مأساة التعليم في الأردن

130

الاردن اليوم –  كتب د. بسام العموش

من المؤكد أن بعض الناس قد لا يعجبهم عنوان هذه المقالة !! وهذا حقهم حيث يمكنهم القول: لدينا آلاف المدارس وعشرات الجامعات والمعاهد ولدينا كوادر في مختلف التخصصات ، ويدرس في معاهدنا العلمية عدد كبير من البلدان العربية والإسلامية والعالمية بل صار بعض مَن درس عندنا مسؤولا” في بلده.

كل ذلك صحيح. لكن في الجهة المقابلة نتساءل ونحن في ظل كورونا : هل عقدت الهيئات العلمية والجامعات ولو ندوة للنظر في امكان إفراز العقول الأردنية لمطعوم أو القول لنا أي المطاعيم أفضل؟ كم عدد براءات الاختراع الأردنية التي تم تسجيلها؟ كم شخصية أردنية لمعت في الفكر والأدب العلم الثقافة ؟ وهل الإعلام الأردني يحتفل بهذه الشخصيات إن وجدت ؟! لو سألت الأم والأب : ماذا تريدون لأولادكم من دراسة ؟ هل تدقق المؤسسات التعليمية عندنا في إرهاصات النبوع في اولادنا من الابتدائي؟ أم أن الأهل يريدون لاولادهم دراسة الطب والهندسة كما هو الحال معنا نحن جيل الستينات؟ وقد يصارحك الأهل بأن الفخر الاجتماعي وارد ، وأن إيراد الطبيب والمهندس عال!! هل لهذه الدراسات دور في نهضة البلد والأمة ؟؟ . آلاف اللوحات تنتشر في شوارعنا لأطباء ومهندسين ومحامين وكلها مشاريع استثمار مالي للأشخاص وهذا حقهم لكن اين مصلحة الوطن والأمة ؟؟ لماذا اذا بحثت في الذات التي تحمل الشهادة تجد ملاحظات إنسانية وعلمية تتعلق بالوعي والنهضة بل بالأدب والخلق أحيانا” .

من أية جامعة خرج أينشتاين ومالتوس ونيوتن وأرخميدس ؟؟ القضية تبدأ من البيت ثم المدرسة والمجتمع ، وهي مسؤولية الدولة هل عندنا هَمّ اكتشاف الطاقات والميول والابداع ؟ لو حددنا أن هذا الطفل يميل إلى الرسم وهو ابن ست سنوات لصار وهو ابن عشرين سنة رساما” عالميا” . ولو حددنا ميل هذا الطفل في التمثيل لصار وهو ابن عشرين ممثلا” عالميا” . ولو وجدنا منطقه سياسيا” لصار من أقطاب السياسة ومنظريها بعيدا” عن التهريج والانتهازية والتسلق والبيع والشراء ، وأن وجدنا ميله دينيا” لصار عالما” وهو في سن البلوغ بعيدا” عن الحفظ دون الفهم . اذا ذكرت السياسة تذكر ميكيافللي صاحب كتاب ” الأمير ” والذي لا يزال كتابه يطبع منذ خمسمائة سنة ويدرس رأيه كل حكام العالم يتتلمذون على أقواله. ولا يمكن لاقتصادي أن يدعي فهم الاقتصاد دون دراسة نظريات مالتوس . حين اكتشف نيوتن الجاذبية لم يكن يجلس على مقاعد جامعة تحول الطلبة إلى مشترين للشهادات والجامعات إلى سوبر ماركت لبيعها والأساتذة الى طواقم باعة في هذا المول . لم يكن ابو حنيفة ومالك والشافعي وأحمد طلبة في كليات الشريعة . ولهذا يجب إبلاغ الطلبة من نعومة أظفارهم بأنهم سيبدعون في هذا المجال أو ذاك . ومن لبس بدلة لا تناسبه سيكون منظره بشعا” واضحوكة ( مثل فطوطة) وسيمارس التخريب ويحول دون النهوض

لا يجوز استمرار المهزلة التي رأيتها من خلال خبرة في التعليم المدرسي والجامعي داخل الأردن وخارجه .انظروا إلى استثمارات التعليم كيف تحصل على تراخيص بهدف الحصول على المال بينما الجامعة نفسها في ذيل ترتيب الجامعات في العالم .
لدينا عقول وابداعات وامكانات لكن ليس لدينا من يرعاها أو يلتفت إلى الأجيال وميولهم من نعومة الأظفار فكلنا نساهم في استمرار الجريمة التي تجعل الرجل غير المناسب في الموقع الإداري مما نرى ثماره المرة في إدارات الوطن العربي . وتصبح لوحة الوطن في غاية البشاعة .

هل وصلت الرسالة يا أصحاب القرار ؟ ننتظر اجراءاتكم .

التعليقات مغلقة.