الأسئلة الأكثر تكراراً بين الأردنيين: لوين رايحين؟ وين البلد رايحة؟

722

  بقلم : المهندس سليم البطاينه

عملياً معظم دول العالم تمتلك مراكز أبحاث ودراسات استقصائية حقيقية غير تابعة ولا تتلقّى أوامر من أحد ، والقائمين عليها لا يلهثون وراء المكاسب والمناصب والحقائب ، ولا يعملون على تزوير الحقائق.

لكنّنا في الأردن وفّرنا على أنفسنا عناء الشقاء .. ويكفي أن تسأل بائع بسطة خضار أو سائق سرفيس أو عامل مخبز أو طالب جامعة .. الخ ، عن أحوالنا لتتلقى الإجابة خلال ثوان عدة ومعها ابتسامة مجانية بأن البلد رايحه نحو المجهول .. عندها تُصدَم وتتوقف عن سيل تلك الأسئلة ولا تُثقل عليه فوقْته ثمين يصارع فيه الوقت ليؤمن لقمة عيشه وعيش أولاده.

وفي كل تلك الحالات  نحن أمام أيدولوجية الغضب التي لا تحتاج إلى دليل ، فبائع الخضار والسائق والموظف الصغير وعامل الوطن ، وبائع البالة في كافة محافظات المملكة ، كل هؤلاء تجمع بينهم كلمة واحدة تعبر عن حالات اليأس القصوى أو عن درجة الصفر من اليأس !!

حيث أن عوامل الغضب والإحباط الشعبي سببها الرئيس عجز الحكومات عن مواجهة التحديات المعيشية للمواطنين ، لأن صُنّاع السياسات الداخلية والإقتصادية في الأردن هواة لا يعرفون التاريخ والجغرافيا ، ولديهم حالة من الفردية في التعامل مع الأزمات وفي إعداد الإستراتيجيات بشكل عام.

إنه واقع مقلق يُحلّق في أفق لا نعلم متى سينتهي وتنتهي معه سنوات الضياع نتيجة عبث صبيان السياسة .. فالدولة التي تُعطي مصيرها للمجهول لا تنتظر إلا عدم الإستقرار ، وكثير من الأحيان يُحار الواحد منا ويسأل : أين هو صوت العقل ؟ وإلى متى سيبقى غائباً ؟ وإلى متى سيبقى الأردن على هذا الحال ؟ فقد بُحّت أصواتنا وبتنا أمام أزمة مركّبة شديدة في المصداقية جعلتنا نقفز في السراب وخلقت أجواء حالكة من أجل إخفاء الحقائق.

لنكن واقعين ، المشهد يقول أن الحكومة أصبحت لا تقوى على حمل نفسها وتفتقر إلى خطط دفاعية لتحصين الذات وتقوية المناعة ، ويغيب عنها أهمية الحوار العقلاني بسبب العشوائيات ، والأردنيون باتوا لا يتمتعون بأي حصانة وضمانة لمستقبلهم في ظل غياب الحلم والأمل ، والدولة صامتة وشاردة وكأن الأمر لا يعنيهم.

إننا أمام حالات من الغضب والصراخ الذي يكسر كل حواجز الصمت وحيطان الخوف ، وربما صار مُلحاً الإعتراف أننا نواجه أزمة دولة وحكومات ومؤسسات ونُخب ورجال دولة .. فالأيام القادمة لن تكون مجرد نزهة ، والناس ملّت من المفردات المُملة والساذجة التي تطلق أحياناً هنا وهناك .. وحالة الإنفصام بين الدولة والناس تورّمت ، ولم يعد خوف الأردنيين من خطورة مؤامرة الوطن البديل بقدر ما هو من خلق النظام البديل ، وقادم الأيام ستشهد كثير من الإستحقاقات أخطرها تنفيذ بنود صفقة القرن وتصفية القضية الفلسطينية.

التعليقات مغلقة.