شكل الأحزاب ومجلس النواب والحكومة بنهاية المرحلة الانتقالية وفق توصيات اللجنة

198

الأردن اليوم – حددت اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية، في الصيغة النهائية لمخرجات أعمالها، ملامح النموذج الديمقراطي بنهاية المرحلة الانتقالية، حيث توقّفت عند مجموعة اعتبارات يجب أن تؤخذ في الاعتبار خلال المرحلة الانتقالية.

وقالت اللجنة في مسودة التقرير، إن المرحلة الانتقالية التي يتم خلالها التدرُّج في إنضاج التحول الديمقراطي ضرورة، وهي ضمانة لسلامة الانتقال في تطوير النظام السياسي الأردني وتقليل المخاطر، لكن هذه المرحلة يجب ألّا تطول، إضافة إلى اعتبار الالتزام الوطني بمتطلبات المرحلة الانتقالية يحتاج إلى تضافر جهود الجميع، وأن يشكّل هذا الالتزام برنامجَ عملٍ وطنيًّا عابرًا للحكومات والبرلمانات، أي برنامج عمل وطني يتحول إلى هدف وطني كبير يلتفّ حولَهُ الجميع.

وبينت أن استكمال بناء النموذج الديمقراطي يتطلب عملًا وطنيًّا تراكميًّا يشارك به الجميع، تقوم مداميكه على أسسٍ راسخة، ويستند إلى العزم والتصميم والإرادة من أجل تحقيق الأهداف الكبرى بلا تردد.

وأشارت إلى أن الحصص (نظام الكوتا) في المقاعد النيابية، سواء تلك المخصَّصة للمرأة أو لفئات اجتماعية أخرى، تُعَدّ حالة استثنائية تتطلّبها مراحل الانتقال السياسي لتحقيق العدالة، لكن الوصول إلى النموذج الديمقراطي الذي يتسم بالعدالة السياسية وتكافؤ الفرص يتيح الأمر لتقليص هذه الحصص أو إنهاء العمل ببعضها.

وقالت اللجنة إن عملية الانتقال إلى النموذج الديمقراطي لن تكون ميسّرة وسهلة في جميع محطاتها، بل ستواجه تحديات كبيرة بعضُها غير مألوف، وهذا أمرٌ متوقَّع يجب أن لا يثبط الهمم أو يعيق الإرادة الوطنية في الاستمرار والتجاوز، فالديمقراطية تاريخيًّا آليةٌ لتصحيح الأخطاء وتجاوز الصعوبات.

حالة الأحزاب عند نهاية المرحلة الانتقالية

1. ستنضج ثلاثة أو أربعة أطياف أو تيارات أو أحزاب قوية ذات قدرة تنظيمية عالية واحتراف وشمول في العمل السياسي والاقتصادي والاجتماعي، الأمر الذي يجعلها قادرة على بناء معارضة بنّاءة قوية والمشاركة في الحكومات.

2. ستحظى الأحزاب بالقبول من المجتمع وبصورة مشرقة قائمة على النزاهة والمسؤولية والاحتراف، ومرتبطة بأذهان المواطنين بممارسة انتخابية نزيهة وبتوجُّه وطني يعبّر عن مصالحهم.

3. ستتمتّع الأحزاب بقدرة على تطوير برامجها باحتراف ومهنية، وستبني قدراتها وشبكة علاقاتها من خلال خبراء ومتخصصين بما يستجيب للاحتياجات الوطنية، وستعكس هذه البرامجُ قدرة الأحزاب على إدارة كفؤة للموارد الوطنية، وستكون مراكز الدراسات التابعة للأحزاب أو الحليفة لها قادرة على مَدِّها بالمعلومات والأفكار والحلول الأكثر نجاعة.

4. ستؤسِّس الممارسة السياسية للأحزاب، سواء في المعارضة البنّاءة أو بالمشاركة في الحكومات، علاقةً ذهنية عميقة بين الحزب والمواطن ترتبط بالإنجازات، كالإنجازات الاقتصادية، ودعم الاستقرار، والعدالة الاجتماعية، وتوزيع الخدمات، والضمان الاجتماعي، والرعاية الصحية، وتطوير التعليم، وتحسين أداء الجامعات، وتنمية المحافظات. أي أن الإنجازات الوطنية سترتبط ببرامج الأحزاب وقدرتها على الدفاع عن ملفّ معين وتحقيق إنجاز فيه يحمل اسمها.

5. ستعمل التطورات التي ستشهدها الأحزاب على زيادة قوة الانخراط المجتمعي فيها، إذ ستلتقي عوامل متعددة لتيسير هذه المهمة وتسهيلها، وأبرزها؛ ازدياد الثقة بالإرادة الوطنية التي تعكسها مؤسسات الدولة ورغبتها في حياة حزبية حقيقية، ونمو الثقة بالأحزاب نتيجةً لإنجازاتها، وازدياد القدرات التنظيمية لها.

6. ستطوّر الأحزاب قدراتها المؤسسية الداخلية، وفي مقدمتها التناوب الديمقراطي والدمقرطة الداخلية في مستوياتها المختلفة، وقدرتها على إدارة مواردها الذاتية وتنميتها.

