نعم القرار … ترسيخ دور الجيش في دعم الإقتصاد الوطني

182

د. عدنان مساعدة

 

قرار عطوفة رئيس هيئة الأركان المشتركة اللواء يوسف باشا الحنيطي المتضمن قيام الجيش في زراعة مساحات شاسعة من أراضي المملكة بالحبوب والمحاصيل، حيث يعتبر هذا القرار إستراتجيا وحكيما ورشيدا يدعم الأمن الغذائي وخصوصا في ظل الظروف الاقتصادية التي يعاني منها بلدنا كغيره من دول العالم وما يواجهه من تحديات للسلة الغذائية، كما أن هذا القرار يصب في دعم موازنة الدولة بإعتبار أن الزراعة محور أساس من دعامات الإقتصاد الوطني.
إن هذا القرار الإقتصادي والإسترتيجي يعكس الدور التنموي وتحقيق مفهوم الأمن الشامل الذي يضطلع به الجيش العربي المصطفوي حيث ما زال في ذاكرتنا الوطنية ما قام ويقوم به من دور ريادي عبر مسيرته وأيضا خلال الأعوام الثلاثة الماضية خلال أزمة كورونا في حفظ الأمن الإجتماعي بمتابعة أحوال الناس وتقديم المساعدات لهم، وكذلك حفظ الأمن الصحي من خلال كوادره الطبية وإنشاء المستشفيات الميدانية رغم المسؤوليات الجسام المناطة بقواتنا المسلحة من حماية لأمننا الداخلي والخارجي وحماية الحدود لتبقى أسوار أردننا عالية وصلبة قوية وعصية على الإختراق،
نعم، إن هذا القرار ينم عن عمق في الرؤية والرؤيا التي تضطلع بها قيادة الجيش، حيث أن الضباط والأفراد مؤهلون تعليما وتدريبا وإدارة للموارد، والأهم من ذلك كله صدق إنتمائهم وولائهم حيث يترسمون خطى جلالة الملك الذي يوجه دائما للإهتمام بالقطاع الزراعي ويدعو للإفادة منه كرافد هام ومحور أساس من محاور كرامة الوطن ومتابعة مسيرة الاستقلال الوطني.
وهنا، فإن نهج الإعتماد على الذات، يدعونا إلى مراجعة إستراتيجيات قطاع الزراعة ومتابعة رفد المخزون الإستراتيجي من المواد الغذائية والمواد التموينية ممّا تنبت الأرض، وضرورة إستغلال كل بقعة زراعية التي تم هجرها منذ عشرات السنين بسبب السياسات الزراعية الخاطئة التي لم تشجّع الناس على الإهتمام بهذا القطاع، وخصوصا طاقات الشباب المعطلّة التي لم يتم الإستفادة منها للعمل بالقطاع الزراعي، الأمر الذي يوفر في حال توجيهه بالشكل الصحيح فرص العمل لهم ويزيد الناتج المحلي، إضافة إلى زيادة المخزون الإستراتيجي للسلع المهمة وخصوصا القمح والشعير والحبوب الأخرى وغيرها من محاصيل الخضار والفواكه التي تكفي سوفنا الأردني وتقلّل من نسبة الإستيراد.
وللتذكير هنا، فإن الرقعة الزراعية المستغلة في المملكة مازالت دون المستوى المطلوب الذي يفي بإحتياجاتنا حيث أن نسبة الأراضي المستغلة للزراعة تشكّل 3% من مساحة المملكة 89.342 ألف كيلو متر مربع، حيث تشير الأرقام إلى أن مساحة المحاصيل الحقلية (القمح والشعير وغيرها) تشكّل 25.5% من مجموع مساحة الحيازات الزراعية، فيما بلغت المساحة المستخدمة للخضروات والأشجار المثمرة 7.5% و 27.7% على الترتيب.
وقد يكون مرد ذلك إلى عدم وجود سياسة زراعية واضحة تشجّع المزارع، بالإضافة إلى هجرة الريف مّما ولدّ تقاعسا كبيرا وتراجعا ملحوطا خلال العقود الماضية، وإنعكس ذلك على الإنتاج الوطني من هذا المرفق الحيوي الذي كان يغطي نسبة عالية من إحتياجاتنا في بداية الخمسينيات والستينيات.
وقد سبق لي أن كتبت عدة مقالات للعودة إلى الأرض وإستغلالها الإستغلال الأمثل التي تحقق كرامة الوطن والمواطن على حد سواء، وقديما قيل لا خير في أمة لا تأكل ممّا ولا تلبس مّما تصنع، ولنجعل من ذلك تطبيقا عمليا لينعكس تسارعا وتنمية على عجلة الإنتاج وزيادة السلة الغذائية التي توفّر للوطن ولأبنائه الكرامة وتسهم في تحقيق الأمن الغذائي الشامل، لنواجه تحديات المستقبل بتخطيط وعزيمة الأوفياء وجهود سواعد المخلصين الذين يؤثرون على أنفسهم ولوكان بهم خصاصة.
نعم لهذا القرار الوطني الصادق من قبل عطوفة رئيس هيئة الأركان المشتركة، وليكن ذلك درسا تستفيد منه جميع المؤسسات ذات العلاقة بالشأن الزراعي لتضع كل إمكانياتها للإستثمار الحقيقي يالزراعة، وليتم تعميم ذلك على مدارسنا وجامعاتنا وخصوصا التي تحتوي على مساحات كبيرة مثل جامعة العلوم والتكنولوجيا الأردنية وجامعة آل البيت وغيرهما سيمّا أنها تشتمل على كوادر علمية متخصصة وكوادر فنية قادرة على إدخال التكنولوجيا الزراعية، إضافة إلى توظيف جهود طلبة الجامعات والمعاهد والمدارس ضمن المساقات العملية ومساقات خدمة المجتمع المحلي، لتعود إيراداتها نفعا على موازنة هذه الجامعات بشكل خاص كما سيكون مردودها إيجابيا على الوطن بشكل عام.
ألف تحية لعطوفة رئيس هيئة الأركان المشتركة وللنشامى أبناء الوطن في القوات المسلحة الأردنية درع الوطن على إنتمائهم للزمان والمكان بإدارة حصيفة تتمّيز بالرؤية الواضحة والرؤيا الصادقة نهجا وتطلعات تدفع بمسيرة التنمية والإنجاز الحقيقي الذي يحاكي الواقع ويواجه التحديات.
استاذ جامعي وكاتب/ جامعة العلوم والتكنولوحيا الأردنية

 

التعليقات مغلقة.