ما هو العلاج السلوكي وكيف يمكن أن يغيِّر حياتك

100

الأردن اليوم : 

كثيراً ما يُصاب الأشخاص بالقلق المزمن والاكتئاب نتيجة لنمط تفكيرهم المفرط في التشاؤم والسلبية، بشكل قد يحرمهم من رؤية الاحتمالات الأخرى لعلاج أي مشكلة حياتية أو فكرة مخيفة تراود الشخص المصاب. وهُنا يكمُن العلاج في تدريب الشخص على نمط تفكير مختلف يكون أكثر هدوءاً وقابلية لرؤية الأمور من منظور إيجابي أكثر قبولاً وتأقّلُماً وابتكاراً.

وبحسب موقع Healthline الصحي، يأتي العلاج السلوكي المعرفي (CBT) كنهج علاجي يسعى من أجل التعرُّف على أنماط تلك الأفكار السلبية أو غير المفيدة وأنماط السلوك التي ينتهجها الشخص بصورة غير واعية.

العلاج السلوكي المعرفي يعالج طريقة تفكير الشخص وتقييمه لمجريات الحياة - iStockالعلاج السلوكي المعرفي يعالج طريقة تفكير الشخص وتقييمه لمجريات الحياة – iStock

ويعتبر الخبراء والمختصون في الصحة النفسية هذا النوع من العلاج المعيار الذهبي للعلاج النفسي لدى الغالبية العظمى من الحالات.

ويهدف العلاج السلوكي المعرفي إلى المساعدة في تحديد واستكشاف الطرق التي يمكن أن تؤثر بها عواطفك وأفكارك على أفعالك. وبمجرد ملاحظة هذه الأنماط، يمكنك البدء في تعلُّم إعادة صياغة أفكارك بطريقة أكثر إيجابية وفاعلية.

وعلى عكس العديد من أساليب العلاج الأخرى، لا يركز العلاج السلوكي المعرفي كثيراً على الحديث عن ماضيك، ولكن على ما تشعر به قبل الشروع في القيام بأي نشاط.

المفاهيم الأساسية لهذا النوع من العلاج النفسي

يعتمد العلاج السلوكي المعرفي بالكامل على نظرية أن أفكارك وعواطفك وأفعالك مرتبطة ببعضها البعض. بمعنى آخر، الطريقة التي تفكر بها وتشعر بها حيال شيء ما يمكن أن تؤثر على ما تفعله لاحقاً.

على سبيل المثال، إذا كنت تتعرض لضغط كبير في العمل، فقد ترى المواقف بشكل مختلف وتتخذ خيارات لن تقوم بها في العادة.

ويعتمد المفهوم الرئيسي الآخر لخيار العلاج السلوكي المعرفي على أنه يمكن تغيير أنماط التفكير والسلوك هذه فور تحديدها وإدراكها.

وأوضحت جمعية علم النفس الأمريكية أن العلاج السلوكي المعرفي يستند إلى عدد من المعتقدات، هي:

  1. الطرق غير المفيدة التي يعتقد الناس أنها يمكن أن تؤدي إلى مشاكل نفسية.

  2. إذا تعلم الناس سلوكاً غير مفيد، فقد يؤدي ذلك أيضاً إلى مشكلات نفسية.

  3. يمكن للناس تعلم طرق التفكير المفيدة التي تحسّن حالتهم النفسية العامة.

  4. يمكن للعادات الجديدة أن تخفف أعراض الحالات العقلية والجسدية وتسمح للناس بالتصرف بطرق أفضل.

تغيير مفهوم الإنسان عن الأمور المؤلمة هو السبيل لعلاجها

ويبني أخصائيو العلاج السلوكي المعرفي نمط علاج مرضاهم على النظرية القائلة بأن “المشاكل تنشأ من المعاني التي يعطيها الناس للأحداث ويترجمون بها الأمور”، وبالتالي يمكن للأفكار السلبية أن تجعل من الصعب على الشخص أن يتصرف بمهارة وثقة في المواقف المختلفة.

ويمكن أن يكون للعلاج السلوكي المعرفي تأثير إيجابي على شعور الناس وتصرفهم وتزويدهم باستراتيجيات المواجهة التي تساعدهم على التعامل مع التحديات.

وتظهر الأبحاث بحسب موقع Medical News Today أن العلاج السلوكي المعرفي يمكن أن يقدم الدعم للأشخاص الذين يعانون من الاكتئاب واضطراب الهلع أو ما تُعرف باسم Panic Attacks، والعديد من الحالات الصحية الأخرى. وهناك أيضاً أدلة متزايدة على أنه يمكن أن يساعد في تخفيف الألم المزمن بمجرد تغيير رؤية الشخص لمفهوم الألم وأسبابه ومدى تأثيره.

