كتب د. فوزي السمهوري .. نجاح لفلسطين. ..فهل من تداعيات ؟
لقد نجح الرئيس محمود عباس بإمتياز عظيم ” على الرغم من محاولات إقليمية باوامر ترامبية لإفشال المؤتمر الفلسطيني الإستثنائي بظرف إستنائي بخطورته ” بحشد جميع قوى مكونات الشعب الفلسطيني السياسية المنضوية في إطار منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني وخارجها خلف برنامج نضالي وطني توافقي لمواجهة التحديات والاخطار المحدقة بالقضية الفلسطينية عبر عنه البيان الختامي التوحيدي الذي تلاه امين سر حركة فتح الاخ جبريل الرجوب والصادر عن إجتماع مؤتمر الكل الفلسطيني الذي انعقد مساء الخميس على اعلى مستوى قيادي للتنظيمات والفصائل والأحزاب الفلسطينية في مؤشر ودلالة واضحة على مدى خطورة المرحلة وتحدياتها وما تستدعيه من وجوب مغادرة مربع الخلافات ونبذها إلى مربع التوافق وتعظيم نقاط التوحد والحوار المسؤول حول مواطن الخلاف الذي لا يجب أن يؤدي باي حال إلى القطيعة أو إدامة الإنقسام تحت أي ذريعة .
الإجماع الفلسطيني رسالة قوة :
حمل إجتماع الخميس برئاسة محمود عباس رئيس دولة فلسطين رئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية وما سبقه بساعات البيان الصادر عن اللجنة السياسية للمجلس الوطني الفلسطيني بمشاركة مكتب هيئة رئاسة المجلس التي اجتمعت بناءا على طلب من رئيس المجلس الاخ المناضل سليم الزعنون والداعم بقوة للاجتماع واهدافه بمجابهة صفقة القرن التامرية وسياسة نتنياهو ومعسكره المتطرف المدعومة من ترامب وإدارته المتصهينة بترسيخ الاحتلال وضم الاراضي والتطبيع مع الكيان الصهيوني خلافا للقرارات الدولية وللمبادرة العربية معان عدة منها :
• يأتي في خطوة قد تكون من أهم الخطوات الهادفة إلى ترتيب البيت الفلسطيني وفق إستراتيجية خطها الرئيس أبو مازن ماض في إنجازها .
• التاكيد على أن م ت ف الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني و الإطار الوحيد الجامع لمكونات وقوى الشعب الفلسطيني داخل الأرض المحتلة وخارجها والكفيل بإجهاض كافة المؤامرات الهادفة إلى تصفية القضية الفلسطينية أو النيل من قوة ووحدانية وشرعية تمثيلها الذي انتزعته بنضالها وإنضواء والتفاف جماهير الشعب الفلسطيني حول برنامجها الوطني وقيادتها في محاولة بائسة للترويج لفرض قيادة شكلية منبوذة من جمهور الشعب الفلسطيني تعمل على تنفيذ أهداف الحركة الصهيونية .
• إستقلالية القرار الفلسطيني أساس لإجهاض كافة المؤامرات الإقليمية والدولية .
• التأكيد على الثوابت الفلسطينية في حدها الأدنى والمكفولة في ميثاق الامم المتحدة والقرارات الدولية ذات الصلة والمضي قدما في مسيرة النضال الوطني الفلسطيني الذي إنطلق في الاول من كانون الثاني عام 1965 حتى التحرير وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس وتمكين اللاجئين الفلسطينيين من العودة إلى مدنهم وقراهم تنفيذا لقرار الجمعية العامة رقم 194 .
• التأكيد على رفض قرار الإمارات العربية الإعتراف بالكيان الصهيوني الإستعماري التوسعي الذي يعني تلقائيا إنكار لحق الشعب الفلسطيني في وطنه وبحقه بالعودة وبحقه في التحرر من نير الإستعمار الصهيوني وإقامة دولته الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس كما ينسحب ذلك برفض خضوع أي نظام عربي أو صديق للضغوط الترامبية النتنياهوية نحو الإعتراف بالكيان الصهيوني الإستعماري التوسعي أو لإقامة أي شكل من أشكال العلاقات والاتصالات السرية والعلنية المباشرة وغير المباشرة .
