بدو النقب لا يعلقون آمالا على الحكومة “الإسرائيلية” الجديدة

103

الأردن اليوم :  في بيتها المبني من الصفيح في قرية صوانين البدوية في صحراء النقب في جنوب إسرائيل، تؤكد أم جواد أبو قويدر عدم ثقتها بأن المشاركة الأولى من نوعها لحزب إسلامي عربي في الحكومة “سيغيّر السياسة الإسرائيلية” بالنسبة للاعتراف بالقرى البدوية ووقف هدم المنازل فيها.

وقدمت موافقة رئيس “الحركة الإسلامية الجنوبية”منصور عباس الذي حصل على دعم كبير في الانتخابات التشريعية الأخيرة من القرى البدوية في إسرائيل، على المشاركة في الائتلاف الحكومي، فرصة لاستكمال التشكيلة الحكومية ووضع نهاية لأزمة سياسية استمرت عامين.

ويشكّل انضمام عباس الى ائتلاف “التغيير” الحكومي الذي شكله زعيم المعارضة يائير لابيد ويرأسه اليميني المتطرف نفتالي بينيت، خطوة لم يقدم عليها أي حزب عربي من قبل.

وفي مقابل دعمه، حصل على وعد بالاعتراف بثلاث قرى في النقب وتجميد هدم بيوت سكانها، بالإضافة الى وعود بتقديم المساعدة للبدو وتخصيص مبلغ بقيمة 30 مليار شاقل (حوالى تسعة مليارات دولار) لدعم المجتمع العربي، وفق ما ذكرت تقارير.

ويعيش البدو في صحراء النقب منذ أجيال، ويشكون من التهميش في إسرائيل ومن الفقر. وهم عرب من أحفاد الفلسطينيين الذين بقوا على أراضيهم بعد قيام إسرائيل عام 1948.

وقال نفتالي بينيت في خطاب تسلمه رئاسة الحكومة “سنبدأ عملية تنظيم التجمعات البدوية في النقب حتى يتسنى لمواطني إسرائيل من البدو العيش بكرامة”.

وتنتشر منازل الصفيح في صوانين على أرض ترابية صحراوية. وهي واحدة من أكثر من ثلاثين قرية بدوية غير معترف بها من إسرائيل لا تحصل على ماء أو كهرباء أو خدمات طبية من الدولة. وغالبا ما تقوم السلطات الإسرائيلية بهدم المنازل التي يبنيها البدو فيها، لطردهم منها.

وتقول أم جواد (40 عاما) “أنا لا أثق بالحكومة الجديدة ولا القديمة، كل وعودهم كاذبة”.

وتتابع “عندما يطرحون موضوع النقب على طاولة الكنيست، تقف الأغلبية الإسرائيلية ضد الحلول وضد العرب. أعضاء الكنيست العرب عددهم قليل، حاولوا في السابق ويحاولون الآن…”.

ويقول النائب سعيد الخرومي، وهو بدوي من النقب والوحيد من نواب القائمة العربية الموحدة الأربعة الذي امتنع عن التصويت على الثقة للحكومة، “لا أستطيع أن أشرح لسكان النقب أنني جزء من الائتلاف عندما تتجه الجرافات نحو منازلهم”.

– تفاؤل حذر-

ويسكن مدينة رهط نحو90 ألف بدوي. ويقول رئيس بلديتها فايز أبو صهيبان، وهو عضو في المكتب السياسي للحركة الإسلامية الجنوبية، إنه “متفائل بحذر”، مضيفا “هناك اتفاقات، وإذا لم تف الحكومة بكل بنود الاتفاق، لن تكون هناك حكومة، والقائمة الموحدة هي الرسن”.

ويشير الى أن الحكومة “ستعترف بثلاث قرى غير معترف بها خلال 45 يوما، (…) وتباعا ب14 قرية”.

وعن قضية قرية الزرنوق غير المعترف بها التي يعيش فيها 4500 شخص وتريد السلطات نقل سكانها الى رهط، يقول أبو صهيبان “سنقوم بنضال جماهيري من أجل عدم إسكان هؤلاء الناس في رهط، ليس كرها بهم ولكن لأننا لا نملك مسكنا لشبابنا وأهلنا في رهط”.

ويتابع “نحن نقول لسكان الزرنوق: ناضلوا على أرضكم حتى تعترف الحكومة بقريتكم. إسرائيل تعترف بعشوائيات استيطانية في الضفة الغربية… لم لا يعترفون بكم؟”.

وحاولت إسرائيل طرح مشاريع لتجميع البدو في مكان واحد عام 2013، عن طريق هدم حوالى 40 قرية غير معترف بها ومصادرة أكثر من 700 ألف دونم من أراضيهم، لكنها تراجعت بعد احتجاجات شعبية قام بها عرب داخل إسرائيل.

ومع ذلك هدمت إسرائيل في النقب أكثر من 10769 منزلا بين الأعوام 2009 و2019، وفق المجلس الإقليمي للقرى غير المعترف بها.

ويقول الدكتور عامر الهزيل الذي يعمل مع المجلس إن ذلك “حرم قرابة 33690 طفلا من بيوتهم، وهم تعرضوا لصدمات نفسية لا تقل عن صدمات الحرب”.

– حياة صعبة –

في سوق مدينة رهط الشعبي، تتساءل أم أنس (42 عاما) “دمّروا قرية العراقيب أكثر من 150 مرة وهجروا أهلها. لماذا يفعلون ذلك؟”.

وتتابع “ابنتي تعيش في قرية شقورات غير المعترف بها، لم تصلها المياه منذ أكثر من شهر”، مضيفة “هذه الدولة لا تعمل أي شيء سوى هدم دور العرب. لا يمكننا الوثوق بحكوماتهم”.

ويقول الهزيل الذي يعمل على تخطيط استراتيجي للمدينة إن السلطات الإسرائيلية صادر معظم أراضي رهط التي تعتبر من أكبر المدن البدوية، وأصبحت “كثافة السكان في رهط أعلى منها في مخيم جباليا بغزة”، مشيرا الى أن “50% من الأزواج الشباب ليس لديهم مساكن”.

ويتهم الحكومات الإسرائيلية بالتمييز الصارخ ضد القرى البدوية، متوقعا “أن تكون حكومة بينيت الأسوأ معها”.

ويقلّل الهزيل من أهمية الاعتراف بالقرى الثلاث، قائلا “يريدون الاعتراف بقرية خشم زنه منذ زمن لأنهم سيصادرون فيها 20 ألف دونم لشقّ طريق سريع، وقرية عبدة التي أعلنتها إسرائيل قرية سياحية بدوية، وبالتالي ستستخدمها لجذب السياح”.

ويرى أن “هذه ليست مكاسب” للعرب.

ويستخدم الناس في القرى غير المعترف بها الألواح الشمسية للحصول على الكهرباء، ولكن في فصل الشتاء، لا كهرباء. وتقول أم جواد “نعيش زمهرير الشتاء وقساوة برده”.

ويتدخل زوجها محمود أبو قويدر مضيفا “تهبّ الريح القوية في الشتاء فتقتلع الزينكو (الصفيح)، ونبقى بلا مأوى. وتصبح الأرض طينة لا يمكن السير عليها”.

التعليقات مغلقة.