نفاق الغرب ما بين فلسطين وأوكرانيا

177
بقلم :  محمد حسن التل
 
كشفت حرب أوكرانيا الوجه الحقيقي لتعامل الغرب المسيطر على قرار العالم ، كم هذا الغرب يكيل بمكيالين تجاه قضايا العالم ، وبالذات قضية فلسطين ، فمنذ ما يقارب القرن فلسطين وأهلها يتعرضون لأبشع صنوف التآمر والعنصرية ومحاولات الإلغاء والقمع المنظم ناهيك عن القتل والتشريد والعالم صامت بل ويدعم آلة الحرب الإسرائيلية في حربها على الفلسطينيين ، ففي الوقت الذي تكون به إسرائيل تدك الفلسطينيين بالموت والدمار ، تخرج دول الغرب بكل تحيز وعنصرية لتقول من حق إسرائيل أن تدافع عن نفسها !!

الموقف الحازم المتكتل باتجاه روسيا في حرب أوكرانيا كشف عمق المؤامرة على فلسطين والتحيز لإسرائيل ، هم يعلمون أن إسرائيل كيان قام على حساب شعب فلسطين الذي اقتلع من أرضه بكل وحشية ، وهي حالة فريدة في التاريخ .

أمريكا ومن خلفها أوروبا تمارسان اليوم أقصى وسائل الضغط على روسيا ، وتشنان حربا اقتصادية شعواء عليها ، حتى وصل الأمر بهم إلى التهديد بالسلاح النووي كما يدعون للدفاع عن أوكرانيا ، والحقيقة أن الموقف الامريكي لم يأت فقط من اجل أوكرانيا فالمؤسسة السياسية الأمريكية تريد الوقوف في وجه عودة التوازن الدولي بوجود أكثر من قطب في العالم حتى تظل منفردة في السيطرة على القرار الدولي خصوصا بعد بروز محاور جديدة قوية على الساحة الدولية كروسيا والهند والصين وإيران مع بروز تململ لدى بعض الدول العربية للخروج عن الوصاية الأمريكية ، وهذا كله في حسبان الأمريكان ومخططاتهم ، ولكن ما يهمنا نحن كعرب الظلم والنفاق والعنصرية والتحيز الذي تتعرض له فلسطين وشعبها ، كما أشرت فمنذ قرن وهذا العالم يدافع عن إسرائيل ويقف معها ويغض الطرف عن جرائمها على أرض فلسطين التي لا تفرق بين حياة وموت .

العنصرية الغربيه تجلت بوضوح خلال الأيام الماضية بطريقة التعامل مع الفارين من أوكرانيا ، حيث كانت المعاملة مع العرب والمسلمين وكأنهم ليسوا بشرا ولم يخجلوا من ذلك ، فكثير من المسؤولين الغربيين قالوها بصراحة بأنهم لن يسمحوا لغير الأوروبيين بدخول بلادهم وهم يقصدون بذلك العرب والمسلمين ، لنتصور أن دولة عربية وإسلامية قد قامت بنفس السلوك ستكون النتيجة باننا أمة الإرهاب والعنصرية والتخلف .

أمريكا اليوم بجنونها إزاء ما يحدث في أوكرانيا ستكون على المدى المتوسط هي الخاسرة ، حيث بدأت دول عديدة في أوروبا بالذات تتململ لأعادة صياغة موقفها من أحداث أوكرانيا ، ومحاولة فتح حوارات مع روسيا لأنها تدرك أن الأخيرة لا يمكن محاصرتها اقتصاديا بهذه الطريقة الرعناء حيث ترتبط معظم دول العالم معها بمصالح اقتصادية ضخمة .

أمريكا تدعي أن ما تقوم به روسيا في أوكرانيا هو اعتداء صارخ على حرية الشعوب واستقلال الدول وتهديد السلم العالمي ، فماذا تسمي احتلالها للعراق وإسقاط الدولة هناك وتشريد شعبه وإغراقه في بحور الدم والفتنة ، كذلك أفغانستان ، ماذا تقول فيما يحدث في فلسطين من جرائم لم يعرف مثلها تاريخ العالم على أيدي قادة إسرائيل وجيشها ، لقد كشفت الحرب الدائرة في أوكرانيا كم هي العدالة غائبة عن العالم ، وكم نحن نقف على الهامش لا حول لنا ولا قوة ، وكم هو بشع وجه التحيز الذي يمارسه الغرب في معركة الوجود بيننا وبين إسرائيل .

التعليقات مغلقة.