الجيش اللبناني ينتظر مساعدات دولية تعزز صموده بمواجهة الانهيار الاقتصادي
78
Share
الأردن اليوم : يعوّل الجيش اللبناني، عشية مؤتمر دولي مخصّص لدعمه تنظمه باريس، على الحصول على مساعدات ملحّة تمكّن عناصره الذين فقدوا قيمة رواتبهم من الصمود في مواجهة أزمة اقتصادية متفاقمة تعدّ من بين الأسوأ في العالم.
وبخلاف مؤتمرات دولية سابقة هدفت لدعم قدرات الجيش العسكرية وعتاده، ينظر مؤتمر باريس في توفير مساعدات عاجلة تتضمن مواد غذائية وقطع صيانة، عادة ما تُخصص لدول غارقة في النزاعات أو تواجه كوارث طبيعية.
وقال مصدر عسكري لبناني لوكالة فرانس برس الأربعاء “نحن بحاجة الى مواد غذائية، إلى طبابة والى دعم العسكريين” حتى “يستمر الجيش في ظل هذه الأزمة الاقتصادية”.
وأضاف “يؤثر تدهور قيمة الليرة على العسكريين.. لم تعد رواتبهم تكفيهم”.
وعلى وقع أزمة اقتصادية متمادية، صنّفها البنك الدولي من بين الأكثر شدة في العالم منذ عام 1850، وسط شلل سياسي مزمن، لم تبق مؤسسة الجيش بمنأى عن تداعيات الانهيار وتدهور سعر الصرف الذي تجاوز هذا الاسبوع 15 ألف ليرة مقابل الدولار.
وأصبح راتب الجندي العادي يعادل أقل من مئة دولار مقارنة مع نحو 800 دولار قبل بدء الأزمة صيف عام 2019. واضطرت قيادة الجيش قبل عام إلى حذف اللحوم من وجبات العسكريين، قبل أن تعتمد تقشفاً كبيراً في موازنتها.
وتشارك نحو عشرين دولة من بينها الولايات المتحدة ودول الخليج ودول أوروبية عدّة في المؤتمر الافتراضي فضلاً عن ممثلين من الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي، وفق ما أوضحت وزيرة الجيوش الفرنسية فلورانس بارلي خلال اجتماع لمجلس الوزراء الأربعاء.
وأوضحت مصادر بارلي أن الجيش اللبناني يواجه “منذ أشهر عدة.. صعوبات في تأمين حاجاته الأساسية” المتعلقة بالغذاء وصيانة العتاد، معتبرة أن “ما يزيد من خطورة المشكلة هو أن الجيش اللبناني مؤسسة أساسية تحول دون تدهور الوضع الأمني في البلاد بشكل كبير”.
– “احتياجات محددة” –
ويناقش المجتمعون الخميس الشكل الذي ستتخذه المساعدات من تحويل أموال أو إرسال سلع فضلاً عن قسائم غذائية وغير ذلك.
وقالت المصادر الفرنسية ذاتها إنّ الجيش اللبناني فصّل “حاجات محددة جداً” على صعيد المواد الغذائية من حليب وطحين وغيرهما وأدوية إضافة الى قطع غيار لصيانة العتاد ووقود. وتقدر قيمة الاحتياجات “بعشرات ملايين اليورو”.
ولن تشمل المساعدات، وفق باريس، شراء عتاد أو دفع رواتب، في وقت تشترط الأسرة الدولية لتوفير أي دعم اقتصادي ومالي للبنان إجراء إصلاحات بنيوية لم تتبلور حتى الان مع تعثر تشكيل الحكومة.
وتعكس هذه الاحتياجات “الطابع الحرج” للوضع داخل المؤسسة العسكرية، التي حذّرت قيادتها مراراً من تداعياتها على القيام بواجباتها العسكرية في حال ازداد الوضع سوءاً.
