“الأمازونيات”.. قصة الجيش النسائي الوحيد في العالم

244

الاردن اليوم : 

شكَّلت محاربات الأمازون في مملكة داهومي القديمة (بنين حاليًا) الجيش النسائي الوحيد في العالم، بينما يقاتل أحفادهن اليوم لاستعادة إنسانيتهن.

والأمازونيات أو محاربات الأمازون في ثقافة الشعوب هنّ من المقاتلات النساء وأول من سخَّر الحصان لأغراض القتال، كما تروي الميثولوجيا والأساطير وعلى رأسهم الميثولوجيا الإغريقية.

وسلّطت صحيفة “واشنطن بوست” الأميركية الضوء على هؤلاء المحاربات. ونقلت عن نانليهوندي هودانو، سيدة عجوز من بنين، أن جَدَّتها كان يمكنها أن تفصل رأس رجل عن جسده مستخدمة سيفًا بشفرة منحنية، وفضلًا عن ذلك كان يمكنها تسلُّق جدار شائك، وكرَّست حياتها للدفاع عن الملك.

ووردت هذه التفاصيل، في مذكّرات المستكشفين الأجانب، لكنّهم أخفقوا في تصوير القصة كاملة.

الجيش النسائي الوحيد

تُريد نانليهوندي أن يعرف الناس المزيد عن محاربات الأمازون في مملكة داهومي، الجيش النسائي الوحيد المُوثَّق في التاريخ الحديث.

وأمضى الباحثون عقودًا من الزمن في البحث في محفوظات دول أوروبا وغرب إفريقيا لرسم صورة عنهنّ من كتابات الضبّاط الفرنسيين والتجار البريطانيين والمبشرين الإيطاليين.

بيد أن عامل الزمن والحكم الاستعماري قضيا على جزء مهم من إرث الأمازونيات: ألا وهو إنسانيتهنّ.

وقالت نانليهوندي، البالغة من العمر 85 عامًا وتُعد واحدة من آخر الأشخاص على وجه الأرض الذين نشأوا مع إحدى الأمازونيات، إن “جدتي كانت من محاربات الأمازون وكانت لطيفة. وقد ذاع صيتها بحماية الأطفال”.

عام 1894، استولت فرنسا على ما يُعرف الآن بدولة بنين، وقام ضباط المستعمرات بحلِّ القوة الفريدة للمحاربات في الإقليم، وفتحوا قاعات دراسية جديدة، ولم تُذكَر كلمة عن محاربات الأمازون في المناهج الدراسية. وحتى اليوم، لا يعرف كثير من سكان بنين البالغ عددهم 12 مليون نسمة سوى القليل عن جدَّاتهم.

الأمازونيات

أدانا والحنين لساحات المعركة

أما أدانا، محارِبة أخرى، فكانت تحنّ لساحات المعارك. أخبرت أدانا أحفادها بأن الأعمال المنزلية لا تروق لها، وأنها تفضّل نصب الكمائن للأعداء. وكانت تُقاتل بيديها العاريتين (دون سلاح)، وهما سلاحها المفضل؛ إذ يستغرق إعداد البندقية وقتًا طويلًا.

تقول حفيدتها، أيبيلي دهوي، البالغة من العمر 72 سنة: “أخبرتني كيف كانت تخنق خصومها، مستخدمة أظافرها الطويلة”. لقد حوَّلت أصابعها إلى مخالب.

اعتقدت أدانا أن المعارك علمتها دروسًا في الحياة، مثل تعلّم الصبر والهدوء والتصرّف بطريقة مدروسة.

وعلَّمت الأمازونيات أحفادهن الدفاع عن النفس بعد بلوغهم سن الرشد. ذات يوم، وجدت إيبيلي نفسها في سجال مع إحدى النساء في السوق، فقامت بضربها بوعاء من السيراميك.  قالت: “كان بإمكاني الهرب، لكن جدتي علمتني الدفاع عن نفسي”.

ياكيتو.. وامبراطوريتها الزراعية

لم يكن في قرية ديتوهو أي تبغٍ قبل ظهور الأمازونيات. وبعد أن نجت من المعركة مع فرنسا، رفضت ياكيتو الأدوار القائمة على النوع، فقد ترفَّعت عن الأعمال المنزلية التي عادةً ما تتحمّلها النساء؛ وذلك بُغية التركيز على تكوين إمبراطوريتها الزراعية.

وعرفت ياكيتو مكان العثور على النبتة اللازمة للتدخين. وهكذا رحلت إلى هناك لإحضارها. وقال حفيدها داه ديجيكا ديجبو، البالغ من العمر 73 عامًا: “لقد كانت مغامرة للغاية”.

وكان ديجبو صغيرًا عندما ماتت جدته، لذا فإن ذكرياته عن ياكيتو باهتة. لكنه يتذكر نشأته بفخر: “تزوج جده من محاربة، وتحوّل كيس بذور تبغَها الخاص إلى تجارة توظِّف نساء أخريات. وتعمل حفيدة ديجبو في التجارة ذاتها. وقال: هذا هو إرثها”.

وبذلت ياكيتو جهودًا مضنية لتحْمل بطفل، لذلك شيَّدت الأسرة معبدًا خرسانيًّا قربانًا للآلهة على مشارف المدينة طلبًا للإنجاب. ولكن لما فشلت ياكيتو في الإنجاب، حوَّلت تركيزها إلى توجيه الفتيات.

وفي هذه الأيام، غادرت الشابات اللاتي يعشن مع ديجبو القرية إلى العاصمة، بحثًا عن فرص عمل أفضل. وينسب ديجبو الفضل في ذلك إلى تأثير الأمازونيات فيهن.

التعليقات مغلقة.