العدمية السياسية وضعف الاداء .. وزلات لسان من العيار الثقيل لا تُغتفر.

240

إن الرسالة الإعلامية الصادرة عن الحكومة خصوصاً في ذروة وقت الأزمات لا بد أن يكون لها تأثير إيجابي في حياة الناس وخالية من الإحباط واليأس .. وتعمل على رفع الروح المعنوية للشعب.

فإستسهال الظهور أمام الماكريفونات والكاميرات قد يدلل على شجاعة وثقة كبيرة في النفس .. وبنفس الوقت يُدلل على جهل وضعف وهوان إذا لم تتوافق الصورة مع المحتوى.

فمن يتصدر الإعلام يجب أن يكون حذراً في كل كلمة يدلي بها .. فالأردنيون يقيّمون كل كلمة يدلي بها أي مسؤول في الحكومة أو الدولة .. فكل كلمة و قول مرصود ومحسوب .. والرأي العام يحاسب على أصغر هفوة وزلة لسان.

فكلمة واحدة قد ترفعك وأخرى قد تُخفضك .. فعندما تصدر الكلمة من مسؤول فهي تعني الكثير بالنسبة لعامة الناس خصوصاً في ظل المناخات المتوترة التي تلتقط وتصطاد الهفوات والأخطاء.

فالعاقل من يكثر الصمت .. وشر التصريحات ما يُضحك أحياناً وخصوصاً عندما تتدحرج الرؤوس.

فمن لم يقرأ التاريخ يعيده .. فالتاريخ لن ينحرف طالما أن روايته صحيحة .. فقد كثرت الزلات والتصريحات الغير مقبولة والمرتجلة والغير مسؤولة والمستغربة من قبل البعض .. والناس تتساءل عن فحواها ، ولماذا صدورها الآن ؟ ولصالح من تلك التشكيكات والتلميحات ؟

فمعظم من تصدر الماكريفونات من المسؤولين تجاوز الحدود بكل شيء وبات يصرح بما ليس من شأنه وعمل على نشر الروح الإنهزامية والخوف وتسبب بحرج كبير للدولة.

فكثيراً من التجارب السابقة لمسؤولين كبار كانت نهايتهم بسبب لسانهم .. والكثير منهم لم يستوعب حدود المسؤولية .. فعندما يتخلى المسؤول عن دوره المهني ويفكر بالسياسة تكثر أخطائه ويسهل اصطياده .. فزلات اللسان عندما تكون من العيار الثقيل تتسبب بأزمات وتكون كلفتها السياسية مُرتفعة جداً ومؤثرة وتشغل الرأي العام ولا تُغتفر.

فلم نعد نميز كثيراً بين الشخوص وتغير الأدوات أحياناً .. فكثيراً من تصريحات المسؤولين والتي أقل ما يمكن أن توصف به أنها استفزازية وتُشكّك في قدرة وقوة مؤسسات الدولة.

فغالبية من يصل إلى منصب في الأردن هذه الأيام ليس مهيّأ لإحتياجات ومتطلبات ذلك المنصب ويفتقر إلى الحد الأدنى من المهارات والقدرات .. ونجده لا يعرف حدود ما يقال وما لا يقال لعدم إلمامه بالفقه الإعلامي بحيث تترسخ قناعة قوية للناس أن عقلهم لا يستطيع استيعاب وفهم ما يقولونه .. وأن مثل تلك الهفوات والزلات تُثير زوبعة من ردود الأفعال .. فكثيراً ما حفلت وسائل الإعلام على أنواعها بأخطاء وعثرات وزلات لسان المسؤولين بحيث تُدخل الحكومة في متاعب وأزمات.

فإتزان الكلام مرهون بقامة الشخص ومكانته ومركزه رغم قناعتي بأن الخطأ يكون كبيراً بقدر ما يكون صاحبه كبيراً .. فحسن صياغة الأفكار بشكل متزن يجنبنا القنابل الموقوتة .. فزلة القدم أسهل من زلة اللسان.

فمصطلح فلتة اللسان بات مشهوراً في عالم السياسة واعتاد السياسيون على توظيفه كبديل عن الإعتذار .. فهناك الكثير من المسؤولين ممن خذلتهم ألسنتهم وتسببت لهم بالكثير من الإرتباك.

فمؤسس علم التحليل النفسي الطبيب النمساوي Sigmund Freud قال أن زلات اللسان تعكس ما يجول في اللاوعي وتكون خارجة عن مجال سيطرة العقل وتُقابل بردة فعل عاصف وتترافق مع نوع من الإرتباك .. وهي بمثابة إعلان عن أمر خفي وليس عفو الخاطر خصوصاً عندما تصدر من المسؤولين.

والفيلسوف الألماني Georg Friedrich قال أيضاً ( نتعلم من التاريخ .. أن أحداً لا يتعلم من التاريخ )

فالقوات المُسلحة الأردنية هي نقطة تلاقي الأردنيين وهي عماد الوطن وضمانته .. فالجيش والأجهزة الأمنية لديها القدرة والكفاءة الإحترافية ما يمكّنها من التعامل مع أية مخاطر قد تُهدد البلاد .. وعقيدة الجيش كما هي لم تتغير.

فالتلميح والتشكيك حول جاهزية الجيش هي إخفاقات لا يبررها تعليلات وتفسيرات.

التعليقات مغلقة.