هل الإصلاح السياسي في أزمة؟

59

الأردن اليوم – بلال العبويني – ثمة قناعة أن أزمات البلاد تتفكك شيئاً فشيئاً طالما ظلت الجدية قائمة تجاه إحداث نقلة نوعية في إصلاح الواقع السياسي، وهو الإصلاح الذي من شأنه أن ينعكس على كافة القطاعات الأخرى الاقتصادية والاجتماعي والثقافية وغيرها.

ذلك أن الأحزاب التي خصص لها 41 مقعدا في قانون الانتخاب، من المفترض أن تشكل رافعة للعمل السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي وفقا لما تحمله من برامج، وهذا من المفترض أن ينعكس على من تقدمه للتصدي للشأن العام في مجلس النواب ليكون قادراً على الرقابة والتشريع واقتراح الخطط والبدائل لحل الأزمات التي تعانيها البلاد.

قلنا، هكذا هو المفروض، فالحزب لا يقتصر دوره على الحديث في الشأن السياسي بمعزل عن الاقتصادي والاجتماعي والثقافي وحتى البيئي، ففي كل من تلك القطاعات ثمة سياسة.

منذ تشكيل لجنة تحديث المنظومة السياسية إلى إقرار التعديلات التي طرأت على قانوني الأحزاب والانتخاب تحديدا، كان ثمة سباق متعدد الاتجاهات والأطراف نحو تشكيل الأحزاب.

وفي الواقع من المبكر الجزم أن تلك الأحزاب جادة أو قادرة على إحداث نقلة نوعية في المشهد السياسي، فالتجربة هي خير كاشف عن حقيقة الأحزاب التي أعلنت عن نفسها أو في طور الإعلان.

لكن، الأكيد أن إشاعة ثقافة الحزبية داخل أي مجتمع ليس بالأمر الهين وليس بالسرعة التي يمكن أن يتصورها أي شخص، ذلك أن القناعة راسخة، لدي على الأقل، أن أحزابا بلا برامج حقيقية وواقعية تتلاءم والمجتمع وتطلعاته وتناصر قضاياه لا تعتبر أحزابا، وهذه الأحزاب لن تكون أحزابا طالما ظلت محصورة بين عدد محدود من الأعضاء وفي منطقة جغرافية محدودة أو في فئة محدودة، فالأحزاب الحقيقية هي التي تكون صديقة للجماهرية ولا قيمة، في ظني، للحزب من دون جماهير ومؤازرين.

لذلك، ما تشهده مشاريع الأحزاب هذه الأيام من عثرات واستقالات وبيانات، هو أمر طبيعي انطلاقا من أنها ما زالت وليدة ولم تأخذ وقتها الكافي لنشر فكرة الحزبية في المجتمع بالشكل الذي يخرجها مما علق في أذهان الناس عبر العقود الماضية من تبعات الانضمام إلى الحزب، أو الجدوى من الحياة الحزبية برمتها.

ثمة استعجال في إنشاء الأحزاب، وقد يكون الاستعجال مبرراً نظراً لضيق الوقت الذي منحه القانون للأحزاب لتصويب أوضاعها لتكون جاهزة لخوض الانتخابات النيابية المقبلة، وهي الانتخابات التي قد لا يطول انتظارها على أبعد تقدير لأكثر من عامين حتى انتهاء العمر الدستوري لمجلس النواب التاسع عشر إن كُتب له إكمال عمره الدستوري.

بالتالي، قد يكون هناك من يبدي عدم تفاؤله بإحداث الأحزاب الوليدة أو المُصوّبة لأوضاعها الفرق الواضح في المشهد السياسي، وقد لا يُحدث من سيفوزون بالمقاعد الحزبية في المجلس النيابي العشرين ما يُلفت الانتباه.

هذا ليس حكماً استباقياً، بل ربما أن المقدمات تشير إلى النهايات، وهذه النهايات ستكون مؤقتة وقابلة للتغيير، إن ظلت الجدية في الإصلاح السياسي قائمة والنظر إليه على أنه ضرورة دائمة.

بالتالي، الإصلاح السياسي ليس في أزمة ولن يكون

التعليقات مغلقة.