ثورة القدس .. إنتصار لإرادة الشعب الفلسطيني .. هزيمة للمستعمر
كتب د فوزي علي السمهوري
هبة القدس منذ بداية شهر رمضان آخذة بالتدرج إلى إنتفاضة ثم ثورة شاملة ما دامت القوات الإستعمارية الإسرائيلية العنصرية محتلة لأراض الدولة الفلسطينية المعترف بها وفق قرار التقسيم رقم 181 .
هبة الشعب الفلسطيني التي شهدتها ولم تزل تشهدها القدس ومدن وقرى الضفة الفلسطينية وقطاع غزة وفي فلسطين التاريخية المحتلة منذ عام 1948 أثبتت وتثبت أن فلسطين وعاصمتها القدس بما تحتله من مكانة تاريخية وحضارية ودينية كانت وستبقى خارج الخلافات والتجاذبات القطرية والاقليمية والعالمية لما تحظى به من إجماع عربي وإسلامي ومسيحي ولأحرار العالم على الاصعدة الشعبية والرسمية كما ستبقى تمثل المحفز والدافع الأساس لتوحيد القوى المناوئة لإستمرار الإحتلال الإستعماري الإسرائيلي لفلسطين .
القدس مركز الصراع :
بعد الوهم الذي أصاب مجرمي الحرب الإسرائيليين المدعومين من أسيادهم وادواتهم بأنه قد تم تدجين وتركيع الشعب الفلسطيني وإستسلامه لمخططاته العدوانية التوسعية مما دفعه للإنتقال إلى تنفيذ المرحلة الثانية من موامرته بترسيخ وتأبيد إحتلاله والامعان بإرتكاب جرائمه وإنتهاكاته بحق فلسطين وشعبها بدأ من القدس ومقدساتها دون الاخذ بعين إلاعتبار إمكانية ولادة هبة جماهيرية عريضة ” التي اضحت حقيقة ” في القدس كهبة جماهيرية امتدت لتشمل الساحات العربية والاسلامية والعالمية رافضة لسياسات وجرائم نتنياهو بما يمثله كرمز وعنوان لمجرمي الحرب ولمعسكره اليميني العنصري المتطرف إنطلاقا من مركزها وبوصلتها القدس .
تداعيات ودلالات هبة القدس :
لهبة القدس المتدحرجة ككرة ثلج تداعيات ودلالات ورسائل منها :
أولا : التأكيد على وحدة الشعب الفلسطيني باجياله المتعاقبة وفي كافة أماكن تواجده بتعبير عن عمق إنتماءه لهويته ولوطنه التاريخي .
ثانيا : فشل أهداف الحركة الصهيونية العدوانية بإستراتيجيتها القائمة على شرعنة كيانها المصطنع عبر مقولة الكبار يموتون والصغار ينسون وبأن فلسطين وطن بلا شعب لشعب بلا وطن ” بالرغم من أن الدين لا يشكل شعبا ” .
ثالثا : أن إرادة الشعب الفلسطيني الوطنية النضالية وإيمانه بعدالة قضيته وقدرته على الإستمرار في ثورته التي إنطلقت في 1 / 1/ 1965 حتى النصر والتحرير وإقامة دولته المستقلة بعاصمتها القدس أقوى من جحافل القوة العسكرية الغاشمة لسلطات الإحتلال الإسرائيلي الإستعمارية .
رابعا : أن الدول الفاعلة من المجتمع الدولي كالاتحاد الأوربي وروسيا والصين وبعض المؤشرات التي تصدر عن إدارة بايدن لم تعد قادرة على تحمل وزر وعبئ الجرائم الإسرائيلية التي ترتكبها قواته العسكرية النظامية وميليشياتها الاستيطانية المسلحة ” المستوطنين ” وبارتكاب أعمال قتل خارج القانون وإعتقالات تعسفية وتدمير ومصادرة أراض وفرض عقوبات جماعية وإصدار قوانين عنصرية وقمع المسيرات وفعاليات التجمع السلمي بوحشية في كافة المدن والقرى الفلسطينية وخاصة في القدس ولإنتهاكاتها لمبادئ وميثاق الأمم المتحدة وللقانون الدولي و للإعلان العالمي لحقوق الإنسان وللعهود والمواثيق والإتفاقيات الدولية لما تمثله لها من قيم ولو ببعدها النظري .
خامسا : تعرية وفضح جرائم سلطات الإحتلال العسكري الإسرائيلي بأشكالها حية على الهواء أمام العالم مما أثار رأيا عاما في معظم دول العالم ضاغطا على حكوماتها للتحرك والعمل لوقف الجرائم والعدوان الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني ولإنهاء إحتلاله الذي طال امده بسبب تحييد إعمال القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة ولقراراتها من جانب الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن أو بعضها .
سادسا : فشل خطة مجرم الحرب نتنياهو ومعسكره من خلال شن و تصعيد عدوانه على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة بهدف حرف بوصلة النضال عن القدس التي تمثل العنوان الأهم والابرز في صراع الإرادتين إرادة الحق وسموها ممثلة في إرادة الشعب الفلسطيني وإرادة الباطل الإستعماري الإسرائيلي .
سابعا : كشفت لقادة دول يعانون من العمى السياسي عن الوجه الحقيقي الاجرامي لطبيعة نتنياهو ومعسكره الاجرامية وبالتالي الفشل الذريع لامكانية نجاح السماسرة بتسويق ” إسرائيل ” الإستعمارية إقليميا وعربيا وإسلاميا كدولة طبيعية محبة للسلام .
