39 أسيرة فلسطينية مغيبة في سجون الاحتلال

53

الاردن اليوم : بعيون تفيض بدموع الفرح احتضنت الأسيرة المحررة حلوة حمامرة صغيرتها ميسم التي غيبها الاحتلال في سجونه مدة 6 سنوات، كانت سنواتٍ مليئةً بالقهر والعجز، حيث كانت تمسك بالمخدّة، تحتضنها، تبكي، وتغني لها لتعويض شعور الحرمان الذي يجتاحها بسبب بعدها عن رضيعتها آنذاك، لكنها سنوات زاخرةٌ أيضًا بالعزّ والصّمود.
كانت بعمر 26 حين أطلق جنود الاحتلال الصهيوني النار عليها في 2015 قرب مستوطنة “بيتار عليت” في بيت لحم، بحجة محاولة طعن أحد المستوطنين.
وعن هذا تقول: “نُقلت إلى مستشفى “هداسا عين كارم” بعد أن تركوني أنزف لساعاتٍ عديدة، ليتم إجراء 4 عمليات جراحية، استأصلوا فيها جزءا من الكبد والبنكرياس والطحال والأمعاء، ورغم تصنيف حالتي بالخطيرة، إلَّا أنه تم نقلي إلى سجن “هشارون” وأنا أحمل بيدي كيسا بلاستيكي مرتبطا ببربيج داخل جسمي، كيس ممتلئ بالدم والسوائل”.
وتضيف: “رغم التدهور الصحي الخطير لحالتي إلا أن المحكمة أجَّلت محاكمتي 12 مرة متعمدة، ولم تأخذ أبدًا بعين الاعتبار أن وضعي صعب للغاية، وفي النهاية حكموا عليَّ 5 سنوات و8 أشهر مع غرامة 4 آلاف شيكل”.
تغيَّرت ملامح حلوة، بعد التدهور الذي تعرضت له خاصةً حوادث الكسر والتجبير الخاطئ، وعدم استكمال رحلة علاجها، وكان سؤالها الدائم للأسيرات: “بنتي ميسم، راح تتذكرني لو شافتني؟”.

* معاناة الأسيرات

واليوم تخرج حلوة تاركة خلفها 39 أسيرة تعاني ظروفًا صعبة للغاية، وفق ما أكّد مدير مركز فلسطين لدراسات الأسرى الباحث رياض الأشقر قائلًا لـ”الشرق”: “هناك 39 أسيرة فلسطينية مغيبات في سجون الاحتلال يعانين من ظروف اعتقالية ومعيشية قاسية ويتعرضن لكل أشكال الظلم والاضطهاد، ويفتقدن لأدنى الحقوق الإنسانية التي أقرتها القوانين الدولية”.

وأضاف: “المجتمع الدولي ومؤسساته الحقوقية التي تعنى بشؤون المرأة التي تتباكى على حقوق الإنسان وكرامة المرأة، تغض الطرف، وتصم الآذان عن معاناة عشرات الأسيرات الفلسطينيات في سجون الاحتلال ولا تتدخل لحمايتها من جرائم الاحتلال المستمرة بحقهن”.
وأوضح أن من بين هؤلاء الأسيرات 11 أسيرة أمهات لديهن العشرات من الأبناء، ومُسنات ومريضات، وجريحات، وجميعهن يتعرضن لحملة قمع منظمة، ويحرمن من كافة حقوقهن، ويشتكين من عدم توفر الخصوصية نتيجة وجود كاميرات مراقبة على مدار الساعة وضعتها إدارة السجن في ممرات السجن وساحة الفورة، كذلك وضع الحمامات خارج الغرف ويسمح باستخدامها في أوقات محددة فقط خلال فترة الخروج إلى الفورة والحديث للأشقر.
وأكد أن الأسيرات يتعرضن لظروف إنسانية قاهرة، ويحرمن من كافة حقوقهن الدنيا، ويتعرضن لإجراءات قمعية متعددة، بما فيها العزل الانفرادي والحرمان من العلاج والتعليم والتفتيش المهين، مما يدلل بأن ما ينادي به المجتمع الدولي من حقوق المرأة ما هي إلا شعارات زائفة تتلاشى عندما يتعلق الأمر بالاحتلال.
وبين أن الأسيرات يعانين كذلك من التنقل بسيارة البوسطة حيث يتعمد الاحتلال إذلالهن بعمليات التنقل وذلك عبر عرضهن على المحاكم في فترات متقاربة ومتكررة لفرض مزيد من التنكيل بهن، حيث يتم إخراج الأسيرات من السجن الساعة الرابعة فجرا، وتعود مساء من نفس اليوم، الأمر الذي يسبب لها الكثير من الإرهاق الجسدي والنفسي، وطوال فترة السفر يتم تقييدهن بالسلاسل الحديدية بالأيدي والأرجل وينقلن مع معتقلين جنائيين يوجهون لهن الشتائم والتهديد في كثير من الأحيان.

* منع العلاج

وتعاني عدد من الأسيرات من ظروف صحية متردية ولا يتلقين أي علاج مناسب، وفي مقدمتهن الأسيرة المقدسية الجريحة “إسراء جعابيص” والتي تحتاج إلى إجراء عدة عمليات جراحية لإنقاذ ما تبقى من جسدها، ويماطل الاحتلال في إجرائها وهي تقضي حكماً بالسجن لمدة 11 عاماً، كذلك الأسيرة نسرين أبو كميل تُعاني مشاكل في الجهاز الدموي والأسنان ومن الضغط والسكر، والأسيرة أماني حشيم التي أصابها خلال فترة اعتقالها التهابات حادة في الجهاز السمعي، ولا تزال إدارة السجون ترفض توفير طبيبة نسائية في عيادة السجن لرعاية الأسيرات.
وأشار الأشقر إلى أن “الاحتلال عاد منذ عدة أعوام إلى سياسة حجز الأسيرات في “معبار الشارون” السيئ الذكر، ويتعرضن هناك لأقسى أنواع التعذيب والإهانة، قبل أن ينقلن إلى سجن “الدامون بما فيها وسائل التعذيب العسكري كما جرى مع عدد من الأسيرات مؤخراً”.
وأكّد أن الاحتلال يستهدف المرأة الفلسطينية كما الرجل بالاعتقال والتعذيب والأحكام التعسفية العالية، حيث وصلت حالات الاعتقال بين النساء منذ عام 1967، وحتى اليوم ما يزيد على 16 ألف حالة اعتقال، وتقضى حالياً 8 أسيرات أحكاماً بالسجن لمدة تزيد على 10 سنوات، إضافة إلى 9 أسيرات صدرت بحقهن أحكام من 5 إلى 10 سنوات، بينما هناك أسيرتان تخضعان للاعتقال الإداري المتجدد دون تهمة وهما الأسيرة بشرى الطويل، والأسيرة نسرين حسن من قطاع غزة.
وطالب الأشقر كافة المؤسسات التي تتغنى بحقوق المرأة، بالوقوف بشكل محايد تجاه معاناة الأسيرات المتفاقمة والتدخل الحقيقي من أجل إنصافهن، ووقف الجرائم التي يتعرضن لها من قبل الاحتلال، كما طالب وسائل الإعلام المحلية والعربية بتسليط الضوء أكثر على معاناة الأسيرات والتي لم تأخذ حقها الكافي في النشر الإعلامي.

 

عن الشرق القطرية

التعليقات مغلقة.