أمطار نيسان تنعش آمال المزارعين في المحافظات
الأردن اليوم – شهدت محافظات عدة، الأربعاء، تساقطا غزيرا للأمطار، مصحوبا ببرد يتقطع على فترات، ما أنعش آمال أصحاب الزراعات الصيفية وأشجار الزيتون.
وقال محافظ الكرك، محمد الفايز، إن المحافظة شهدت مساء الأربعاء، تساقطا غزيرا للأمطار، مشيرا إلى أنه لم تسجل أية حوادث تذكر في مختلف أنحاء المحافظة.
ودعا الفايز المواطنين إلى الابتعاد عن مجاري السيول والأودية، واتخاذ الحيطة والحذر أثناء قيادة المركبات، واتباع تعليمات وإرشادات الجهات ذات العلاقة، والإبلاغ عن أي حالة طارئة من خلال التواصل مع غرفة العمليات الرئيسة في مركز المحافظة أو غرف العمليات التي فتحتها الدوائر الحكومية المعنية.
كما شهدت محافظة عجلون تساقطا غزيرا للأمطار ما أدى إلى ارتفاع منسوب المياه.
وقال مدير زراعة عجلون، حسين الخالدي، إن هذه الأمطار تنعش الموسم الزراعي، وترفع من المخزون المائي في المحافظة.
فيما أشار مدير مديرية زراعة السلط، قيس أبو عميرة، إلى أن هذه الأمطار التي يطلق عليها بالموروث الشعبي “شتوة نيسان”، أحيت الأمل لدى مزارعين بالزراعات الصيفية ومربي المواشي والأشجار المنتجة كونها زادت رطوبة الأرض وكفاءتها.
وبين أبو عميرة، أن الهطول المطري لمدينة السلط وصل إلى حدود 91% من معدله العام، وهذا سيكون له فوائد كبيرة على الزراعات الصيفية البعلية والغطاء الربيعي وأشجار الزيتون، والمراعي، بالإضافة إلى رفد المياه الجوفية وزيادة مخزون السدود.
وقال الناطق باسم وزارة المياه والري عمر سلامة، الأربعاء، إن المنخفض يعطي الأمل بأن يكون الموسم المطري “ممتازا” ومريحا خلال الصيف.
وأضاف أن مليون متر مكعب دخلت صباح الأربعاء، لسد التنور وسد الملك طلال المستخدم بشكل كبير للزراعة، متوقعا أن يتجاوز الهطل المطري نسبة 105% بعد شتاء اليوم.
ولفت إلى أن الشتاء يقلل الطلب على المياه، مبينا أن هناك سدودا كانت فارغة تماما وجاءتها الأمطار.
وقالت وزارة المياه والري الأربعاء، إن حجم الأمطار الهاطلة منذ بداية الموسم، ارتفع إلى 106.5% من المعدل السنوي العام البالغ 8.1 مليار م3، مشكلا 134% من مجموع الأمطار الهاطلة العام الماضي.
وأكدت الوزارة، أن أعلى نسبة هطول مطري سجلت خلال الساعات الـ24 الماضية في عجلون 15.6 ملم، موضحة أن نسبة الهطول لنفس الفترة من العام الماضي، كانت قد سجلت 78.5% من المعدل العام، وأن الأمطار شملت معظم المناطق.
وأضافت، أن السدود دخلها مليون متر مكعب لترفع التخزين إلى 121 مليون م3، بنسبة 43% من طاقتها الكلية البالغة 280.759 مليون م3.
وقالت، إن معدل الهطول المطري خلال الساعات الـ 24 الماضية، سجل في عمان 3.7 ملم، البلقاء 6.6 ملم، مادبا 4.8 ملم، الزرقاء 1.5 ملم، جرش 4.8 ملم، المفرق 1.9 ملم، اربد 4.7 ملم، عجلون 12 ملم، الكرك 3.4 ملم، الطفيلة 5.6 ملم، معان 2.1 ملم، العقبة 0.7 ملم.
وأشارت، إلى أن نسبة الهطول إلى المعدل طويل الأمد، ارتفعت في معظم المناطق، حيث سجلت في محافظة العقبة 270.4%، معان 200.2%، اربد 111.2%، الزرقاء 108.66%، المفرق 93.7%، السلط 86.3%، عمان نحو 83.9%، عجلون 81.4%، جرش 55.7%، مادبا 62.3%، الكرك 63.5%، الطفيلة 67.9%والشوبك 56.7%.
