الحبس والغرامة لكل من يحاول الانتحار

تهاني روحي

104

الأردن اليوم – الحبس والغرامة لكل من يحاول الانتحار في الأردن، هذا الخبر الذي طالعناه في الصحف بناء على تزايد حالات الانتحار بشكل ملحوظ، وهو ما أكدته أيضا تصريحات رسمية.

وفي مجتمع يصم عائلة المنتحر ويطلق احكاما كثيرة على الأسباب التي دفعت المنتحر لفعلته، جعلت الأرقام الحقيقية لحالات الانتحار تفوق الأرقام المعلن عنها.

وبنفس التضارب يؤكد خبراء علم الاجتماع بأن الانتحار في الأردن لم يصل بعد إلى «الظاهرة»، ولكنها مشكلة كبيرة بحاجة إلى حل.

عوامل كثيرة تم البحث في دوافع الانتحار في سنوات سابقة، منها 25 % نتيجة ضغوطات او أمراض نفسية،
و20 %خلافات عائلية، بينما 20 % أسباب مالية، وما تزال 30 % من أسباب غير معلنة.

وأحد أهم العوامل المؤدية لفعل الانتحار، هو التفكك الأسري، وازدياد حالات الطلاق بشكل ملفت في الأردن.

بالإضافة إلى إهمال الأطفال وعدم تخصيص وقت كاف للمحادثة معهم، ناهيك عن العنف الأسري، والعنف بين الوالدين أمام الأبناء، والذي يؤدي إلى دخولهم في دوامة الاكتئاب. كذلك العوامل الاقتصادية.

لا بد اذن من مراجعة لهذا القرار الذي وافق عليه مجلس النواب، والذي اتخذ بشأن الأشخاص الذين يحاولون الانتحار.

والبحث في الأسباب المؤدية لهذا العمل، وكيفية القضاء على وصمة العار عندما يتعلق الأمر بالأمراض النفسية ومراجعة الأطباء النفسيين.

ولا بد من إعادة تأهيل الذين حاولوا الانتحار عند الاختصاصيين الاجتماعيين والنفسيين للبحث عن الأسباب التي دعت لذلك وضمان عدم تكرارها مستقبلا، بدلا من أن تقوم الأجهزة الأمنية بتسليم الشخص الذي نجا من محاولة الانتحار إلى أهله ، ولا يتم عرضه على طبيب مختص بالصحة النفسية.

ونحن كأفراد عندما نكون مفعمين بحس قوي لهدف نبيل في حياتنا، يجعل للحياة قيمة ومعنى مهما تدنت ظروفها الاجتماعة والاقتصادية.

فلكل شخص هدف مزدوج للحياة، والذي يقوم على التطور الفردي من جانب ومساهمة الفرد في تطور مجتمعه والآخرين من حوله من جانب آخر.

فعلى مستوى الفرد، هذا الهدف ويوجه قدرات الفرد الواسعة، ويطور مواهبه وخصائصه، وتجعله متميزا، ويسعى أن يكون مؤثرا بطريقة إيجابية في كافة مناحي حياته اليومية.

أما على المستوى الاجتماعي، فانه يعزز الرغبة والتعهد للعمل من أجل تحسين مجتمعه.

هذان الجانبان من الهدف المزدوج هما بالأساس متلازمان وغير قابلان للانفصال. وبهذه النظرة يصبح الإنسان جزءا من منظومة من العبادة والعمل معا، واللذان يهدفان في مجملهما إلى اكتساب الفرد الصفات النبيلة وصقلها، وكذلك ليكون جزءا من تطور مؤسسات المجتمع من حوله على أسس أخلاقية مستدامة.

كما ان المنظمات الشبابية عليها ان تولي اهتماما معينا بدورها التثقيفي، والذي فقده الشاب في محيط أسرته وعليهم ان يساعدوا الشباب على تنمية قدراتهم على قراءة مجتمعهم وواقعهم، وفي تحليل قوى البناء والهدم التي تعمل في المجتمع وفي تعزيز الوعي بأفكارهم وأفعالهم، مما يشحذ بصيرتهم، ويعزز انتماءهم للوطن، ويعرفهم بالمواطنة الصالحة، ويقوي لديهم الأسس والمبادئ الأخلاقية التي توجه مسلكهم فيستفيدون منها طوال حياتهم.

ولا يمكن القاء اللوم على جهة دون الاخرى، فالمنظومة متكاملة ، ولا يمكن عزل قلب الإنسان عن البيئية المحيطة به.

فالإنسان في ارتباط عضوي مع مجتمعه. فذاته الداخلية تبلورُ وتُشَكِلُ محيطه، وهي أيضا تتأثر به بشكل عميق. كل منهما يؤثر على الآخر.

وعودة الى الأسرة، فلا بد من التذكير والتنبيه إلى أن مهمة تربية الطفل تنشأ داخل الأسرة المتماسكة، فالتوجيه الذي يتلقاه الطفل في بدء حياته من أمه يشكل أقوى أساس لتطوره في المستقبل وعلى ذلك ينبغي أن يكون الشغل الشاغل للأم وباقي أفراد الأسرة.

فكم نستطيع تحصين الأطفال والشباب من الكثير من الأمراض النفسية عندما تسود المحبة والوحدة داخل العائلة، فينعم افرادها بالراحة والاطمئنان، ويشعرون بالأمن والأمان. وما نشهده اليوم من تبعات الابتعاد عن الأخلاقيات أدى إلى تفاقم العلل الاجتماعية، وعمل على إبطاء التقدم الذي يمكن إحرازه لأن رفاه الأفراد يكمن في رفاه المجتمع بأسره.الغد

التعليقات مغلقة.