الفاتنة التي سرقت ملايين واختفت 12 عاماً وادعت أنها كانت منوَّمة مغناطيسياً!

56

الأردن اليوم : فوجئت إحدى المحاكم الفيدرالية الأمريكية بامرأة جميلة في بدايات الثلاثينيات تتقدم لتسليم نفسها، وقدَّمت نفسها على أنها “هيذر تالشيف”، وخلال لحظات من ذكر اسمها انقلبت الأمور رأساً على عقب، وامتلأت غرفة التحقيقات الصغيرة برجال المباحث الفيدرالية والشرطة؛ فقد كان اسم هيذر على قائمة المطلوبين للعدالة مدة 12 عاماً.

كانت التهمة الموجَّهة إليها هي سرقة شاحنة تخص إحدى شركات نقل الأموال باسم “لوميس” Loomis، والتي كانت تحتوي على مبلغ يقارب 3 ملايين دولار عام 1993، وكان اسم هيذر تالشيف مقيداً تحت صفة: سائقة الشاحنة.

وبعد فترة قصيرة من التحقيقات كانت تالشيف تعترف بارتكابها الجريمة، وبمكان اختبائها 12 عاماً، ولكن الاعترافات اتخذت منحى غريباً، عندما بدأت تالشيف في ذكر أسباب غير اعتيادية للسرقة، ولكن القصة بدأت في ولاية نيفادا الأمريكية قبل ذلك بـ13 عاماً.

كيف بدأت قصة هيذر تالشيف؟

تنتمي هيذر تالشيف إلى قبيلة سينيكا، وهي عرقية معروفة من السكان الأصليين الذين تعود جذورهم إلى شمال نيويورك قبل الثورة الأمريكية. ووُلِدَت هيذر عام 1972، ونشأت في قرية ويليامسفيل بمدينة بوفالو حالياً، حيث عانت من عدة مشكلات في سنٍّ صغيرة، وكان منها التنمر. وانفصل والداها وهي لا تزال رضيعة، أما صديقة والدها التالية فلم تُظهر سوى كراهيتها لهيذر.

 

وبعد طفولة بائسة تحولت هيذر إلى فتاة شابة فاتنة، وصفها الجميع بالجمال، ولكنها كانت منبوذةً في مدرسة جنوب “ويليامسفيل” الثانوية. بينما امتلأ منزل والدها بالمخدرات والخمور، ووجدت هيذر نفسها تميل في النهاية لموسيقى البانك، وتعاطي المخدرات، ومن ثم قررت الفرار من هذا الجحيم.

انتقلت إلى سان فرانسيسكو لتعيش مع والدتها عام 1987، وحصلت على شهادة دبلومة عامة معادلة لاحقاً. وأصبحت ممرضة مساعدة معتمدة وعملت في عيادات منطقة خليج سان فرانسيسكو لمدة أربع سنوات، قبل أن يؤدي تعاطيها المتزايد للكوكايين إلى فصلها. والتقت بحبيبها -ولاحقاً الطرف الأساسي في جريمتها- “روبرتو سوليس” عام 1992.

الجريمة التي نُفّذت ببراعة 

في أوائل 1993 عندما كانت هيذر تالشيف تبلغ من العمر 21 عاماً كانت قد تخلصت من إدمانها، وعادت لمسار حياة معتدل، والتحقت للعمل ممرضة بأحد مستشفيات سان فرانسيسكو بولاية كاليفورنيا، وبدا أنه في تلك الفترة كان صديقها لص البنوك السابق “روبرتو سوليس” بعيداً عنها، وكانت تصف حياتها آنذاك بالمثالية.

ولكن في أوائل 1993 تركت هيذر عملها في المستشفى، وقررت الارتحال إلى مدينة الترفيه والقمار الشهيرة “لاس فيغاس” بولاية نيفادا، بصحبة حبيبها “سوليس”، وأبدت اهتماماً كبيراً بتغيير مجال عملها من التمريض إلى مجال مثير للفضول بالنسبة لماضيها، ألا وهو: قيادة شاحنات نقل الأموال المصفحة.