تستحضر “شتوة نيسان” موروثا من الأمثال الشعبية التي تناقلها الآباء والأجداد لتحفظها الأجيال المتعاقبة في الذاكرة الجمعية، لصورة تحكي علاقة الإنسان مع الأرض والأمل والتفاؤل بموسم زراعي مليء بالخيرات، نابض بالحياة.
الزخات المطرية التي شهدتها مختلف المناطق خلال الأيام الماضية، لها حكاية في المخيال الشعبي درج على الألسنة، فتارة تراهم يقولون “شتوة نيسان تحيي الأرض والإنسان”، وتارة “شتوة نيسان تسوى السكة والفدان”، وتارة أخرى يقولون “شتوة نيسان تاج الموسم”، وكذلك قالوا “في نيسان الحصيد وين ما كان”، بل قالوا “وفي نيسان أطفي نارك وافتح شبابيك دارك”، لكن الثابت بين كل هذه الأمثال جميعها أنها تقال للكناية عن أهمية المطر في شهر نيسان.
ويعلق الناشط الاجتماعي أسامة القضاة على هذه الحكايا الأردنية الجميلة التي تعود بمخيلة القارئ زمنا غير بعيد، بقوله: “في نيسان تكتسي الجبال بثوبها الأخضر، وتُخرج الطبيعة من أكمامها زينة تتراءى للناظرين، فتنثر أجمل ما لديها من باقات الورود والأزهار والأعشاب العابقة برائحتها الندية الفواحة، وتخرج الطيور من أكنانها، والوحوش من أوابدها، والعاشبة من حظائرها، وينتشر الناس في فلوات البر للاستمتاع بالطبيعة البكر تحت شمسها الدافئة التي تداعب أجساما أضناها سبات الشتاء الطويل، أما الفلاح فتعلو قسمات وجهه البشرى بموسم زراعي وفير”.
وتتراءى أمام عيني رئيس جمعية مربي الثروة الحيوانية بالكرك زعل الكواليت صورة الأشجار المثمرة والمزروعات الحقلية بمختلف أنواعها وفوائدها الجمة، فيما المراعي تغطي القفار بساطا أخضر تحفة للناظرين، فيحتفي بها رعاة الماشية لأنها تخفف عن كواهلهم تكاليف الأعلاف، لتنتج وفرة في كمية وجودة نوعية الحليب ومشتقاته”.
وأما الزراعي عبدالوهاب الحمايدة فيذهب إلى منحى آخر ذا علاقة بتخصصه العلمي، فيقول إن “شتوة نيسان” توفر الرطوبة ذات الأهمية في وقت يشتد فيه الحر، وفي الوقت الذي تكون المحاصيل الحقلية، ولا سيما القمح والشعير أحوج ما تكون في نموها إلى الماء، فتراها تنمو، وتتصعد في ارتفاعها، وتتشابك، فتحتفظ بالرطوبة لفترة أطول، ما يجعل القمح والشعير في مرحلة النضج التام، وبالقدرة على مقاومة الحر، ولا يختلف الأمر كثيرا في المحاصيل الصيفية البعلية كالبقوليات والخضار.
يتندر عدي المعايطة بخداع نيسان بقوله “مرة شميس ومرة أمطار”، إي لا تخدعنك شمس نيسان في أول النهار، لأن الغيوم والأمطار تحل محلها في منتصف النهار، أو العكس حيث يكون الجو غائما في أول النهار صافيا في أوسطه، وربما عاد إلى غائم مع نهايته، وربما انخدع البعض فطرح الملابس الشتوية ظنا أن موسم المطار ولى وانقضى.
يقول مدير زراعة الكرك مصباح الطراونة إن معدلات الأمطار بشكل عام خلال هذا الموسم تعد جيدة مقارنة مع السنوات الماضية من حيث كمياتها وتوزيعها على الأشهر المطرية، لكن الأمطار التي هطلت خلال الأيام القليلة الماضية ستسهم برفع نسبة الرطوبة في الأرض، وتنعكس إيجابا على المحاصيل الحقلية والرعوية، إضافة إلى المياه الجوفية، ورفع نسبة التخزين بالحفائر المائية الترابية والسدود، داعيا المزارعين للاستفادة منها في تحضير الأرض لزراعة المحاصيل البعلية الصيفية.