في زمن التباعد.. جزائريان يصنعان صداقة يقارب عمرها النصف قرن
يقول أرسطو في إحدى مقولاته الشهيرة، إن “الصديق الحقيقي روح واحدة في جسدين”، فهل ما زالت هذه المقولة صالحة في زمن طغت فيه الماديات وتغيرت المفاهيم، وأصبح المرء يُشكّك في وجود صداقة نابعة من القلب لا تربطها المصالح؟.. لعل قصة الجزائريين سيد علي والصادق، اللذين تقترب صداقتهما من النصف قرن، تثبت ما قاله الفيلسوف أرسطو، فالرجلان اللذان نشأ في حي القصبة العتيق، الواقع بمدينة الجزائر العتيقة، بدأت قصة تعارفهما قبل 40 سنة.
إرشاد السائحين
يقول صادق إن العلاقة التي تجمعه بسيد علي متينة جداً، وإن مصيرهما مشترك لدرجة أن لا شيء بإمكانه أن يفرقهما غير الموت، مستدلاً بالمثل الشعبي القائل “رأسي ورأسه في شاشة واحدة والمحبة عليها شواهد وعلوم”، (أي أن رأسينا في غطاء واحد والمحبة التي بيننا عليها أدلة وشواهد).
ويضيف صادق في حديثه أن اشتراكهما في العيش بحي واحد شجعهم على التعريف به للراغبين في استكشافه إذ تحولا إلى مرشدين للزوار.
ويجتهد الصديقان سيد علي وصادق للتعريف بالقصبة وتزويد السياح بكافة المعلومات عن المكان المعروف بـ أزقته الضيقة و متاحفه للتمتع بالهندسة المعمارية لقصر مصطفى باشا أو دار خداوج، والتوقف عند مطاعم المدينة العتيقة، إذ تجتذب العديد من المهتمين من صحافيين ومدونين وصناع محتوى وسائحين، سواء كانوا جزائريين أو أجانب.
كما تمتلئ المدينة بعدة مساجد، أبرزها جامع كتشاوة المعاد ترميمه حديثاً بالتعاون مع السلطات التركية، ليستعيد دوره كأجمل مساجد العاصمة الجزائرية عقب الاستقلال.
وفي القصبة يعود السائح إلى تراث إنساني وتاريخي مأهول صنفته اليونسكو على قائمتها للتراث العالمي سنة 1992. ولا زال هذا التراث العالمي يقاوم صروف الدهر، رغم تآكل بعض بناياته التي تكررت في السنوات الأخيرة خطط ومساعي ترميمها لحماية ما تبقى منه. هذا وشكلت القصبة العتيقة أحد معاقل المقاتلين في ثورة التحرير ضد المستعمر الفرنسي (1830-1962).