د. أحمد ذوقان الهنداوي يكتب عن مؤشرات التنافسية العالمية ..
الاردن اليوم – تحديث إقتصادي وتنمية مستدامة وتميز أداء حكومي.. بلدية دبي مثالا
تعد مؤشرات التنافسية العالمية، المتضمنة في تقارير التنافسية العالمية الموثوقة وذات المصداقية، إحدى أهم الأدوات الإستراتيجية المعتمدة عالميا، على مستوى الدول والمؤسسات على حد سواء، لتعزيز عملية التنمية الإقتصادية والإجتماعية فيها، وتحسين مستوى معيشة شعوبها وجودة حياتهم وتحقيق تميز الأداء لمؤسساتها. فدراسة وتحليل هكذا مؤشرات تنافسية عالمية، وبشكل دوري سنوي، يمكن الدول والمؤسسات من إجراء تحاليل مقارنة عالمية مع أفضل النتائج والممارسات العالمية وتحديد موقعها استنادا لأفضل الدول والمؤسسات بالعالم، وبالتالي تحديد نقاط القوة ومجالات وفرص التحسين لأدائها وبما يمكنها من رسم خرائط طريق واضحة، على المستوى الوطني والمؤسسي، للتحديث الإقتصادي ولتحسين وتطوير أدائها، وبما يمكنها من تحقيق التنمية الإقتصادية والإجتماعية المستدامة المنشودة. فهي بذلك تعد ضرورة إستراتيجية وطنية ومؤسسية ملحة وذات أهمية قصوى كونها توفر رؤى قيمة للقياس المعياري واستشراف المستقبل والتخطيط الاستراتيجي وتقييم المخاطر، وتدعو لتبني أفضل الممارسات والمبادرات والمشاريع على مستوى العالم، وتغيير التشريعات والسياسات والبرامج والمشاريع وبما يتواءم مع هذه الممارسات العالمية الفضلى، ويعكس في نفس الوقت الخصوصية الوطنية والمحلية والمؤسسية، مما يمكن للدول والمؤسسات اكتساب الميز التنافسية على مستوى العالم، فتبقى بذلك ملائمة وناجعة وجاذبة للكفاءات والمواهب والمستثمرين، وبما ينعكس إيجابا على جودة حياة المواطنين ويعزز المكانة والسمعة العالمية والتنافسية للدولة ووزاراتها ومؤسساتها الحكومية على حد سواء.
رؤية التحديث الإقتصادي التي أمر بإعدادها ورعاها وأطلقها جلالة الملك المعظم في حزيران/ يونيو العام الماضي، تضمنت ثمانية أهداف إستراتيجية تسعى الرؤية وبرنامجها التنفيذي لتحقيقها خلال أعوام الرؤية العشرة. خمسة من هذه الأهداف الإستراتيجية الثمانية تتعلق بالإرتقاء بترتيب الأردن بصورة ملموسة في خمسة مؤشرات تنافسية عالمية وهي: مؤشر التنافسية العالمي (ألهدف الإستراتيجي الثالث)، مؤشر الأداء البيئي العالمي (ألهدف الإستراتيجي الرابع)، مؤشر تنافسية الإستدامة العالمية (ألهدف الإستراتيحي الخامس)، مؤشر ليغاتوم للإزدهار (ألهدف الإستراتيجي السادس)، مؤشر أفضل المدن العالمية (ألهدف الإستراتيجي السابع)، لينتقل الأردن من المراتب المتوسطة أو دون المتوسطة حاليا في كافة مؤشرات التنافسية العالمية هذه، ليكون من ضمن أعلى 20%- 40% من دول العالم في كل منها بنهاية مدة البرنامج. و إن دل هذا على شيء فإنما يدل على القناعة الراسخة والصحيحة لرؤية وبرنامج التحديث الإقتصادي على أهمية أن تكون مؤشرات التنافسية العالمية هذه، المحركات والأدوات والروافع الإستراتيجية الرئيسة لتحقيق التنمية الإقتصادية والإجتماعية المنشودة والتي يتطلع لها جلالة الملك المعظم ويرنو لها شعبه الطيب.
