هل صحيح.. “كله مرسوم لا تغلب حالك”؟

248

بقلم :   بلال العبويني

يسألك أحد عن شان عام، فتجيب بما يمليه عليك اطلاعك ومعرفتك وثقافتك، فيباغتك السائل فجأة “لا ترد على هالحكي كله مرسوم”.
تسأله، يعني نركن جانبا ولا نكتب أو نفكر او نعترض، فيجيبك ببساطة “لا تغلب حالك.. عالفاضي”.
السوداوية والتشاؤم في كل مكان للأسف، ما يؤشر إلى ضرورة التوقف والتأمل قليلا للبحث في أسبابها وتداعياتها.
الدولة تسير اليوم نحو مشاريع سياسية كبرى متمثلة بالإصلاح السياسي، غير أن ردود الفعل في الشارع احيانا تكون صادمة عندما لا يلقي المواطن البسيط لها أي أهمية، بل يتعامل معها بسوداوية مفرطة، وقد لا يكون ملاما على ما وصل إليه من حال.
من دون أدنى شك، الواقع الاقتصادي يضغط على الناس، فلا يمكن أن تتعامل بإيجابية مع مشاريع سياسية مهما كانت كبيرة وجادة من دون أن يشعروا بانعكاس ذلك على حياتهم اليومية.
قد لا ينفع التحليل السياسي في محاولة إقناع الناس أن هذه الإصلاحات السياسية قد يكون لها انعكاسات مباشرة على مناحي الحياة المختلفة الاقتصادية والمعيشية للمواطن، طالما ظل يشعر أن راتبه لا يكفيه إلا بضع أيام من الشهر أو أن ما يحصل عليه من دخل يومي لا يمكنه من شراء كيلو من اللحم او الدجاج يطعم به عياله.
الحكومات السابقة ارتكبت أخطاء عندما كان العنوان الطاغي، هو الإصلاح الاقتصادي، عندما لم ينعكس الإصلاح على حياة المواطن بشكل مباشر رغم ما تلقاه من وعود بقرب الخروج من عنق الزجاجة والاقتراب من الضوء آخر النفق.
هذا الشعور العام لدى المواطنين يجب أن يشكل قلقا لدى أصحاب القرار، فلا يعقل أن نشهد تعديلات وإصلاحات سياسة من دون أن تحوز على اهتمام المواطنين، فهي عندئذ ستكون نصوصا جامدة في بطون الكتب والدوسيهات وعلى المواقع الإلكترونية الخاصة بالوزارات والمؤسسات.
وإلا ما قيمة قانون الأحزاب، طالما لن نجد مشاركة حزبية واسعة من المواطنين؟، وما قيمة قانون الانتخاب إن ظل الناخب يخطب ودّ ابن العم وبنت الخال أو من هو قادر على تأمين وظيفة هنا أو مساعدة هناك؟.
مؤمن أن الإصلاح السياسي يجب أن يستبق أي مشاريع إصلاحية أخرى لأنه السبيل الذي يمهد الطريق سالكة للإصلاح الاقتصادي، لكن الوقت لا يخدم كثيرا فالحاجة ماسة لإحداث اختراق اقتصادي من نوع ما يشعر المواطنين أن هناك انجازا يصب في صالحهم.
نعلم ان الأمر ليس بهذه البساطة، فلا وصفة سحرية لدى الكاتب ليقدمها إلى أصحاب القرار، لكن ما يعلمه أن الدولة بكافة أجهزتها مطالبة اليوم بالتفكير في ذلك والعمل سريعا على قرار يشعر المواطن بالرضى، علنا نمهد الطريق سريعا أمام المشروع السياسي الأكبر الذي ننتظره.
فهل هذا ممكن، وهل الوقت يخدم؟ هذا ما يجب التفكير فيه عميقا.

التعليقات مغلقة.