النصاب القانوني لجلسات النواب

116

بقلم : أ. د. ليث كمال نصراوين

 

تتابع الأوساط السياسية والشعبية ما سيصدر عن المكتب التنفيذي لمجلس النواب من قرارات تهدف إلى التصدي لظاهرة غياب النواب عن جلسات المجلس ومغادرتهم لاجتماعاته بشكل مبكر، حيث تتعالى الأصوات لصالح تطبيق النظام الداخلي لمجلس النواب والخصم من المخصصات المالية للأعضاء الذين يتغيبون دون عذر مقبول عن جلسات المجلس.
وتجدر الإشارة في هذا السياق إلى أن الدستور الأردني قد ساهم بشكل غير مباشر في توفير الأسباب والمبررات التي تدعو النواب إلى عدم حضور جلسات المجلس. فالمادة (84) من الدستور كانت تشترط لكي تعتبر جلسة مجلس النواب قانونية أن يحضرها ثلثا أعضاء المجلس، على أن تستمر الجلسة قانونية ما دامت الأغلبية المطلقة من أعضاء المجلس حاضرة فيها.
إلا أن هذا النص الدستوري قد جرى تعديله في عام 2011، بحيث أصبح يشترط في جلسة مجلس النواب أن يحضرها الأغلبية المطلقة من أعضاء المجلس، على أن تستمر الجلسة قانونية ما دامت هذه الأغلبية حاضرة فيها.
إن حقيقة ما قام به المشرع الدستوري في عام 2011 أنه قد خفض من النصاب القانوني لجلسات مجلس النواب، بحيث أصبح يشترط لافتتاح الجلسة حضور ما مجموعه (66) نائبا فقط، في الوقت الذي كان النص الدستوري قبل التعديل يشترط حضور (86) نائبا لكي تبدأ أعمال الجلسة. وبهذا يكون الدستور قد شجع النواب على الغياب عن جلسات المجلس دون عذر مقبول، وذلك من خلال تقليل عدد النواب الواجب تواجدهم لكي يفتتح الرئيس جلسة المجلس.
وقد ترتب على هذا التخفيض في عدد الأعضاء الذين يشترط حضورهم لاعتبار جلسة مجلس النواب دستورية مشكلات جمة تتعلق بعدد الأصوات التي بموجبها تصدر القرارات عن المجلس النيابي، وبالأخص تلك المتعلقة بمناقشة مشاريع القوانين والتصويت عليها. فمن التبعات الدستورية لتخفيض نصاب حضور الجلسات أن أكثرية أصوات الأعضاء الحاضرين التي تشترطها المادة (84/2) من الدستور لصدور قرارات المجلس أصبحت لا تذكر، بالمقارنة مع العدد القليل من النواب الواجب حضورهم لافتتاح جلسات المجلس.
فمشروع القانون العادي يمكن أن يُقر بموافقة عدد قليل جدا من النواب المصوتين عليه إذا ما قورن هذا الرقم مع العدد الإجمالي لأعضاء المجلس. وهذا ما يؤثر حتما على المشروعية الدستورية لهذا الإجراء، الذي لم يوافق عليه سوى فئة قليلة جدا من اجمالي عدد أعضاء مجلس النواب.
كما أن تخفيض النصاب القانوني لجلسات مجلس النواب سيثير صعوبات أخرى في التعامل مع القوانين ذات الطبيعة الدستورية. وهي القوانين التي أدخلتها التعديلات الدستورية لعام 2020 والتي يُشترط لإقرارها موافقة ثلثي أعضاء المجلس. فهذه الأغلبية لا تتوافق مع النسبة التي قررها المشرع الدستوري لعدد النواب الواجب حضورهم لافتتاح جلسة المجلس، إذ لا يُعقل أن يكون هناك مشروع قانون معدل لقانون الانتخاب أو لقانون الأحزاب السياسية الذي يتطلب تعديله موافقة ثلثي أعضاء المجلس، وأن يسمح الدستور بافتتاح الجلسة وانعقادها بحضور الأغلبية المطلقة من أعضائه.
إن هذه الجلسة وإن كانت دستورية، إلا أنه لا يتوافر فيها النصاب القانوني للتعامل مع هذه القوانين ذات الصفة الدستورية، وهنا يكمن الخلل في النصاب القانوني لجلسات مجلس النواب.

* أستاذ القانون الدستوري في كلية الحقوق في الجامعة الأردنية

التعليقات مغلقة.