مشروع الشام الجديد
الأردن اليوم – د.رعـد محمـود التـل.
قد تبدو الظروف السياسية اليوم مناسبة أكثر من أي وقت مضى للبدء بمشروع “الشام الجديد” بين الاردن ومصر والعراق والمبني على التكامل الاقتصادي بين الدول الثلاث، فالمشروع يوزع مهام هذا التكتل الاقتصادي ببين (كتلة نفط-كتلة موارد طبيعية وبشرية -حلقة وصل)! هذا المشروع مدفوع بسوق استهلاكي ضخم قوامه (152) مليون مستهلك تشكل حوالي 33% من سكان منطقة الشرق وشمال إفريقيا، وقوى عاملة يقارب تعدادها (42) مليون شخص مع ناتج إجمالي للبلدان الثلاثة يقدر بحوالي (575) مليار دولار حسب أرقام البنك الدولي!
فبالإضافة للموارد البشرية والطبيعية الضخمة والصادارات الصناعية المتنوعة وميزات الجذب السياحي وتطور قطاع تكنولوجيا المعلومات، تختص هذه البلدان بميزات تنافسية حصرية ومتعددة، فمصر مثلاً مقدر أن تصل صادراتها من الغاز الطبيعي نهاية هذا العام الى نحو 12.5 مليون طن لتصبح واحدة من أكبر 10 مصدري الغاز في العالم حسب وكالة Bloomberg. أما العراق، فهو ثاني أكبر منتج للنفط الخام في منظمة “أوبك”، بمتوسط إنتاج 4 ملايين برميل يوميا في الظروف الطبيعية!
يمتلك الاردن أيضاً ميزة تنافسية مهمة في عدة قطاعات حيوية كالتعليم والصحة والصناعات الغذائية والكيماوية وصناعت الأدوية والأسمدة والصناعات التحويلية كالألبسة والأحذية والبلاستيك! وحسب رئيس غرفة صناعة الاردن سيساهم تقوية سلاسل التوريد لهذه الصناعات بين الدول الثلاث بنمو إيجابي متطرد! كل ذلك بالإضافة لموقع الاردن الجغرافي المحوري الذي يشكل حلقة الوصل الأساسية للعديد من المشروعات المتلعقة بالربط الكهربائي ونقل الغاز وتصدير النفط.
واقع الحال يظهر أرقام متواضعة للتبادل التجاري، فحسب أرقام غرفة صناعة عمان بلغ التبادل التجاري بين الاردن والعراق في عام 2019 (426.6) مليون دينار، بينما بلغ حجم التجارة بين مصر والاردن ما يقارب (616) مليون دولار العام الماضي! اما بالنسبة للميزان التجاري بين العراق ومصر فيميل لصالح الجانب المصري حيث بلغ عام 2018 إلى( 1.650) مليار دولار خلال عام 2018، وهو أكبر رقم للتبادل التجاري منذ عام 2003.
البيان الختامي للقمة الثلاثية التي عقدت في بغداد حزيران الماضي يدعو للتفاؤل، ففي مجال الطاقة يشير لضرورة البدء بمشروع الربط الكهربائي وإنشاء منفذ تصدير جديد لنفط العراق من خلال ميناء العقبة، وضرورة استكمال “خط الغاز العربي”. وفي الجانب الصناعي يشير للبدء بتنفيذ مشروع “المدينة الاقتصادية العراقية-الاردنية” مع إعطاء الأولية لشركات الدول الثلاث للمشاركة بعطاءات إنشائها. أما في الجانب الزراعي فيتحدث البيان عن شركة إقليمية لتسويق المنتجات الزراعية وتعزيز الأمن الغذائي.على صعيد النقل اتفقت الدول على ضرورة إعادة تفعيل حركة النقل والشحن عبر ميناء نويبع-العقبة حتى معبر الكرامة- طريبيل، في ضوء انحسار وباء كورونا. ونقل المسافرين بين الدول الثلاث بتذكرة موحدة!
تمتلك هذه الدول ميزات تنافسية مهمه قادرة من خلال هذا التكتل على إعادة صياغة المشهد الاقتصادي في المنطقة! فوجود مدن صناعية بين الدول الثلاث مع شبكة نقل بري وسلاسل توريد قوية بالاضافة لبرميل نفط بسعر أقل من السوق وغاز مسال بأسعار تفضيلية وفوائض بمصادر الكهرباء بالاضافة لسوق استهلاكي ضخم، سيعزز من القدرات الانتاجية وسينعكس إيجاباً على كل المؤشرات الاقتصادية، مشروع قادر على رسم شرق أوسط عربي جديد!
التعليقات مغلقة.