يسار خصاونه يكتب: أدب الموافقة

110

الأردن اليوم – النائب يسار الخصاونة

هل نحتاج إلى قمع حتى نكتب إبداعاً حقيقياً نفخر به بين الأمم؟ أم هل نحتاج إلى مساحة واسعة من الحرية في القول والفعل حتى يكون لنا إنتاج أدبي يزاحم الآداب العالمية؟ هل التصفيق للثورة خيانة أدبية و قذف السهام في الحكومات أعمال وطنية؟

باختصار شديد أقول إن الكلمة أمانة والكتابة رسالة وأزيد على ذلك أن المبدع لا يحتاج مناخات قمعية، ولا مناخات حرية فهو يعيش مناخه الخاص به ومنه يخلق إبداعه، قد تساهم المناخات المختلفة والمتضاربة في ترويج إبداعه وزيادة الجرعة الأدبية الإنسانية في مضمونه لكنها في الحقيقة لا تشكل كل إبداعه ولا تبرمح مضامينه، فالمبدع لا يصوّر واقعاً يعيشه بل هو يحلم بواقع يتعايش معه فيرسمه في كتاباته لتكون في النهاية هذه الكتابات أوطاناً يعيش بها ومن أجلها بغض النظر عن الواقع بحسناته وسيئاته.

تعبنا كثيراً ونحن نبحث عن أدب للمعارضة وكأن أدب الرفض هو مقياس الإبداع وأدب الموافقة هو هو النشاز في سيمفونية الرفض ، التوافق في حياتنا هو السائد والرفض هو الاستثناء ، فكم نحن متوافقون مع الطبيعة بجمالها ، وكم نحن متفقون مع البشر بإنسانيتهم، وكم نحن متفقون مع الموسيقى، ومع الأفكار التي نؤمن بها، ومع الإله الذي نعبده، ومع المرأة التي نحبها، ونحن رافضون لكل ما يتعارض مع إنسانيتنا .

ويقول الجاحظ في كتابه “التاج” إن الشعوب متفقة على كره الملوك و لا بديل لهم فلنحاول إصلاحهم، والكاتب الروسي تولستوي؛ هو كونت وابن لكونت وثروته كبيرة وهو من أهم الكتاب الروس آمن بأفكار المقاومة السلمية الرافضة للعنف وساهم من خلال كتاباته بالوقوف معها ، وهو الذي تفاعل مع الطبيعة حين ذهب إلى القوقاز ، وشارك المزارعين حين عاش معهم، وأُعجب بفكرة التعليم حين زار أوروبا وكان يؤمن باستقلالية الكاتب عن المناخات الفاسدة وانحيازه للمناخات الإنسانية، ومن هنا أصبح أديباً عالمياً لسعيه نحو السلام وقد تأثر به المهاتما غاندي ومارتن لوثر كنج، من هنا أرى أننا بحاجة إلى أدب الموافقة وليس أدب المعارضة وخاصة على مساحة الوطن العربي، والذي يقرأ فيما يُسمى عندنا أدب معارضة يلمس ملامح هذه المعارضة في الكتابات التي تزدحم بالتجريح والتخوين والشتم ، فكيف أكون مصلحاً إذا شتمت ، وكيف أكون مقنعاً إذا خوّنت ، وأدب الموافقة لا يعني الخضوع لذوي جاه وسلطان ، ولكن يعني فتح أبواب الحوار معهم  ، لتصويب الخطأ ودعم الصواب .

التعليقات مغلقة.