 

ونجحت هيذر في الحصول على وظيفة كسائقة بالشركة، فجعلها سوليس تحفظ خريطة مُفصّلة بالأماكن التي ستذهب إليها، وما يجب أن تفعله بالضبط. وزعمت هيذر لاحقاً أنها لا تذكر هذا الأمر، لكنها نجحت في عملية السطو دون ارتكاب أي أخطاء. وفي تمام الثامنة من صباح الجمعة، الأول من أكتوبر/تشرين الأول، قادت هيذر الشاحنة المصفحة باتجاه فندق وكازينو Circus Circus.

وكانت المهمة بسيطة، إذ تعيّن على هيذر وموظفين آخرين للحراسة قيادة الشاحنة من كازينو لآخر، وملء أجهزة الصراف الآلي بالنقود، ولكن بعد إتمام المهمة والتوجه إلى الفندق وجهة الأموال، انطلقت هيذر مبتعدةً بالشاحنة بعد نزول زميليها حاملين أكياس النقود الخاصة بالكازينو. وكان من المقرر أن تعود إلى الكازينو بعد نحو 20 دقيقة، لكنها لم تعد مطلقاً، وظن الجميع في شركة النقل أنها تعرضت للاختطاف، بما أن شاحنات الأموال عادة ما يتم استهدافها.

وحينها تدخلت شرطة لاس فيغاس ومكتب التحقيقات الفيدرالي واسترجعوا لقطات كاميرات المراقبة الأمنية في الكازينو. وسرعان ما أدركوا أن الشاحنة لم تتعرض للسطو، بل سرقتها هيذر نفسها. وانطلقوا إلى الشقة التي تقطنها مع سوليس، لكنهم وجدوها فارغة، واختفى مبلغ 3.1 مليون دولار. وبعدها اختفى أي أثر لهيذر وبدا وكأنها تبخرت، وظلت كذلك مدة 12 وحتى 2005.

العودة والاعترافات الغريبة

بعد استسلامها عام 2005، اعترفت هيذر تالشيف بأنها ارتكبت تلك الجريمة تحت تأثير المخدرات، والابتزاز الجنسي، والتنويم المغناطيسي؛ إذ اعترفت أن حبيبها سوليس كان تابعاً لإحدى الطوائف الشيطانية، وكان له تأثير قوي ومرعب عليها، واستطاع تسخيرها بالطاعة العمياء، بعد أن “غسل دماغها” بوسائل مختلفة، منها أنه كان يجبرها لساعات على مشاهدة أشرطة فيديو بها مشاهد غريبة لدوائر وألوان متحركة، بينما كانت تحت تأثير عقاقير هلوسة مخدر الكوكايين. 

 

واعترفت أيضاً بتفاصيل التخطيط للسرقة، وأن سوليس هو من دفعها لهذه الوظيفة بالأساس، وأنهما فرا إلى هولندا وعاشت معه حياة بائسة، عملت فيها خادمة في أحد الفنادق، وأنه كان يتلاعب بها طيلة الوقت، وأنه أخفى عنها النقود تماماً، وبعد أن كانت هيذر حاملاً في طفلها انفصل عنها سوليس وهرب إلى مكان مجهول، بعد أن ترك لها مبلغاً صغيراً.

إثر هذه الاعترافات الغريبة لم يكن أمام القضاء سوى محاكمة هيذر تالشيف، وحكم عليها بالسجن 10 سنوات وسداد باقي المبلغ المفقود كدين قائم، ولكن بعد 5 سنوات فقط، عام 2010 ، أطلق سراحها لحسن السير والسلوك، ولم تقم بسداد الدين وأعلنت إفلاسها، وظلت هيذر بعيدة عن الأضواء تماماً، حتى نُشرت قضيتها في إحدى حلقات مسلسل وثائقي من إنتاج نتفليكس عام 2021، بعنوان Hiest، فعادت قصتها إلى الأضواء مرة أخرى، ولم يتسن لأحد أن يتأكد من صدق روايتها، سواء كانت بالفعل ضحية المجرم سوليس، أم محتالة بارعة خطَّطت لهذه الجريمة وحدَها وتخلّصت من سوليس، خاصة بعد الاختفاء التام والكُلي لروبرتو سوليس، وتبقى قصتها لغراً إلى اليوم. 

اترك رد