وصرّح المستشار الأول لبرنامج العلاقات المدنية-العسكرية في الدول العربية في مركز مالكوم كير–كارنيغي للشرق الأوسط آرام نيرغيزيان لوكالة فرانس برس “في عالم مثالي، يستفيد الجيش من (دعم) الحكومة اللبنانية التي لا تكتفي بزيادة رواتب القوات المسلحة بل بشكل أشمل القطاع العام”.
وتابع “بما أن هذا الأمر لن يحصل قريبا” هناك ضرورة لتقديم “مساعدة عينية” من أجدل توفير “مواد أساسية” للعسكريين “ينفقون عليها حاليا رواتبهم التي انخفضت قيمتها الشرائية بشدة”.
ويهدف مؤتمر باريس إلى “حثّ الدول الشريكة على التفكير بشكل خلاق في كيفية مساعدة الجيش اللبناني خلال عام 2021، ولكن بأساليب تسمح لقيادة القوات المسلحة بالتركيز على مهامها- أمن الحدود ومكافحة الإرهاب والاستقرار الداخلي- بدلاً من خوض معركة فردية للحفاظ على استقرار الجيش اللبناني بغياب مساعدة حقيقية من الحكومة”.
واستبق قائد الجيش جوزف عون انعقاد المؤتمر الخميس بتأكيده الثلاثاء أمام عدد من العسكريين، وفق مقطع مصور نشرته قيادة الجيش على تويتر، “نقوم بالمستحيل حتى نخفف المعاناة والأعباء الاقتصادية عن العسكر”.
وأضاف في معرض حديثه عن المؤتمر “نضطر للالتجاء الى الدول الصديقة من أجل الحصول على مساعدات، ولكن (مستعد أن) أتوجّه ’الى آخر الدنيا’ لأجلب مساعدات كي يبقى الجيش” صامداً.
– “أزمة كبيرة” –
ويأتي انعقاد المؤتمر بعد ثلاثة أسابيع من زيارة أجراها عون بدعوة من نظيره الفرنسي الى باريس، حيث أعلن أن الجيش “يمر بأزمة كبيرة، آيلة للازدياد بسبب الوضع الاقتصادي والاجتماعي المتردي.. والذي قد يزداد سوءاً عند رفع الدعم” عن مواد أساسية جراء نضوب احتياطي المصرف المركزي بالدولار.
ومنذ انفجار مرفأ بيروت الذي أوقع في الرابع من آب/أغسطس أكثر من مئتي قتيل وأحدث دماراً واسعاً، يعتمد الجيش إلى حدّ كبير على مساعدات غذائية أبرزها من فرنسا ومصر والولايات المتحدة وتركيا. كما قدّمت دول أخرى مساعدات طبية ووقود بينها العراق.
وتعدّ الولايات المتحدة الداعم الأبرز للجيش، وقد زادت تمويلها بمقدار 15 مليون دولار هذا العام، ليبلغ الدعم الإجمالي 120 مليون دولار.
وازدادت مؤخراً حدة الأزمة الاقتصادية. ومنذ أيام، ينتظر اللبنانيون في طوابير طويلة أمام محطات الوقود، التي اعتمدت سياسة التقنين في توزيع البنزين والمازوت. ويتزامن ذلك مع انقطاع في عدد كبير من الأدوية وارتفاع في أسعار المواد الغذائية المستوردة بغالبيتها.
ولم يتمكن رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري منذ تكليفه في تشرين الأول/أكتوبر، من إتمام مهمته، رغم ضغوط دولية تقودها فرنسا خصوصاً. وبدلاً من تكثيف الجهود لتشكيل حكومة قادرة على تنفيذ الإصلاحات، لا يزال تبادل الاتهامات بالتعطيل سيد الموقف، خصوصاً بين الحريري ورئيس الجمهورية ميشال عون. وتتحدث تقارير محلية عن احتمال اعتذار الحريري عن اكمال مهمته.
التعليقات مغلقة.