيجة أن من مارس هذا التجاوز لا ينتمي لمهنة الصحافة من الأساس”.
وأضاف “لذلك طلبنا التحقيق في الواقعة حتى نقف على الحقيقة وحتى ننكأ جراح الزملاء المصورين المجبرين على تغطيات صحفية بعينها لعلها تكون بداية لوضع ضوابط لها تحميهم من سطوة رؤسائهم في العمل وتحميهم من منتحلي صفة الصحفي”.
وتفاعل بعض رواد مواقع التواصل مع التشبيه الوارد في منشور كامل، حيث اعتبره البعض مقارنة غير منصفة، وأشارت الناشطة السياسية منى سيف إلى أن الصورة “تضمنت مستوى انفصال تام عن لحظة فجيعة لشخص ظاهرة في اللقطة كأنهم يشاهدون مشهدا تمثيليا غير حقيقي”، وقالت عما حدث إن “هناك إشكالية إنسانية بالمشهد”.
وأكدت سيف أنها ضد التشهير الذي تعرضت إليه الصحفيتان وضد التحقيق معهما، لكن الأمر يحتاج خطوات مؤسسية من الصحف لتدريب صغار الصحفيين على حسن التعامل مع المواقف الحرجة بحساسية، ويبقى الأساس فيها تقدير الموقف وثقله وليس الهوس باللحظة (…)، خاصة أن الصحفيين يتعرضون لضغوط عمل شديدة حولتهم إلى مندوبي بيع وليس صحفيين”، حسب وصفها.
تحرك برلماني
بدورها، استجابت عضوة مجلس الشعب النائبة سوسن حسني حافظ إلى تلك المطالبات، وقدمت طلب إحاطة إلى رئيس الهيئة الوطنية للإعلام حسين زين بشأن استغلال البعض تصوير الجنازات وسرادقات العزاء بشكل عشوائي من أجل حصد مزيد من المشاهدات دون مراعاة لحرمة الميت أو مشاعر الأهالي.
واستندت النائبة إلى المادة 134 من الدستور والمادة 212 من اللائحة الداخلية لمجلس الشعب، حيث طالبت بضرورة وضع آليات منظمة لعمل الصحفيين والمصورين أثناء الجنازات، وأن يحترموا مشاعر الأهالي وخصوصيتهم، وذلك بالتنسيق مع نقابة الصحفيين، وأن يتم منع التصوير أو أن تكون هناك موافقة صريحة من أهل المتوفى.
الساعات الأخيرة قبل وفاة مصطفى درويش
وجرى أمس الاثنين تشييع درويش عقب صلاة العصر من مسجد الحصري بأكتوبر، على أن يكون العزاء في مسجد الشرطة بالخمائل في الشيخ زايد بالقاهرة.
وكانت أسرة الممثل الراحل كشفت تفاصيل الساعات الأخيرة قبل وفاته المفاجئة، موضحة أنه انشغل طوال اليوم بتصوير أحد الإعلانات المجانية لدعم مؤسسة خيرية، وبعد عودته إلى منزله لم يستطع النوم، وكتب بالفعل عبر صفحته على فيسبوك أنه يعاني من الأرق، قبل أن يشعر بألم حاد في صدره، ليذهب إلى المستشفى حيث حاول الأطباء إسعافه، لكن عضلة القلب سرعان ما توقفت نهائيا.
ونعت مؤسسة “معانا لإنقاذ إنسان” الممثل درويش عبر صفحاتها، مشيرة إلى أنه كان يعمل بنفسه معها وينزل إلى الشوارع من أجل المساعدة، وختم حياته بعمل خير.