7. ستكون الثقافة الوطنية الحزبية أكثر نضوجًا، وسيُنظَر إلى الأحزاب بوصفها كيانات وطنية ذات دور أساسي في النظام السياسيّ الأردنيّ.

حالة مجلس النواب عند نهاية المرحلة الانتقالية

1. سيتكوّن مجلس النواب في أغلبه من كُتَل وتيارات حزبية برامجية تعدّدية قادرة على أداء دورها الدستوريّ بكفاءة عالية والمشاركة في الحكومات البرلمانية.

2. سيتشكّل مجلس النواب من نُخَب سياسية متجدّدة وبمشاركة واسعة من الشباب والمرأة.

3. سيجسِّد مجلسُ النواب مؤسسةً سياسية قوية تتعامل بمسؤولية وتوازن مع السلطة التنفيذية وفقًا لمقتضيات الدستور.

4. سيشهد النظام الداخلي لمجلس النواب عمليات تحسين مستمرة، كما سيتم تطوير عمل اللجان النيابية، وسيلاحَظ تحسُّن في أداء الأمانة العامة للمجلس.

5. سيشهد المجلس تطوير منظومة متكاملة لدعم عمل النواب ومَدِّهم بالخبرات والاستشارات، وتزويدهم بالمعلومات، وسيتطلب ذلك إنشاء وحدات جديدة متخصصة بالمعلومات والبحوث والاستشارات وغيرها.

6. ستتعزّز الثقة الشعبية بمجلس النواب، الأمر الذي يؤدي إلى زيادة المشاركة الانتخابية.

حالة الحكومة وأداء الجهاز التنفيذي عند نهاية المرحلة الانتقالية

استنادًا إلى رؤية جلالة الملك عبداللّه الثاني بتعميق نهج الحكومات البرلمانية، وبعد الاسترشاد بالأوراق النقاشيّة لجلالته ورغبة جلالته بالوصول إلى هذا الهدف بأن تقوم الأحزاب السياسية والائتلافات الحزبيّة التي تحظى بالأغلبية البرلمانية بالمشاركة في الحكومات أو بتشكيلها من منتسبيها في المستقبل، أقرّت اللجنة التشريعات التي تؤسس لذلك وفقًا للمادة (٣٥) من الدستور، وعلى أن لا يُجمَع بين المنصب الوزاري وعضوية البرلمان، وذلك تعزيزًا لمبدأ الشفافية ومبدأ الفصل بين السلطات.

كما أن هذا النموذج يعزّز الدَّورَ الرقابي لمجلس النواب بحيث يتفرغ النائب للقيام بدوره الرقابي والتشريعي بمعزل عن أيّ مهام تنفيذية أخرى، الأمر الذي يكرّس الركن النيابي في نظام الحكم كما نصّ عليه الدستور.

إنّ هذا التوافق جاء بعد دراسة مستفيضة للحالة السياسية الأردنية لشكل العلاقة بين مجلس النواب والحكومة، وبعد استطلاع آراء الأردنيين وقواهم السياسية والاجتماعية، التي أكدت ضرورة الفصل بين منصب الوزارة وعضوية البرلمان، وهذا ما درجت عليه العديد من الممارسات الديمقراطية في العالم.

كما أن الوصول إلى هذا النموذج الديمقراطي المتقدم يتطلب تطور الأحزاب السياسية ونضوجها بحيث تمتلك برامج واقعية مؤثرة وقادرة على إقناع الناخبين بطروحاتها والوصول إلى البرلمان وتشكيل كتل وائتلافات سياسية وبرامجية.

وفي ما يتصل بالأداء الحكومي، يُتوقَّع مع نهاية المرحلة الانتقالية ما يلي:

1. ستتعامل الحكومات مع معارضة حزبية نيابية منظّمة بوجود أقلّية نيابية تشكّل ما يشبه (حكومة الظلّ).
2. سيشهد الجهاز الحكومي عملية متراكمة في تطوير مبدأ الحياد المؤسسي وتطبيقه.
3. سيشهد الجهاز الحكومي المزيدَ من المهنية والاحتراف في العمل الإداري المستقلّ.
4. سيشهد الجهاز الحكومي تطويرَ قدراته في الاستجابة للرقابة والمساءلة.

حالة الإدارة والحكم المحلي عند نهاية المرحلة الانتقالية

1. سيتم الانتقال إلى حكم محلي قائم على استحداث أقاليم تنموية وخدمية تُنقَل إليها العديد من الصلاحيات التخطيطية والتنفيذية.

2. ستكون مجالس المحافظات منتخَبة وممثّلة للمجتمعات المحلية، وقادرة على تحديد الأولويات التنموية والخطط المحلية ومراقبة تنفيذها.

3. ستكون المجالس البلدية والمحلية قوية ومتكاملة في عملها مع مجالس المحافظات ومجالس الأقاليم.

4. سيتم التوسُّع في الخدمات التي تقدَّم محليًّا، وستشهد هذه الخدمات تحسُّنًا في جودتها، وستتحسّن قدرة المجتمعات المحلية في الوصول إليها.

