بعد كورونا والوقود والسائقين…أزمة جديدة في بريطانيا

1٬054

الأردن اليوم – بين تفشي الوباء، وموجة تقاعد من النظام الصحي، وتشديد قوانين الهجرة، تلوح أزمة موظفين خطيرة تهدد هيئة الخدمات الصحية الوطنية البريطانية، التي تتوقف استمراريتها على العاملين الأجانب.

ومع انتماء العاملين في هيئة الخدمات الصحية الوطنية إن إتش إس التي تعتبر مصدر اعتزاز للبريطانيين إلى ما لا يقل عن 211 جنسية، فإنها تعتبر من أرباب العمل الأكثر اختلاطاً في العالم، ما جعل القطاع يعاني أزمة بالغة في العاملين مع استحالة السفر في ظل تفشي الوباء، على ما أوضحت مسؤولة العمليات في أحد مستشفيات لندن فيزان رنا.

وتشير الأرقام إلى أن عدد العاملين الصحيين الذين وصلوا إلى المملكة المتحدة بين مارس (آذار) 2020 و2021 أدنى بـ3700 شخص منه في 2019-2020.

لكن بريطانيا تسجل تراجعاً في عدد العاملين الصحيين الوافدين منذ سنوات، ويشير السجل الرسمي إلى أن عدد الممرضات والممرضين الأوروبيين في 2021، كان أقل بـ 8 آلاف عن 2016، سنة الاستفتاء على الخروج من الاتحاد الأوروبي، بلايكست.

وأظهر تحقيق لمجلس الممرضات والقابلات في 2020 أن أكثر من نصف الذين يغادرون المملكة المتحدة يذكرون أن بريكست سبب قرارهم.

وأوردت مجموعة “هيلث فاونديشن” للدراسات، أن تضافر العوامل الناجمة عن بريكست، وتشديد قوانين الهجرة، والوباء قد يؤدي بحلول 2029، إلى نقص يقدر بنحو 108 آلاف عامل صحي، ما يعني خسارة أكثر من ثلث العاملين حالياً البالغ عددهم 300 ألف.

وأوضح المحلل في مركز “نافيلد تراست” للدراسات في الصحة مارك دايان، أن استقدام عاملين صحيين من الخارج لطالما كان “حلاً مرتجلاً” للمملكة المتحدة التي تعاني “أزمات متكررة” منذ 40 عاماً.

ويعود إسهام المهاجرين في النظام الصحي البريطاني إلى ما بعد الحرب العالمية الثانية، حين أرسل أطباء من المستعمرات البريطانية إلى المناطق التي تواجه نقصاً في المملكة المتحدة.

ووصل افتخار علي سيد الطبيب المتقاعد إلى بريطانيا في 1960 من باكستان، وزاول الطب 45 عاماً في بورنلي، المدينة الصناعية في شمال إنجلترا.

وعلى غرار العديد من زملائه، أُرسل إلى منطقة فقيرة حيث كان توظيف أطباء وممرضين أكثر صعوبة.

وأوضح افتخار علي سيد،86 عاماً، أن “الأطباء الأجانب كانوا يحصلون على عيادة لا يريدها أحد، متذكراً موجة الأطباء المهاجرين التي اجتاحت بيرنلي في ذلك الحين فسمحت للمدينة بإقامة أول وحدة لطب القلب فيها”.

غير أن قسماً كبيراً من هؤلاء الأطباء تقاعد في بداية الألفية، ما أثار أزمة في المنطقة حيث نسبة المهاجرين مرتفعة بين الفرق الطبية، تفاقمت مع “الطلب الهائل” الناجم عن رحيل الأجانب بعد بريكست.

ومع الخروج من الاتحاد الأوروبي، زادت صعوبة قدوم أطباء وممرضين جدد بعد إقرار نظام هجرة يقوم على جمع النقاط، ويتحتم على طالبي الهجرة بموجبه استيفاء مستويات محددة من الأجور، وإتقان الإنجليزية، والحصول على عرض وظيفة ذات مؤهلات خاصة.

وحتى إن كان هناك نظام تأشيرات خاصة للعاملين في المجال الصحي، يرى أكشاي أكولوار الطبيب الهندي، أن عدداً متزايداً من مواطنيه، يفضلون التوجه إلى أستراليا، وكندا، ونيوزيلندا، والشرق الأوسط بسبب نظام التأشيرات الأكثر سخاءً من بريطانيا.

وأوضح مارك دايان، أن الإصلاح سيطال خاصة وظائف القطاع الاجتماعي، وهي مهن على ارتباط وثيق بنظام الخدمات الصحية، غير أن العاملين فيها لا يعتبرون ذوي مؤهلات، وأجورهم متدنية، في حين عانى القطاع بشكل خاص من وضع حد لحرية التنقل كما في الاتحاد الأوروبي والتي كانت تشكل “صمام أمان” لهم.

ورأت ريبيكا بلاند، التي تدير وكالة ممرضات أن الوضع اشبه بـ”أزمة وجودية”، موضحة أن وكالتها التي تتعامل مع هيئة الخدمات الصحية تعوّل إلى حد بعيد على قادمين من الفلبين، غير أنها لم تنجح في العام الماضي في توظيف سوى عُشر العاملين المطلوبين ما دفع موظفيها “للعمل بأقصى حدود طاقاتهم”.

وأعلنت الحكومة البريطانية هذا الشهر تخصيص تمويل إضافي لهيئة الخدمات الصحية الوطنية بـ 36 مليار جنيه إسترليني (42 مليار يورو)على مدى ثلاث سنوات، لكن مارك دايان اعتبر أن ضخ هذه الأموال لن يكفي لتسوية مشكلة النقص في العاملين، موصياً عوض ذلك بتخطيط أفضل وبتدريب عاملين.

التعليقات مغلقة.