رسالة من القهر .. أُمزُط يا أيهم كما مزط قُتيبة !!

1٬164

بقام :   المهندس سليم البطاينه

حماقات تُضاف إلى حماقات سابقة وشباب أفرزه عصر الأنهيارات والهزائم المتتالية حتى خنقه الاحباط وأنهك رؤاه من الحلم والمستقبل.

بالتأكيد أنكم تذكرون قصة الشاب الرمثاوي قُتيبة الذي كتب على صفحته أنه يريد الهجرة وترك الوطن بعد أن اصابه اليأس والأحباط بالبحث على فرصة عمل .. وحينها خاطبه رئيس الوزراء السابق الدكتور عمر الرزاز عندما قرأ تغريدته بجملته الشهيرة ( لا تُهاجر يا قُتيبة ).

وقتها كتبت مقالاً تم نشره في أغلب المواقع الالكترونية المحلية كان عنوانه ( أُمزُط يا قُتيبة ).

اليوم لدينا قصة جديدة ورسالة من القهر لقضية أثارت جدلاً وتفاعلاً على مواقع التواصل الاجتماعي ، وهي قصة الشاب أيهم قندح ومشروعه الريادي في المفرق.

وإليكم القصة …

أيهم شاب في مقبل العمر في العشرينات من عمره يرفض ثقافة العيب.

بدأ مشروعه الريادي بشراء بسكليت وأشتغل خدمة توصيل ( ديليفري ) وكُل مشروعه ما كلفه مائة دينار .. وأيهم عشان يكون شغله قانوني ولا أحد يعترض مساره راح على مكتب وزارة الصناعة والتجارة في المفرق عشان يسجل مشروعه ، سأله الموظف المُختص شو مشروعك حكاله أيهم خدمة توصيل ديليفري أجابه الموظف والله ما عنا بند بهذا الأسم شو رايك نسجل مشروعك ( خدمات لوجستية ومناولة وأمداد وتخزين ونقل ) ، طبعاً وافق أيهم لانه بده يشتغل صح وما بده وجع رأس.

طبعاً بعد فترة نجح مشروعه وأخذ جائزة من جلالة الملك والتقاه الملك وشجعه .. وانضم لأيهم مجموعة من أصدقائه الشباب وصاروا يشتغلوا ويطلعوا مصروفهم ، ومنهم من هو على مقاعد الدراسة الجامعية والمدرسية ، وآخرون من الشباب من اشتغل معهم بعد الظهر عشان تحسين أوضاعهم.

لكن المفاجئة كانت بعد عدة اشهر حيث تلقى أيهم أتصال هاتفي من ( هيئة تنظيم قطاع الاتصالات ) وابلغوه أن مشروعك بده ترخيص من الهئية ورسوم ١٢٠٠ دينار كونك بتشتغل خدمة بريد.

تفاجىء أيهم وقال لهم أنا شغال بوصّل سندويش ووجبات شاورما وفلافل وخضرة وجاج وأحياناً دواء من الصيدلية ، وعلى طول قاله الموظف يا حبيبي وقف شغلك وممنوع أنك توصل دواء هاي الشغلة بدها كمان ترخيص من ( مؤسسة الغذاء والدواء ) ، وعشان توصل ساندويش بدك وصل أستلام وتسليم لكل وجبة وتواقيع وسجلات وتزويدنا بها شهرياً.

طبعاً الزلمة أصابه الإحباط لكنه واصل مسيرته كالمعتاد واذا بالهئية تعاود الاتصال به بعد عدة أشهر وتبلغه أنه عليك رسوم ترخيص خمسية سنوات ومطلوب منك عشرة الاف دينار غير الغرامات والا سيتم منعك من العمل.

معاناة وقهر ولا أدري ماذا أقول لك يا أيهم .. فالشباب أمثالك عليهم أن يتحملوا دون غيرهم التبعيات والأكراهات الناتجة عن أزمات الدولة ونتائجها العكسية.

والأردنيون باتوا يئنون في صمت من وطأة الحياة القاسية عليهم … وغالبيتهم أصبحوا فقراء.

والوطن يا أيهم لم يعُد شعرٍ في ديوان الكون ، ولَم يعُد الاتجاهات الاربعة .. ولم يعُد القلب والنبض والشريان … والوطن يا أيهم مُتعب منذُ سنين ولا نعرف إلى إين يُبحرُ فينا.

فالشباب أمثالك وبفعل فاعل أصبحوا أسيرون الخوف والاقرب إلى الضياع وكأن الحقيقة غائبة أو مجهولة.

وأنا أعلم أن قاموسكم مليء بالمفردات المقلقة والمُرعبة مثل الأحباط والفشل والطريق المسدود واليأس والتشاؤم .. لكنكم يا صديقي قادرون على تغير تلك المفردات إلى مفردات جديدة تحل محلها كالتفاؤل وتكرار المحاولة والنهوض من جديد بالعزم والاصرار.

فغيوم الخوف لن تحجُب مساحات النور بيننا وسنظل رغم الخوف عليكم أوفياء لحبنا القديم …. وربما صار مُلحا. علينا الأعتراف أننا نواجه أزمات مؤسساتية مُركبة ومتعددة الأبعاد ذات خطورة أستثنائية.

أنها مرارة تلوي اللسان فأحلام شبابنا تتدحرج من غرفة إلى أخرى وتُركل أحياناً والجميع يسأل إلى اين نحن ذاهبون ؟

فأُمزُط وهاجر يا أيهم قبل أن يُدمرك الشعور بالاحباط والأكتئاب .. فالصورة توحي باليأس ولا شيء يسرُ ولا خطوات تُطمئن وأحلامكم باتت ضرباً من الخيال مبنية على الرمال.

التعليقات مغلقة.