5. ستصبح الأقاليم وحداتٍ تنمويةً إنتاجية تكاملية ستعمل على تطبيق مبدأ الاعتماد على الذات.

6. ستشهد المحافظات بدايةَ تحوُّل اجتماعي اقتصادي وثقافي لصالح التحديث والثقافة الإنتاجية.

وأخذت اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسة، في الاعتبار، ضرورة توضيح ملامح التدرُّج في الوصول إلى برلمان معظُمه من أحزاب برامجية، بوصف ذلك أحد المفاصل المهمة في عملية التحديث السياسي، التي تتطلّب دورات انتخابية عدة لإنضاج النموذج الديمقراطي الذي يحتاج دومًا إلى إبقاء آلية التحسين المستمر عاملة.

وشددت اللجنة على ضرورة أن تخضع هذه العملية للتقييم المستمر، لتعزيز عناصر القوة فيها وتجاوُز التحدّيات والمعيقات التي تظهر عند التطبيق، لضمان نجاح مسيرة التحديث المنشودة.

أولًا: قانون الانتخاب وتطوير الحياة الحزبية

انطلاقًا من المكانة المركزية للأحزاب في تحديث الحياة السياسية والانتقال إلى برلمانات قائمة على كُتَل وتيارات حزبية برامجية، جاءت قناعة اللجنة بتوسيع قاعدة تمثيل الأحزاب في البرلمان من خلال التدرُّج بتخصيص مقاعد حزبية، وصولًا إلى مجلس نواب ذي أغلبية حزبية برامجية في الدورة البرلمانية الثالثة بعد إقرار مشروع قانون الانتخاب الجديد، وعلى النحو التالي:

المرحلة الأولى: تجري انتخابات (المجلس النيابي العشرين المقبل) وفقًا لأحكام قانون الانتخاب الذي قدمت اللجنة مسوّدته وذلك بعد إقراره من البرلمان ومروره بمراحله الدستورية، والذي يقضي بوجود حوالي (30%) من أعضاء مجلس النواب يتم انتخابهم على أساسٍ حزبيّ من خلال الدائرة العامة (القوائم الوطنية)، وهذا يشكّل (41) مقعدًا من أصل (138) مقعدًا تمثل مجموعَ مقاعد المجلس.

المرحلة الثانية: تجري انتخابات المجلس النيابي الحادي والعشرين، وفقًا لمعادلة جديدة لتوزيع مقاعد المجلس، تقضي بتخصيص ما لا يقلّ عن (50%) من المقاعد للأحزاب. وتتم معالجة المقاعد المخصَّصة للمرأة والمسيحيين والشركس والشيشان والدوائر المغلقة على مستوى الدوائر المحلية بموجب نظام يصدر لهذه الغاية.

المرحلة الثالثة: تجري انتخابات المجلس الثاني والعشرين وفقًا لمعادلة جديدة لتوزيع مقاعد المجلس، تقضي بزيادة المقاعد المخصَّصة للأحزاب والائتلافات الحزبية لتصل إلى ما لا يقل عن (65%) من مجموع عدد مقاعد المجلس النيابي.

ثانيًا: تحديث منظومة الإدارة المحلية

يستند مبدأ التدرُّج في تحديث منظومة الإدارة المحلية إلى كَون هذه المنظومة تُعَدّ بنية تحتية أساسية للنموذج الديمقراطي الأردني، وتحتاج إلى مراحل انتقالية قادرة على إحداث تغيير اجتماعي ثقافي موازٍ لعمليات تطوير الإدارة والخدمات والتنمية وتوسيع المشاركة الشعبية فيها وصولًا إلى نموذج الحكم المحلي، وقد توافقت اللجنة على أن تمرّ عملية التدرُّج في الوصول إلى الحكم المحلي بمرحلتين هما:

المرحلة الأولى: تحتاج إلى الدورتين الأولى والثانية، وتشمل تمكين الهياكل المنتخَبة على مستوى المحافظات والبلديات والمجالس المحلية، بما يضمن تطوير القدرات المؤسسية والبشرية، وقيام البلديات بإعداد المخططات الشمولية والخطط المستقبلية، وتوسيع الخدمات والمهام التي تقدمها للمواطنين، وتحفيز الشراكة بين البلديات، وزيادة تمثيل ومشاركة الشباب والمرأة في المجالس المنتخَبة، ومشاركة الأحزاب في انتخابات المجالس.

المرحلة الثانية: تأتي مع الدورة الانتخابية الثالثة، وتشمل استحداث مجالس الأقاليم، الأمر الذي يتطلب العمل على نقل سَلِس للصلاحيات من المركز إلى مجالس الأقاليم في المجالات الخدمية والإدارية والمالية والتنموية، وإرساء نموذجٍ للعمل التكاملي من المجالس المحلية إلى مجالس الأقاليم، مرورًا بمجالس البلديات والمحافظات، وتطوير وتفعيل الرقابة والمساءلة على هياكل الإدارة المحلية بمستوياتها المختلفة.

التعليقات مغلقة.