اذا غابت العدالة الاجتماعية خيم اليأسُ ووصل الأحباط ذروته … فهي قنبلة موقوتة تنتظر من يُفككُها
حقيقة لا يستطيع أحداً انكارها عندما تتحقق العدالة الاجتماعية تنهض الدولة وتحصن المجتمع من الانفجار ومن أي هزات مفاجئة تحت ضغط الآنين الاجتماعي المتصاعد
واذا غابت تقدم الحقد والاحتقان والكراهية بكل قسوته وقوته .. فهي السبب الرئيسي لنشوب اغلب الازمات والمشكلات على اختلاف صورها واشكالها …… فالعدالة لها علاقة وثيقة بالانتماء …. فمعظم الازمات المستعصية بالمجتمعات العربية أحدها هي ازمة الابتعاد عن العدالة الاجتماعية من قبل الحكومات
فهل يعقل ونحن في هذه الحالة من ارتفاع نسب البطالة والفقر وغياب العدالة الاجتماعية أن يأتي من يُمثل العدالة الاجتماعية ويعمل على إتساع رقعة التميز في بنية الدولة …. فالتعيينات التي تتم في عتمة الليل والرواتب الفلكية للبعض والتي لم نكن نسمع عنها شيئاً باتت محل جدل في الشارع … فلطالما كانت أحدى أهم أسباب أستياء الشارع من الحكومة وفقدان للثقة في خطابها .. رغم أن ما حصل يخالف الوعود التي رُددت على مسامعنا قبل أشهر قلية بما يخصُ الشفافية والنزاهة … الخ
فلا يوجد تسويغ واحد مُقنع لما نسمعه ونُشاهده فالمحسوبية والواسطة هي الاساس فغالبية التعينات والتنفيعات تقتصر على ابناء المسؤولين واصحاب الذوات …. فعندما يُدرك الاردنيين ان الدولة تُدار لحساب نخبة وليس لحساب شعب يصبح الفرد حينها غير قادر على التضحية من اجل بلاده
فيومياً تتحدث الحكومة ونسمع منها مصطلحات كبيرة كالاصلاح السياسي والنمو الاقتصادي والتنمية السياسية والاقتصادية . لكننا نادراً ما نسمع عن مفهوم العدالة الاجتماعية وكيفية تحقيقها من اجل ضمانة سلامة المجتمع وتماسكه وثقته في مستقبله
فربما اكون خيالياً نوعاً ما فالحكومة مطالبة بالاقتراب اكثر من المواطن لبناء جدار الثقة المفقود بينها وبين الناس منذُ سنوات طويلة لتحقيق العدالة في تعييناتها وتتظخم رواتب البعض تحت مظلتها ….. فما حدث وما سمعناه ولد حالة من الاحتقان الشديد في الشارع الذي يشعر بالغبن وفقدان العدالة الاجتماعية …. فقد تجاوزت الحكومة خطوط النزاهة والشفافية
فأنا شخصياً كنت أتأمل من الحكومة ان تنتفض على سلوكيات حكومات سابقة من خلال تحقيق العدالة والكفاءة وإعادة تفعيل الثقة التي هُدمت بفعل فاعل وخلقت حالة من التوتر المجتمعي … فالتميز يولد الحقد واذا غاب العدل غاب معه الرضا وغاب معه الأمل وغابت معه اشياء كثيرة تجعل للحياة قيمة ومعنى فالكل سيدخل في حالة ترنح اذا تدهور المجتمع ويصبح المستقبل معلقاً على مجهول
فلا يمكن لشعارات الأصلاح أن تجد طريقاً لها في ظل انعدام العدالة الاجتماعية وشيوع الاحباط واليأس وضيق الافق …..فأحدى ركائز العقد الاجتماعي هو تساوي افراد المجتمع في الحقوق والواجبات
فالعبرة ليست برفع الشعارات فالاجراءات تبقى معلقة في الهواء ما لم تتم ترجمتها على ارض الواقع في سياسات عامة تُطبقها حكومة رشيدة تأخذ في الحسبان ما تم تأكيده في الورقة النقاشية السادسة للملك
فغياب العدالة قنبلة موقوتة تنتظرُ من يُفككُها … فالاردنيون لن يشعروا بالعدالة إلا عندما تُمكنهم السياسات العامة للحكومة من المحافظة على آدميتهم وكرامتهم وحصولهم على فرص متساوية دونما أقصاء أو تهميش أو محاباة … ووقوف الحكومة على مسافة واحدة من الجميع
المهندس سليم البطاينة