بنو قومي… على مهلكم
طارق سامي خوري
أبناء وطني الحبيب،
لا تتركوا العصبيات تأخذكم إلى سقوفٍ لا عودة عنها إلّا بالويل والخراب. فمن يشتم ويتطاول على الناس ليس مثالاً، ومن يشتم المقامات الملكية ليس من خيرة الناس، والأردني الحر الأصيل لا يقبل أن يتم الطعن بقيادته، في الوقت الذي يُحَضَّر فيه للطعن بالأردن، قيادة وشعباً وأرضاً.
أنا من أشرس المعارضين، ولو رأيت يوماً فساداً أو شبهة لما ترددت لحظة في التصدي لها بكل ما أوتيت من سلطة شعبية وعانيت دائماً بسب مواقفي الحادة، السياسية والحياتية والمعيشية، لأنها تنتصر للناس والوطن حتى لو على حساب مصالحي كفرد. لكن ثلة من أبناء قومي، يسرفون في الحقد ويسرفون في اختزال كل مشاكل الأردن بديباجات سمعوها وصدقوها، حتى صارت مزاجاً شعبياً يتحوّل ألعوبة بيد من يريدون جر البلاد التي بارك الله حولها لمسرح جديد من الدمار والخراب وتشتيت العباد!
أي تحرّك وطني هذا الذي يكرر جملاً مبتذلة، تقدح في جلالة الملكة؟ هل الأزمة أزمة أشخاص؟ المطالب المحقّة تتلوّث عندما تختلط فيها الحقائق
يا بنو قومي، إن الإشاعة تسري وتقطع المسافات هوناً، حين تستتر الحقيقة!
يا أهلي … أهل الأرض التي ترعرعتهم فيها ونهلتم من خيراتها، الدولة التي أبتعثت أبنائكم ومنحتكم في زمان الرخاء المنح والهبات الريعية وقدمتكم في أعلى الوظائف الحكومية، وكانت لكم دوماً صدر الديوان، لا تقابلوها بالسكاكين، فالخناجر تطال صدر البلاد لا الأفراد، وبلادنا تعاني مثلها مثل معظم العالم من تركات أزمة أقتصادية لم تبقِ ولم تذر حتى الدول المصدرة للنفط! الأردن يعاني اليوم الكثير من تبعات الماضي الثقيل، فلا تختزلوا علاقتكم بالوطن بما يمنحكم أياه وتنسون ما عليكم وتنقضون عليه في أقرب فرصة… فذلك هو البهتان بعينه!
يا بنو قومي، إن الوجع الذي سددتموه لوطنكم كان كبيراً… إن الهم الذي كان يفترض أن تحملوه حتى تعبر هذه الأزمة كان ثقيلاً… فعلى مهلكم، للحقد تبعات سوداء… على رسلكم، هذا وطنكم وهذه دياركم، ما تفعله ثلة في التحركات، للأسف، لا يرقى لأن يكون تحرّكاً وطنياً ناضجاً، بل فوضوياً شهدنا نتائجه في غالبية الدول العربية. الحراك الحقيقي هو الذي يركز على قضايا سياسية واضحة وليس ديباجات غنائية وبرودكاست، الحراك الناضج لا يُختزل بقصة مع شخص أو أثنين! حراك هادف، لا حراك كله شتم وعراك وسوالف حصيدة!
فالمراهقات السياسية لا تصنع مجداً، ومهاجمة الملكية بهذا الحد الأرعن مهاجمة للأردن، فحين تهاجم العلامات الإنسانية من شخص الملك والملكة التي تحمل إسم الأردن في المحافل العالمية، فأنت تهاجم بلادك وصورة وطنك. العلامات التي يحترمها العالم، بمعزلٍ عن موقفنا من «التصنيفات العالمية»، فإنها تضيف لسمعة البلد ومكانته وحضوره، وما تفعلونه اليوم مثل مرض المناعة الذاتية حين يهاجم الجسد أعضاءه بفعل إشارة خاطئة… البعض يأكل بلاده بلسانه!