• التأكيد على الإلتزام بنهج الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان والحوار للعمل الفلسطيني وفي الدولة الفلسطينية المستقلة بعد التحرير .
• التأكيد على ضرورة إضطلاع مجلس الامن” بمعزل عن امريكا الترامبية بسبب إنقلابها على القانون الدولي بل على نظام الامم المتحدة وبسبب إنحيازها الأعمى لدعم نتنياهو ومعسكره بما يمثله من تطرف وعنصرية ” بما يمثله من نفوذ دولي للعمل على فرض هيبة الأمم المتحدة على ” إسرائيل ” التي دمرتها برفضها تنفيذ أي من مئات القرارات الصادرة عن الجمعية العامة للأمم المتحدة ومجلس الأمن الداعية الى إنهاء احتلالها دون أي إجراء رادع عقابا على ضربها عرض الحائط بالشرعة الدولية في ظل إزدواجية واضحة مما أدى إلى شعور قادة الكيان الصهيوني العنصري بأنه فوق القانون الدولي .
• ترسيخ الإيمان بقدرة الشعب العربي وأحرار العالم بالإنتصار للشعب العربي الفلسطيني وبالعمل بكافة الوسائل المتاحة على رفض وإجهاض مؤامرات الثنائي نتنياهو ترامب وادواته الهزيلة بتصفية القضية الفلسطينية وتقويض حقوقه الاساسية وبوقف إختراق الصهيونية العدوانية للجبهة الدولية العريضة المؤمنة بتصفية الاستعمار وبحق الشعوب بتقرير مصيرها وتنصيب الحركة الصهيونية زعيما للمنطقة العربية على إتساع جغرافيتها .
— الموقف الموحد لجميع القوى الفلسطينية برفض مؤامرة صفقة القرن وكافة ما يتفرع عنها من مقدمات بدعم شعبي عبرت عنه سابقا وستعبر عنه لاحقا كافة مؤسسات المجتمع المدني على إختلاف أهدافها .
تداعيات نتائج الإجتماع :
للتوافق الفلسطيني تداعيات سلبية على أعداء الحرية والعدالة وحقوق الإنسان وسيادة القانون الدولي من حيث :
أولا : خسارة نتنياهو وإدارة ترامب بالرهان على فشل الإجتماع وبالتالي القدرة على فرض تمرير صفعة القرن بموافقة فلسطينية أو عربية قبيل الإنتخابات الأمريكية وإنعكاس ذلك سلبا على حملة ترامب الإنتخابية .
ثانيا : إحراج لبعض الأنظمة العربية التي تسعى لتبرير خنوعها لضغوط ترامب بالخلافات والانقسام الفلسطيني كذريعة مرفوضة سلفا للإعتراف بشرعية الكيان السرطاني الصهيوني في الجسد العربي وهنا أتحدى أن يثبت أي نظام عربي مرشح للتطبيع مع العدو الصهيوني إستقرار حكمه ونيل شرعية وجوده من شعبه .
ثالثا : تعزيز صلابة ومناعة الجبهة الدولية العريضة الرافضة لمؤامرة نتنياهو ترامب والداعمة لحقوق الشعب الفلسطيني إنسجاما مع قيمها بالديمقراطية والحرية وإعلاء قيم حقوق الإنسان وكفالة حق تقرير المصير وإعمالا بمبادئ الأمم المتحدة .
بناءا على ما تقدم من المرجح أن تشهد الأيام والأسابيع القليلة القادمة هجوما مضادا من قبل ترامب وإدارته بشكل مباشر او غير مباشر موظفا ادواته وحلفاءه في حملة شرسة تستهدف النيل من إرادة الشعب الفلسطيني وقيادته بعد الفشل الذريع لتركيع الشعب الفلسطيني المؤدي إلى فشل سياسته الخارجية نتيجة لصلابة وشجاعة موقف القيادة الفلسطينية ورمزها السيد ابو مازن في مواجهة مؤامرة ترامب رافضا لعقد اي لقاء مع إداراته اللاهثة وراء مثل هذا اللقاء لما له من دعم إيجابي لحملته الإنتخابية قبل العودة عن جميع قراراته المنحازة لنتنياهو .
