نايف.. خدك من الورد.. والا الورد من خدك..!
الأردن اليوم – محمود كريشان.
«والضحى والليل إذا سجى ما ودّعك ربك وما قلى، وللآخرة خير لك من الأولى، ولسوف يعطيك ربك فترضى» صدق الله العظيم.
«نايف».. أو «عمي بياع الورد».. يهل طيفه البهي علينا،.. وأخالف العمر راجع سالف أعوامي على رأي عندليب الجزيرة محمد عبده.. واتذكر ذلك الإنسان كما عرفته..
كان هاتفه النقال مثل «مقسم العبدلي» ايام الهواتف الأرضية.. لا يتوقف عن الرنين واستقبال المسجات.. كان يرد على الجميع.. لا يتجاهل اي شخص على الإطلاق.. قلبه كان يتمزق وهو يقرأ كل الرسائل الواردة على هاتفه من ناس معظمهم «غلابى».. قرى، محافظات، مخيمات، بوادي.. يا نايف.. بحياة أولادك «شهم» وإخوانه وخواته.. تساعدنا.. وجمعيها مطالب خدماتية.. تجنيد في الجيش.. إعفاء طبي.. مكسور أجار بيت.. وقس على ذلك..
كان يسمع أنين صاحبها.. ينتخي.. لا بل كانت الدنيا بألف خير بزمن نايف.. محبوب الكل.. دولة بحد ذاتها.. يعرفه الجميع.. الضباط.. الفقراء قبل الوزراء.. المستورين قبل الميسورين..
يا هلا «أبوالنوف».. ابشر يا خال.. الفيصلي زعيم.. والله غير أدريها.. ويا عيني على ذلك المساء صيفي على «بلكونة» فندق بريزيدنت في الزمالك.. والخال قال ودي أغني يا ابو رسول.. وارتفع الصوت الشجي: عمي يا بياع الورد.. تخللها رويد واهازيج تراثية من مسقط رأسه وعشقه «معان».. يا اللي الحرير يجرحك.. ويش حال ملبوسك.. وسايق عليك النبي والمصطفى جدك.. خدك من الورد وإلا الورد من خدك؟..
ثم يردف بلهجة حاسمة: يا كريشان.. اشرب قبل لا يحوس الطين صافيها.. وكان وقسما بجلال المولى.. يخاف الله ولا يقطع له فرضا.. نظيف القلب والفرج واللسان.. الأردني الأبي..
ليتك الآن بيننا يا «نايف» في عز هذه المحنة التي يعيشها الأردن وسينتصر بإذن الله.. لو كنت معنا يا ابوالمكارم.. ستكون مديرية توجيه معنوي.. تبث الطمأنينة في قلوب الناس.. تتحدث بضميرهم .. لأنك تعرف صغيرهم وكبيرهم .. وربما تصرخ عبر المايكرفون بخفة دمك المعهودة: انضبوا.. انهي .. خلص بكفي!..
وينك يا داوود.. حدد موقعك.. ودي أعزمك وانقرشك.. تعال نوكل صحن فول مع كاسة شاي بالنعنع بمطعم القدس.. وهاك « 50 « نيرة هظول مو ليك لرسول وخواته.. ولا تسأل لويش وكيف؟..
ابشر يا ابن عمي.. عبارة للجميع يقولها.. وهو قول وفعل.. تحسبه اربدي او كركي وتظنه من السلط او الخليل.. وهو على مكارمه.. «معاني»!..
يا خسارة.. ذهب «نايف».. وذهب معه الكرم والغوث والجود.. ذهب مبكرا وقبل الأوان.. ولم يخبرنا.. وإلا لصعدنا على درج العمر.. نودعه.. نقبل جبينه الوضاء.. لكن ذهب بصمت وهدوء..
ولن انسى ابدا ما قاله لي في ظهيرة جنائزية حزينة وكنت آخر من رافقه إلى وسط البلد يوم الجمعة عندما صفن.. وتنهد.. مقابل مقهى السنترال في شارع السلط.. وقال ما قال ومضى إلى لحده..!
مجمل الوجع.. يا عين صبي حزن.. على فراق الخال.. الحبيب الوفي.. «ابوالنوف».. أحقا قد قضى نحبه.. وفارقنا ولم يأبه!.. وللحديث بقية..
التعليقات مغلقة.