مواجهة فرنسية أميركية في الأمم المتحدة حول الصراع الإسرائيلي الفلسطيني
قالت بعثة الولايات المتحدة في الأمم المتحدة إنها “لن تدعم أي تحركات تعتقد أنها تقوض جهود التهدئة” بين إسرائيل والفلسطينيين، وذلك في معرض ردها على سؤال الأربعاء بشأن مبادرة فرنسية لاستصدار قرار من مجلس الأمن الدولي في هذا الصدد.
وقال متحدث باسم البعثة “كنا واضحين وثابتين على موقفنا وهو أننا نركز على الجهود الدبلوماسية المكثفة الجارية لوضع حد للعنف ولن ندعم أي تحركات نعتقد أنها ستقوض جهود التهدئة”.
وبدأت مواجهة بين فرنسا والولايات المتحدة في الأمم المتحدة بشأن الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، هي أول أزمة مفتوحة بين الحليفين منذ وصول جو بايدن إلى البيت الأبيض ووعده بإعادة الانخراط في الدبلوماسية متعددة الأطراف.
بعد ثمانية أيام من فشل مجلس الأمن الدولي في اعتماد إعلان يدين العنف في الشرق الأوسط، تقدمت فرنسا الثلاثاء بمشروع قرار يدعو إلى “وقف العمليات العسكرية” و”إيصال المساعدات الإنسانية” خصوصا إلى قطاع غزة المحاصر.
لم تقترح باريس موعدا للتصويت، فهل تلك وسيلة لتعزيز الضغط على الولايات المتحدة لتشديد موقفها تجاه إسرائيل؟ الشيء الوحيد المؤكد هو أن الرئيس الأميركي دعا الأربعاء إلى وقف التصعيد بين اسرائيل والفلسطينيين “اليوم”.
الولايات المتحدة هي أحد الأعضاء القلائل في المجلس الذين اطلعوا على فحوى المقترح وفق ما أفاد دبلوماسي، ولم يتأخر ردها القاطع وتلميحها إلى استعمال حقّ النقض (الفيتو) في حال المضي قدما فيه.
وقالت متحدثة باسم البعثة الأميركية في الأمم المتحدة لوكالة فرانس برس “كنا واضحين في أننا نركز على الجهود الدبلوماسية المكثفة الجارية لإنهاء العنف وأننا لن ندعم الخطوات التي نعتبر أنها تقوض الجهود الرامية إلى وقف التصعيد”.
من جهته، قال وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان خلال جلسة استماع في الجمعية الوطنية إن “الموقف الأميركي سيكون حاسما (…) صحيح أننا رأينا الولايات المتحدة متحفظة قليلا إزاء كل ذلك”.
وأضاف أن “إطالة العمليات لا يفيد أحد. من الضروري للغاية تجنب هجوم بري إسرائيلي سيفتح مرحلة لا يمكن السيطرة عليها”، مشددا على أن “أول خطوة يجب تنفيذها هي وقف العمليات العسكرية في أسرع وقت”.
وتابع الوزير “نأمل حقا أن تتخذ تدابير إنسانية بسرعة كبيرة”.
تتبع واشنطن، أكبر حلفاء إسرائيل، هذه السياسة منذ عشرة أيام، إذ رفضت ثلاثة إعلانات اقترحتها الصين وتونس (ممثلة العالم العربي في المجلس) والنروج.
كذلك ماطلت الولايات المتحدة في تنظيم أربعة اجتماعات للمجلس منذ 10 أيار/مايو، حتى أنها تسببت في تأجيل أحدها قبل أن يعقد أخيرا الأحد بصيغة مفتوحة.
توتر ملموس
يعجز حلفاء واشنطن الأوروبيون التقليديون عن فهم أسباب ذلك.
قالت جيرالدين بيرن ناسون، سفيرة ايرلندا العضو غير الدائم في مجلس الأمن، الثلاثاء إن “أعضاء المجلس يتحملون مسؤولية جماعية عن السلم والأمن الدوليين. حان الوقت لكي يتدخل المجلس ويكسر صمته ويتحدث”.
وقال سفير أوروبي آخر طلب عدم كشف اسمه “نحن ببساطة نطلب من الولايات المتحدة دعم بيان لمجلس الأمن يقول أشياء مماثلة لتلك التي تقولها واشنطن على الصعيد الثنائي”.
وصرّح سفير آخر لوكالة فرانس برس طلب عدم الكشف عن هويته “إنه أمر غريب بعض الشيء بسبب تطلعنا جميعا لعودة الأميركيين إلى الدبلوماسية متعددة الأطراف”.
وأضاف “اعتقدنا أيضا أن الولايات المتحدة ستكون حريصة على إظهار أهمية مجلس الأمن في مثل هذه المواقف”.
قد يترك التوتر الملموس بين فرنسا والولايات المتحدة آثارا على ملفات أخرى.
في الأمم المتحدة، ظهر خلاف كبير الثلاثاء بين البلدين بشأن تقديم المساعدة إلى القوة المناهضة للجهاديين في منطقة الساحل الإفريقي.
باريس المنخرطة سياسيا وعسكريا بشدة في المنطقة، تقوم منذ سنوات بحملات لتوفير دعم مالي ولوجستي وعملياتي عبر الأمم المتحدة للقوة المؤلفة من 5 آلاف عسكري يعانون من سوء التجهيز ويتحدرون من النيجر وتشاد وموريتانيا ومالي وبوركينا فاسو.
وكانت إدارة الرئيس الجمهوري السابق دونالد ترامب ترفض رفضا قاطعا المساعدة. وكانت فرنسا تأمل في أن يحدث تحول مع خلفه الديموقراطي جو بايدن.
عبّرت واشنطن في وقت سابق هذا الأسبوع عن موقف سلبي تجاه الفكرة، وقالت إنها على غرار الإدارة السابقة تفضّل تقديم مساعدات ثنائية بدلا من الالتزام بتمويل عبر الأمم المتحدة قد يكون بلا نهاية.
أ ف ب
التعليقات مغلقة.