يعمل الأخصائي النفسي على إرشاد الشخص خلال رحلة علاجه - iStockيعمل الأخصائي النفسي على إرشاد الشخص خلال رحلة علاجه – iStock

ممارسة مهارات جديدة  

من المهم للشخص خلال رحلته مع العلاج السلوكي أن يبدأ في ممارسة مهارات جديدة يمكن استخدامها بعد ذلك في مواقف العالم الحقيقي والحياة اليومية.

على سبيل المثال، قد يبدأ الشخص المصاب باضطراب تعاطي المخدرات في ممارسة مهارات التأقلم الجديدة والتدرُّب على طرق تجنب المواقف الاجتماعية التي يمكن أن تؤدي إلى الانتكاس أو التعامل مع المخدرات.

تحديد الأهداف

وبحسب موقع Very Well Mind، يمكن أن يكون تحديد الأهداف خطوة مهمة في التعافي من الاضطراب النفسي والعقلي ومساعدتك على إجراء تغييرات لتحسين صحتك وحياتك بشكل عام.

ومن خلال العلاج السلوكي المعرفي، يمكن للمعالج أن يساعدك في مهارات تحديد الأهداف من خلال تعليمك كيفية تحديد ما تريد تحقيقه، والتمييز بين الأهداف قصيرة وطويلة المدى، وتحديد أهداف محددة، وقابلة للقياس، وقابلة للتحقيق، وأن تكون ذات صلة بسير حياتك، وقائمة على الوقت والتركيز.

هذا النمط العلاجي يساعد على حل المشاكل

يمكن أن يساعدك العلاج السلوكي المعرفي في تعلُّم مهارات حل المشكلات الناجمة عن ضغوط الحياة بشتى درجاتها، وتقليل التأثير السلبي للأمراض النفسية والجسدية.

وغالباً ما يتضمن حل المشكلات في هذا العلاج على خمس خطوات:

  • تحديد المشكلة.

  • إنشاء قائمة بالحلول الممكنة القابلة للتنفيذ.

  • تقييم نقاط القوة والضعف لكل حل ممكن.

  • اختيار حل للتنفيذ.

  • تنفيذ الحل.

المراقبة الذاتية والتقييم

تُعرف المراقبة الذاتية أيضاً باسم العمل اليومي، وهي جزء مهم من العلاج السلوكي المعرفي الذي يتضمن تتبع السلوكيات أو الأعراض أو التجارب بمرور الوقت ومشاركتها مع معالجك. ويمكن أن تساعد المراقبة الذاتية في تزويد معالجك بالمعلومات اللازمة لتقديم أفضل علاج ممكن.

على سبيل المثال، بالنسبة للأشخاص الذين يعانون من اضطرابات الأكل، قد تتضمن المراقبة الذاتية تتبع عادات الأكل بالإضافة إلى أي أفكار أو مشاعر مصاحبة لتناول تلك الوجبة أو عند شراء البقالة أو حتى لدى رؤية أي وجبة خفيفة.

العلاج السلوكي يدرِّب الشخص على التحكُّم في أفكاره ومشاعره تجاه الأمور المسببة للمشكلة - iStockالعلاج السلوكي يدرِّب الشخص على التحكُّم في أفكاره ومشاعره تجاه الأمور المسببة للمشكلة – iStock

الحالات التي يمكن للعلاج السلوكي المعرفي المساعدة في معالجتها

يمكن استخدام العلاج السلوكي المعرفي كعلاج قصير الأمد لمساعدة الأفراد على تعلم التركيز على الأفكار والمعتقدات الحالية. وهو يستخدم لعلاج مجموعة واسعة من الحالات بما في ذلك:

  1. الإدمان.

  2. نوبات الغضب.

  3. القلق.

  4. الاضطراب ثنائي القطب.

  5. الاكتئاب.

  6. اضطرابات الأكل.

  7. نوبات الذعر.

  8. التقلبات الشخصية.

  9. الرهاب.

وبالإضافة إلى حالات الصحة العقلية، وُجد أن العلاج المعرفي السلوكي يساعد الأشخاص على التأقلم مع ما يلي بحسب Mayo Clinic للأبحاث والعلوم:

  • الآلام المزمنة أو الأمراض الخطيرة.

  • الطلاق أو الانفصال.

  • الحزن أو الخسارة.

  • الأرق.

  • انعدام احترام الذات.

  • المشاكل العاطفية.

  • إدارة الإجهاد.

وتجدر الإشارة إلى أن العلاج السلوكي المعرفي قد لا يعالج حالتك أو يقضي على مشكلة مزعجة تعاني منها نفسياً وعقلياً أو بشكل عارض ضمن مشكلات الحياة المختلفة. ومع ذلك يمكن أن يمنحك العلاج القدرة على التعامل مع وضعك بطريقة صحية والشعور بتحسُّن تجاه نفسك وحياتك.

التعليقات مغلقة.