استنادا لهذه القناعة الراسخة والصحيحة، فقد تشرفت الأسبوع الماضي بتقديم خلاصة تقرير التنافسية العالمية للعام 2023، والذي قام خبراء من مجموعة الهنداوي للتميز بإعداده خلال الأربعة أشهر الماضية، ل 250 من القادة والمعنيين في بلدية دبي في دولة الإمارات العربية المتحدة بناء على طلبهم.، وبلدية دبي هي إحدى المؤسسات الحكومية الرائدة والمتميزة في دبي.
إستندت الدراسة والتقرير الذي أعدته المجموعة على إجراء تحليل شامل ل 16 دراسة وتقرير تنافسي عالمي معتمد دوليا، تم إعدادها من قبل جهات دولية مرموقة وموثوقة مثل البنك الدولي ومنظمة البيئة العالمية والمؤتمر الإقتصادي العالمي والقمة الحكومية وجامعات مرموقة مثل جامعة كامبريدح وهارفارد ويال وكولومبيا وسنغافورة ومراكز الدراسات والأبحاث مثل معهد ليغاتوم وشركات استشارية عالمية مثل مجموعة بوسطن ومجلات إقتصادية مرموقة مثل ذا إيكونومست، وشملت كافة تقارير ومؤشرات التنافسية التي استندت إليها رؤية التحديث الإقتصادي في الأردن، وأضافت عليها تقارير ومؤشرات تنافسية عالمية أخرى موثوقة وذات مصداقية عالمية عالية (قائمة بكافة الدراسات والتقارير ومؤشرات التنافسية العالمية التي تم الإستناد إليها في إعداد دراسة/ تقرير المجموعة مرفقة في نهاية المقال).
قامت الدراسة التي أعدتها المجموعة، والتي جاءت في 113 صفحة، والتقرير المنبثق عنها، بإجراء تحليل تفصيلي شامل ل 170 مؤشر تنافسي عالمي فريد، وتفصيلها وتصنيفها على كافة المستويات (دولة/إمارة/بلدية، إجمالي/رئيسي/فرعي، عالمي/عربي، مجالات عمل البلدية، قطاعات/ مؤسسات/ وحدات تنظيمية)، مع إعداد بطاقات تعريفية تفصيلية لكل مؤشر، وتحديد نتيجة دولة الإمارات العربية المتحدة وإمارة دبي وبلدية دبي وموقعها وترتيبها عالميا في كل منها، و إظهار نمطية واتجاه نتائج كل مؤشر خلال السنوات الماضية، سواء أكانت تظهر تحسنا أو تغييرا، وإجراء تحليل مقارنة لأداء وترتيب بلدية دبي مقارنة مع المراكز الريادية للمدن في العالم، وتحديد وربط كافة مؤشرات التنافسية هذه بالأهداف الإستراتيجية المتضمنة في الخطة الإستراتيجية للبلدية 2023-2026 (Cascade Down)، مع عرض أفضل الممارسات الريادية العالمية في مجالات عمل البلدية للاستفادة منها في تطوير أعمال البلدية، مع تقديم توصيات محددة تمكن بلدية دبي من الإحتفاظ بالمراتب الريادية العالمية والعربية التي حققتها سابقا، والإرتقاء بأدائها للوصول إلى الريادة العالمية في مؤشرات التنافسية التي لم تحقق فيها الريادة بعد.