الإحتلال الإسرائيلي صلب النزاع :
يبدو أن الدول الكبرى الفاعلة والنافذة قد بدت على قناعة بأن الإحتلال الإسرائيلي لفلسطين وإستمراره يشكل مصدر تهديد دائم وحقيقي للسلم والأمن الإقليمي والدولي مما حدا بقيادة دوله النافذة بالدعوة إلى ضرورة العودة إلى حل الصراع من جذوره الذي لا يمكن أن يعني بالنسبة للشعب الفلسطيني وقيادته الشرعية ممثلة في منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني ورمزها الرئيس محمود عباس باي حال سوى تمكين الشعب الفلسطيني من ممارسة حقه بتقرير المصير وإنهاء الإستعمار الإحلالي الإسرائيلي لأراض الدولة الفلسطينية المعترف بها دوليا وبتمكين اللاجئين الفلسطينيين من العودة إلى مدنهم وقراهم وذلك تنفيذا لجميع القرارات الدولية ذات الصلة دون إزدواجية وإنتقائية .
الشعب الفلسطيني إنطلق في هبته بعد أن سئم من غياب إرادة دولية جادة للضغط على السلطات الإستعمارية الإسرائيلية لإنهاء إستعمارها لوطنه إنتصارا لحقوقه الأساس والاستعاضة عن ذلك برفع الشعارات التي ثبت أن أقصى ما تهدف إليه إدارة الصراع وما يعنيه من نتائج على الواقع ترسيخ الإحتلال الإستعماري الإسرائيلي لفلسطين وبات الشعب الفلسطيني ينظر فقط إلى ما يمكن أن يتم ترجمته من إجراءات عملية ضاغطة لإنهاء الإحتلال الإستعماري الإسرائيلي تنفيذا لكافة القرارات الدولية ذات الصلة وفق جدول زمني محدد المدة .
لم يعد مكانا لدى الشعب الفلسطيني لصرف لغة القلق والخوف الواردة في بيانات مجلس الأمن المتقاعس عن الاضطلاع بمهامه وواجباته لحفظ الأمن والسلم الدوليين ومتابعة تنفيذ القرارات الصادرة عن مجلس الأمن او الجمعية العامة للأمم المتحدة وضمان تصفية الإستعمار الذي لم يعد قائما إلا في فلسطين دون أن تترافق تلك المواقف بإجراءات تنفيذية وفق البند السابع .
الأمم المتحدة فقدت الى حد كبير بل لم تعد تحظى بثقة أحرار العالم دولا وشعوبا نتيجة : –
— للإزدواجية في التعامل مع قضايا العالم والقضية الفلسطينية النموذج الثابت لذلك .
— توظيف دور الأمم المتحدة في خدمة الدول دائمة العضوية بمجلس الأمن دون النظر في مصالح باقي دول العالم وأمنها وإستقرارها وإزدهارها .
— نظام الفيتو المناط حصرا بالدول دائمة العضوية في مجلس الامن وما يعنيه من تهميش لدور وصلاحيات الجمعية العامة للأمم المتحدة .
لإعادة الثقة العالمية بالأمم المتحدة المجتمع الدولي بمؤسساته يقع على كاهل وفق نظام الأمم المتحدة واجب تمكين الشعب الفلسطيني من التحرر من نير الإستعمار الإسرائيلي العنصري وإقامة دولته الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس وتمكين اللاجئين الفلسطينيين من العودة إلى مدنهم وقراهم التي طردوا منها عنوة عام 1948 تنفيذا للقرارات رقم 181 و194 .
كما يقع على كاهل المجتمع الدولي مسؤولية فرض العقوبات على سلطات الإحتلال الإستعماري الإحلالي الإسرائيلي وصولا لتجميد عضوية كيانه المصطنع لعدم الالتزام بتنفيذ قرار الجمعية العامة للامم المتحدة رقم 273 الذي اشترط على ” إسرائيل ” لقبولها عضوا في الجمعية العامة للأمم المتحدة تنفيذ القرارين رقم 181 و 194 ذلك القرار وغيره من القرارات التي بقيت حبيسة الأدراج منذ عام 1947 دون أن تجد سبيلا لتنفيذها. …
إزدواجية وإنتقائية مجلس الأمن باتخاذ الإجراءات اللازمة لتنفيذ القرارات والإنحياز العملي الأعمى للعدوان الإسرائيلي ودعمه سياسيا وعسكريا وإقتصاديا وتمكينه الإفلات من المساءلة والعقاب. .تهديد حقيقي للأمن والسلم الدوليين. ..
القدس ستبقى بوصلة النضال الوطني الفلسطيني ولجميع أحرار العالم. ..ولن يتمكن مجرمي الحرب بزعامة نتنياهو وادواته من حرف عنوان وبوصلة الصراع عن القدس …؟!
شعار حل الدولتين بات بلا معنى فالدول الكبرى مكنت عمليا العصابات الصهيونية الاجرامية من إقامة دولة عدوانية على أرض فلسطين التاريخية وتخلت في ذات الوقت عن تمكين الشعب العربي الفلسطيني من إقامة دولته المستقلة على الحدود المحددة بقرار التقسيم الجائر الصادر في تشرين الثاني 1947…. والمعترف بها وفق مضمون قرار مجلس الأمن الذي وافق على قبول إسرائيل عضوا في الجمعية العامة للأمم المتحدة إستنادا إلى قرار 181…. فلسطين قيادة وشعبنا تقدر الموقف الأردني الاستراتيجي خاصة ومواقف جميع الدول الداعمة لنضاله بكافة الوسائل المكفولة دوليا بقيادة م ت ف حتى إقامة الدولة العربية الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف بإذن الله …؟!
التعليقات مغلقة.