لا يغرنك هتاف القوم بالوطن فالقوم بالسر غير القوم بالعلن !!

807

الاردن اليوم – كعادتهم تجار المبادئ والمواقف الشعبوية الذين يرتدون ثوب المثالية ويدعون الحرص والولاء والانتماء للمصلحة الوطنية، يتخفون خلف أوراقهم جلها مصالح شخصية لهم ولأبنائهم، فلا يحق رفع يافطات على مخازن فارغة من كل القيم التي يدعونها في العلن ويلعنون فيها الوطن بالسرّ، اذا ما تعارضت مصالحهم الذاتية مع أهدافهم، التي تعبر عن رؤية انتهازية مغلفة بعبارات منمقة كانت ذات يوم تصدح بالمديح لحكومات، أتت على مقاس انتهازيتهم ومكنتهم من تحقيق بعض مصالحهم!

فما زالت في الذاكرة لدى كل أردني ضميره حيّ، قصص وحوادث مع كتاب وطنيين أثبتت موت ضمير مدعي الإنتماء والشرف، حينما تركوا في منتصف الطريق لوحدهم و لتكون نهايتهم التصفية على أيدي قتلة مجرمين، وهو ما ترك جرحاً في نفس كل وطني أردني غيور على مقتل أشخاص كانت نموذجاً في إدارة الاختلاف، وفق نهج ديمقراطي، عبر بوابة منابر الرأي والرأي الآخر لا الانسحاب والذهاب إلى هناك لتحقيق المطامع والأهداف، واستغلال المواقف من اجل مصالح الآباء والأبناء.

ذاته عديم الضمير يدعي الشرف والوطنية المغلفة اليوم، بأجمل العبارات التي تظهر انتماء للوطن وانحياز لقضايا الناس، لنجد في نهاية المسرحية اننا امام عدد من الممثلين القادرين على جرّ الناس إلى مواقفهم التي تتبنى مصالحهم !

فكيف نميز بين المعارض الحقيقي والمعارض الانتهازي؟! انها معادلة اصبحت تحتاج إلى فك طلاسمها التي تتمدد إلى زمن من الشعارات والساحات، التي جعلت من البعض رموز وطنيه لكنها تسقط وتتكشف حقيقتها أن لم يتم استيعابها بالدخول إلى الوزارة أو بتعديل وزاري ليتبين أن كل تلك الادعاءات والمعارضة المزيفة ما هي الا أدوات ضغط لتحقيق أهداف شخصية !.

الوطنية كذلك ليست حكرا على من يعلو صوته بشعاراتها أو يدعيها؛ فالتاريخ الطويل لبعض دعاة الوطنية تسقطه المواقف ايضا التاريخية والسقطات الانتهازية التي تشكل جوهر السر والعلن في الذات الانانية التي تحسن ارتداء اقنعة وادعاء الشعارات الوطنية التي أن لم تكن في خدمة اصحابها وتعود بالنفع عليهم تتحول الوطنية وأدواتها إلى مجرد اتهامات قد تتجاوز اتهامات الفساد إلى العمالة.

نُصاب بالدهشة إلى حد الصدمة عندما تقرأ أو تسمع دعاة بناء دولة القانون والمؤسسات والمناضلين عبر مختلف الساحات القانونية أو المنابر الاعلامية يسعون إلى توظيف كل تلك الادعاءات أدوات ضغط، لتحقيق الآمال والطموحات الشخصية، فهناك من أصبح يسعى إلى الدخول إلى الوزارة عبر هذه النافذة، وان تجاوز البعض القدرة على تحمل ” الأمانة ” لا مانع أن تتوزع المكاسب على الأبناء والأحبة وإذا لم يتحقق الهدف المنشود يتم اطلاق سهام ما يسمى شكلا نقدا للحكومات، وهو بواقع الحال ردحاً ضد حكومات لم تأخذ بعين الاعتبار مسيرة النضال والدفاع التي نهض بها الجهبذ الثوري في ساحات النضال الوطنية، دفاعا عن الوطن ومكتسباته التي نكتشف في نهاية الفصل انها مجرد نضالات، لتحقيق مكتسبات للأبناء والأقارب.
لقد أصبحت عرفا وبضاعه موسمية تزداد حدتها وتشتعل جذوتها قبل كل تغيير أو تعديل وزاري للفت الانتباه والضغط على القادم في حركة ابتزاز تخلو من أي خلق حميد كما أنها لا تمت للوطنية بأي صلة .

نعم القوم في السرّ غير القوم في العلن في محبة الوطن، لكن أن تتحول هذه المقولة إلى أداة للضرب والضغط على من يطرحون اجتهاداتهم بالسرّ وامام العامة، فإنها وسيلة مكشوفة حتى التعرية التامة والسقوط المدوي الذي يكشف ايضا غياب ثقافة الفرسان في إدارة الاختلاف حول المصلحة الوطنية وليس على المصالح الشخصية !!
لقد كان أبطال هذه النزعة موجودين منذ عصور قديمه ،ولكن للأسف ساهمت وسائل التواصل الاجتماعي بزيادة أعدادهم حينما أصبح متاحاً لكل من يمتهن هذه المهنة منبراً مجانياً يمارس فيه رغباته، ويحصد فيه الاعجابات التي تشجعه على المضي قدماً.

التعليقات مغلقة.