أتستغربون من وحشية الاحتلال؟

محمود الخطاطبة

98

الأردن اليوم – عقب استشهاد الصحفية شيرين أبو عاقلة، على يد علج من علوج جيش الاحتلال الإسرائيلي، ضجت الصحافة ووسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي المُختلفة بمنشورات وتعليقات، جراء ما أقدمت عليه آلة البطش الصهيوني، تجاه عملية الاغتيال تلك، والتهجم على نعشها بطريقة تشمئز منها النفوس.
أتعجب كل العجب من أولئك الذين يستغربون، لا بل بالغوا باستغرابهم، جراء وحشية تعامل أولئك الإرهابيين، سواء مع الفلسطينيين بشكل عام، أو أراضيهم المُحتلة، أو قضية اغتيال أبو عاقلة، رحمها الله، بدم بارد عن سبق إصرار وترصد، أو الاعتداء على نعشها أثناء تشييع جثمانها، في صورة ذُهل منها كل من عنده قطرة من إنسانية.
لن أرجع بالوراء إلى عشرات المئات من السنين، حيث كان بنو إسرائيل يُبالغون، لا بل يُسرفون، في قتل الأنبياء، عليهم أفضل الصلاة والتسليم، لكن سأعود بالذاكرة إلى ما يقرب من عقود قليلة من الأعوام، حيث كان وما يزال جنود جيش الإرهاب الصهيوني لا يتناهون عن افتعال مجازر، وليس مجزرة واحدة، في حق أُناس عُزل، ذنبهم الوحيد أنهم يُطالبون برحيل المُعتدي عن أراضيهم، التي أُحتلت على مرأى ومسمع العالم أجمع.
جنود الاحتلال كانوا وما يزالون لا يتناهون عن قتل شيخ كبير، أو امرأة مُسنة، أو طفل رضيع، أو شاب أو شابة في مُقتبل العمر.. كانوا لا يتناهون وما يزالون عن تدمير الأرض والحرث والزرع والبيوت.. كانوا لا يتناهون وما يزالون عن تعذيب الأسرى، الذين تصل أعدادهم في سجون العدو، إلى الآلاف، منهم أطفال، لم يبلغوا الحُلم بعد، أو مرضى، يُعانون أمراضا مُزمنة وآخرون مُصابون بالسرطان أو فشل كلوي.
بعد كل ذلك، يوجد هُناك من يستغرب إقدام تلك الوحوش غير الإنسانية على قتل صحفية، نحسبها عند الله شهيدة، تُهمتها الوحيدة بأنها كانت تنقل بالصوت والصورة، ما تقترفه أياد وحشية همجية أوغلت بدماء الفلسطينيين، ثم بعد ذلك تهجموا على نعش أبو عاقلة، بطريقة يندى له الجبين.. فماذا كان يتوقع العرب، ومن بعدهم الدول الغربية، وعلى رأسها أم الديمقراطيات (الولايات المُتحدة الأميركية)؟.
مرة ثانية، أتعجب من أولئك الذين يُبالغون بالاستغراب على ما أقدمت عليه آلة البطش الصهيوني، فأصحابها لا يرقبون إلّا ولا ذمة في كل ما هو مُخالف لهم ولمُعتقداتهم، خصوصًا الأشقاء الفلسطينيين، فهم لم يتركوا طريقة إلا واتبعوها في سبيل القضاء على كل من يُطالب بحق، ضمنته وأيدته قوانين دولية، وعلى رأسها مُنظمة الأمم المُتحدة ومجلس الأمن الدولي.
نقطة ثانية، أود التطرق إليها وهو تأميل النفس بأن بوصلة بعض الدول الغربية بشكل عام، وإعلامها بشكل خاص، بدأت تتجه نحو صالح القضية الفلسطينية، وحق أبنائها في إقامة دولتهم المُستقلة على ترابهم الوطني، وذلك في ظل تغيرات دولية كُبرى حتمًا ستحدث، جراء الحرب الروسية الأوكرانية.. أقول لكل من يأمل بذلك، أن ذلك عبارة عن سراب.
فدولة مثل إسرائيل، لا ينفع معها أي سلام، ويجب أن تتحدث معها بلغة واحدة فقط، ألا وهي «القوة»، فبُعيد اجتياح العراق للكويت، في تسعينيات القرن الماضي، واجتماع نحو ثلاثين دولة في حرب ضد العراق، أجبرت واشنطن دولا عربية على الذهاب إلى مؤتمر مدريد وعقد سلام مع دولة الاحتلال. وقتها الكثير قال بأن القضية الفلسطينية في طريقها إلى «الحلحلة»، ولكن بعد 32 عامًا، نرى بأن الصهيونية تتمادى في كل شيء، غير مُكترثة بقانون أو عُرف دولي أو إنساني!.

التعليقات مغلقة.