وللهجمة أشكال عدة منها :
▪ إستهداف القيادة الفلسطينية ورمزها الرئيس محمود عباس شخصيا من خلال التلويح بفرض عقوبات وتحميله مجددا مسؤولية إجهاض مخططه التآمري المسمى صفقة القرن .
▪ إرسال رسائل تلوح بالتهديد بإتخاذ مزيد من القرارات السرية والعلنية بهدف تجفيف موارد منظمة التحرير الفلسطينية إلى جانب تجفيف موارد الحكومة الفلسطينية على أمل إنتفاضة الشعب بوجه قيادته متجاهلين أن إرادة الشعب الفلسطيني والتفافه حول قيادته الشرعية أقوى من كل جبروتهم وطغيانهم .
▪الإيعاز لبعض الأنظمة العربية التي احجمت عن دعم الإتفاق الثلاثي التآمري على فلسطين وشعبها لتأييد الإتفاق والضغط على دول مرشحة للحاق بالإمارات للتعجيل بالاعتراف بدولة الإحتلال الصهيوني في محاولة للضغط على القيادة الفلسطينية عبر محاولات عزلها عن محيطها وعمقها العربي .
▪دعم القوات الصهيونية لشن مزيد من الهجمات والاقتحامات في عمق المدن الفلسطينية المصنفة وفق إتفاق اوسلو بمنطقة A .
▪إعطاء الضوء الأخضر للقيادات الصهيونية للبدء بتنفيذ قرار الضم او التلويح بذلك .
هذه التداعيات بالرغم من مدى نسبة إمكانية اللجوء إليها كليا أو جزئيا تتطلب من القيادة الفلسطينية بحكمتها مزيدا من الحذر فلم يعد بالإمكان التنبؤ بخطوات ترامب سعيا وراء رفع شعبيته على حساب حقوقنا العربية والفلسطينية على رأسها كما تتطلب من القوى الفلسطينية الشروع الفوري لتفعيل وتحفيز الفعاليات الجماهيرية الرافضة لكافة أشكال المؤامرات الهادفة إلى تصفية القضية الفلسطينية وما يرافقها من ضغوطات على الساحات داخل الأرض المحتلة وخارجها وتوثيق علاقاتها مع نظرائها في أماكن تواجدها لتنظيم فعاليات إحتجاجية أمام السفارات الأمريكية وفعاليات امام مقار الامم المتحدة تطالب بشجب وإدانة السياسة الصهيونية الإستعمارية المدعومة من ترامب في إنتهاك صارخ لميثاق الأمم المتحدة وللشرعة الدولية ودعوتها للاضطلاع بواجباتها في العمل على تصفية الاستعمار الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية والعربية المحتلة وعلى تنفيذ القرارات الدولية ذات الصلة بالقضية الفلسطينية .
بعد نجاح مؤتمر الأمناء العامين يوم الخميس الماضي…. لم يعد مكانا للتقاعس متذرعين بالمناخ العام…. فالرئيس ابو مازن أكد على موقفه كرئيس لدولة فلسطين ولمنظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني بدعم كل القرارات والتوصيات التي ستصدر عن اللجان المشكلة وفق مخرجات مؤتمر الكل الفلسطيني…. والشعب الفلسطيني يتطلع إلى إستراتيجية عمل موحدة في مواجهة صفقة القرن والتطبيع ومصادرة الأراضي وتجميد عناوين أخرى مختلف حول نجاعتها في ظل موازين القوى التي تميل لصالح العدو الصهيوني لما بعد مرحلة تحقيق الأهداف المتوافق عليها…..؟!
الدكتور فوزي علي السمهوري