عطّار يستحضر روح مدن الصين في عطوره
الأردن اليوم – «يمكن للرائحة أن تحفز الآمال لدى الناس وتلمس حياتهم وتلتقط الأفكار وتستدعي الماضي وتحقق الأحلام، كما يمكنها تحويل المشاعر والذكريات إلى لحظات جميلة»، هذا ما قاله أحد كبار العطارين في الصين، الذي حقق عطره المصنوع لشركة صينية محلية نجاحاً.
هوانغ المتحدر من مدينة لويانغ الصينية حقق النجاح بعد ثلاثة عقود من بدء دراسته، وهو يترأس عمليات الصين لشركة «روبرتيت» الفرنسية، ومسؤول عن فريق يتزايد الطلب عليه لإنشاء عطور ذات علامة تجارية صينية.
أكد هوانغ لصحيفة «ساوث تشاينا مورنينغ وبست»: «لا يزال العطر الفرنسي يتمتع بالجاذبية والتاريخ، لكن المزيد من الناس في الصين يريدون عطراً مخصصاً، وهنا لدينا فرصة»، موضحاً: «عندما تصنع عطراً يكون التواصل هو الجزء الصعب، ويتعين عليك تفسير ما في رأس العميل».
يقر أنه في بعض الحالات تكون طلبات الزبائن صعبة التنفيذ، فقد رغبت شركة «سنت ليبراري» على سبيل المثال، في صياغة عطور توحي بالمدن الصينية الكبرى مثل بكين وشنغهاي وهونغ كونغ وتايبه.
يتذكر قائلاً: «مع بكين، أعطوني فكرة وصوراً، فقد أرادوا إظهار شخصية بكين على سبيل المثال، في المدينة المحرمة، وأرادوا لمسة خشبية لذلك، أرادوا أيضاً تمثيل الأبواب الخشبية الحمراء والأسقف الذهبية والسماء الزرقاء».
وقد استخدم 30 مكوناً بما في ذلك خشب الأرز والمسك والعنبر حسب قوله.
بدأت رحلته في مجال العطور في سن المراهقة عندما اقترحت عليه أخته في أوائل التسعينيات الانخراط بدور تدريبية في صناعة العطور في كلية شانغهاي، وكانت الدورة التدريبية الوحيدة في البلاد حينها. وبعد ذلك، وعلى مدى ثلاث سنوات انغمس في عالم الحواس الشمية، وتعلم كيفية التفريق بين الروائح وطريقة صنعها. وبعد التخرج كان عليه العمل في مصنع لصناعة المنظفات في مقاطعة هينان وسط الصين، حيث كانت وظيفته تتطلب جعل رائحة مسحوق الغسيل لطيفة بميزانية محدودة للغاية. وقد أثار هذا العمل حبه للعطور، فالتحق بمؤسسة العطور المرموقة «إسيبكا» في باريس، ودرس كيفية صنع عطور رائعة على يد أساتذة في الفن والعلم، وتدرب في غراس جنوب فرنسا المعروفة باسم عاصمة العطور في العالم.
وعاد صانع العطور المؤهل إلى الصين في عام 2006 كـ«أنف» معترف به، وهو مصطلح مستخدم لوصف صانعي العطور ذوي المهارات العالية الذين يبلغ عددهم المئات.
يقول هوانغ في مصنع «روبرتت» في هوايرو، إحدى ضواحي بكين: «مع العطر، كلما طالت مدة عملك زادت خبرتك في صناعة عطور جديدة».
يعتقد هوانغ أنه من الصعب على العلامات التجارية الصينية المنافسة مباشرة مع أسماء العطور العالمية التي لها عقود من التراث العريق، ويقول: «بدلاً من ذلك، يشدد اللاعبون المحليون على أوراق اعتمادهم الصينية، ويصنعون الروائح التي تثير الذكريات الجميلة لدى العملاء».
هذا النهج نجح بشكل خاص مع شركة «تو سمر» مع خط إنتاجها الأكثر مبيعاً الذي صنعه هوانغ «سمر بالاس أوسماثوس».
يقول المؤسس المشارك لشركة «تو سمر»، شن لي: «صانع العطور ليس فناناً فحسب، بل هو كيميائي أيضاً. الرائحة هي شيء خفي للغاية، مثل عطرنا الجديد، فهو رائحة واحدة مع أكثر من مئة نسخة. وكان هوانغ من أصر على القيام بذلك، على الرغم من أن الشركة تقبل أحياناً الإصدارات الجديدة إلا أنه يظل يغيرها للأفضل».
التعليقات مغلقة.