الحرب في أوكرانيا تُغذي جشع «إسرائيل»
بينما تراقب دولة الاحتلال كل فلسطينية تضع مولوداً جديداً فإنها ترقب العالم بحثاً عن أزمة هنا أو حرب هناك، لتقوم بولادة قيصرية وقسرية ليهودي يعادل ذلك الفلسطيني القادم إلى عالم مليء بالتعاسة والمعاناة، فبينما يصل ذلك اليهودي الى فلسطين محفوفاً بالعناية والرعاية تحيط به هالة من التاريخ المصطنع، يولد الفلسطيني دامعاً محمر الوجه، إما بسبب الغاز الذي استنشقته والدته او رصاصة مطاطية تلقتها وهي ذاهبة الى غرفة الولادة هذا إن وجدتها فهي في العادة تلد على أحد المعابر وسط جنود مدججين بالهراوات وقنابل الموت، ليس مهماً فالمعايير التي تقاس بها حقوق الإنسان لا تنطبق على الفلسطيني ابداً، فهذه الدولة وإن ألصقت على نفسها صفة الديمقراطية، إلا أنها كانت مغرمةً منذ نشأتها بالهجرتين، واحدة خارج فلسطين يجب أن تكون لصاحب الأرض الأصلي، وأخرى لداخل فلسطين لآخر أُصبغت عليه صفة صاحب الأرض قسراً وظلماً.
وبينما يقبع ملايين الفلسطينيين لاجئين في بلاد الشتات، ينتظرون بلهفة العودة الى وطنهم تحول دولة الاحتلال بينهم وبين هذا الحلم، وتفرض بصلف قانونها الخاص متحدية أي شكل من أشكال القانون الدولي، يساعدها في ذلك قوى دولية غاشمة لا تؤمن إلا بالقوة والأقوياء وليس للحق والحقوق مكان في معادلاتها، فبينما تجوب المنظمات الصهيونية العالم بحثاً عن حرب وأزمة لإقناع اليهود بالتخلي عن أوطانهم الأصلية والهجرة إلى وطن مصطنع بالقوة والنار، يتشظى الفلسطيني هائماً على المنظمات الأممية بحثاً عن حقه في تقرير مصير ووطن مفقود، ففي دولة يشكل فيها مواليد الخارج ٤٠٪ من سكانها، تشير بوضوح الى ماهية هذه الدولة، فهي تعتاش على خراب دول أخرى وربما تسعى إليه، فهلعها الديمغرافي يجعلها تنظر إلى مصائب الآخرين كفرص تغذي منه جشعها إلى البشر المقدسين والموعودين بالخلاص.
ففي الوقت الذي ينظر العالم إلى الحرب في أوكرانيا ككارثة حلت به، قد تجره إلى حرب كونية، تراها دولة الاحتلال فرصة أتتها من السماء كي تستجلب ما لا يقل عن ٥٠ ألف مهاجر، فبثت وسائل الدعاية لترغيب هؤلاء بالهجرة إليها، ولم تلقِ بالاً بكون الرئيس الأوكراني ووزير دفاعه هما من الديانة اليهودية، وكأنها تشكك بانتمائه ووطنيته التي يتغنى بها، بل حتى لم تلقِ بالاً للنداء الذي وجهه ليهود العالم كي يقاتلوا لأجل أوكرانيا، كل ذلك القته الآلة الصهيونية وراء ظهرها في سبيل المزيد من المهاجرين، فالحروب وجبتهم الدسمة التي تغذي شرايين الاستيطان، وتمد آلة القمع الإسرائيلية بمزيد من الوقود البشري، ومن غير ذلك لا تستطيع الاستمرار او البقاء، وبسبب ذلك وزعت موقفها من الحرب هناك بين الأطراف السياسية في الحكومة، فتشعب الموقف حتى أن المتابع لن يكتشف بسهولة مع من يقفون، فهي لا تريد أن تغضب اميركيا حليفتها وراعيتها، ولا روسيا راعيتها في توجيه الضربات في سوريا، وفق إحداثيات الجيش الروسي، ولا تريد ان تغضب اوكرانيا لأسباب عديدة وهي تطرح نفسها كوسيط بين الأطراف، وفي غمرة دورها المصطنع هذا تفاوض على ممرات آمنة لليهود الأوكران، وهذا هو دورها الحقيقي، عدا عن ذلك فليذهب الآخرون الى الجحيم.
صحيح أن اللجوء مؤلم، واللاجئ هو أتعس بني البشر، فهو يترك بيته مرغماً مكرهاً يجر أذيال الخيبة والمرارة، لكنه في حالة دولة الاحتلال يتحول من مضطَهَد الى مُضطهِد، فبينما هو ضحية لهمجية الغازي في أوكرانيا، يتحول منذ أن تطأ قدماه أرض فلسطين إلى غازي ومُشرِد للفلسطينيين، إنها مفارقة عجيبة لا تحصل كثيراً إلا مع الدول التي أُنشئت قسراً خارج معادلات العدل والقانون الإنساني وهذا ما يميز (إسرائيل).
(الرأي)
التعليقات مغلقة.