تم إعداد الدراسة/ التقرير وفقا لمنهجية واضحة ومحددة لضمان أعلى درجات المهنية والموثوقية والمصداقية والدقة في تحليل المؤشرات التنافسية العالمية، واستنباط النتائج والتوصيات الصحيحة والدقيقة عنها، وذلك بهدف إبراز وتعزيز التميز والتفرد والاستثانية في النتائج والأداء على المستويات الوطنية والمؤسسية على حد سواء. وقد تم الاعتماد على سبعة مرتكزات أساسية في اختيار التقارير العالمية التي تم الاستناد عليها في الدراسة والتقرير الذي أعدته المجموعة وهي: الأولويات الوطنية ورؤية الدولة، والتوجهات العالمية، وتعزيز الموقع الريادي العالمي والعربي للدولة والمؤسسة، ونطاق العمل المؤسسي، وسمعة ومصداقية المنظمة/ المؤسسة العالمية المعدة للتقرير التنافسي، ومدى استناد التقرير التنافسي العالمي لقياسات دقيقة لمؤشرات أداء موضوعية موثوقة وآراء الخبراء المختصين وآراء وانطباعات عينة موسعة من سكان المدن العالمية (50 ألف من سكان كل مدينة على الأقل)، إضافة إلى دورية نشر التقرير التنافسي.
أظهر تقرير التنافسية الذي قامت المجموعة بإعداده تمكن دولة الإمارات العربية المتحدة من تحقيق الريادة العالمية (ألمرتبة الأولى عالميا) في 15 مؤشر تنافسي عالمي، ساهمت بلدية دبي مساهمة مباشرة ورئيسية في تحقيق الريادة العالمية في 6 منها في مجالات عمل البلدية (تنظيم وترخيص المباني والمرافق العامة وإدارة النفايات والصرف الصحي والبيئة والصحة والسلامة) ومنها: مؤشر “جودة المكان/المدينة” ومؤشر “جودة الخدمات الحكومية المقدمة” ومؤشر “سرعة التعامل مع التغيير في الهيئات الخدمية والرقابية الحكومية” ومؤشر “الرضا عن النظافة الحضرية ونظافة المرافق العامة” ومؤشر “جودة النظافة والتعقيم”، حيث تمكنت بلدية دبي من تحقيق المرتبة الأولى عالميا في كافة هذه المؤشرات. كما تمكنت دولة الإمارات العربية المتحدة/ بلدية دبي بأن تكون من أفضل 10% من الدول/ المدن العالمية في 17 مؤشر تنافسي عالمي وأن تكون من أفضل 25% من دول/ مدن العالم في 27 مؤشر .
إضافة لتلك المؤشرات، فقد تمكنت دولة الإمارات العربية المتحدة من تحقيق الريادة العربية (ألمرتبة الأولى عربيا) في 45 مؤشر تنافسي عالمي، ساهمت بلدية دبي مساهمة مباشرة ورئيسية في تحقيق الريادة العربية في 20 مؤشر منها في مجالات عملها والمجالات الداعمة، منها: مؤشر “أفضل المدن العالمية” ومؤشر “المدن الذكية” ومؤشر “التخطيط الحضري” ومؤشر “القوى العالمية للمدن (جذب استثمارات ومواهب للعمل)” ومؤشر “التعامل مع تصاريح البناء” ومؤشر “النسبة المئوية لسكان الحضر الذين لديهم خدمات صرف صحي مناسبة” ومؤشر “الوقت المستغرق بالأيام لأخذ جميع التصاريح البناء” ومؤشر “معدل إعادة تدوير النفايات” ومؤشر “الإبتكار للمدن” وغيرها.
ولتمكين بلدية دبي من المحافظة على الصدارة والريادة العالمية والعربية في المؤشرات التي تمكنت من تحقيق هكذا ريادة فيها، وتمكينها من الإرتقاء بأدائها في مؤشرات التنافسية العالمية التي لم تحقق فيها الريادة بعد، فقد اشتمل التقرير الذي أعدته المجموعة على إجراء تحاليل مقارنة (Benchmarking) مع أفضل الممارسات العالمية في أفضل المدن العالميةـ والإستفادة من هذه التحاليل في إقتراح العديد من التوصيات الكفيلة بتعزيز وتحسين هذا الأداء.
بينت الدراسة والتقرير الذي أعدته المجموعة بأن كافة المدن العالمية المتميزة والرائدة (هلسنكي، كوبنهاجن، برشلونة، مدريد، سنغافورة، دبي وغيرها) تشترك جميعا في قيامها بتحديد وتبني منظومة من المباديء العالمية العامة التي تستند إليها في التخطيط الحضري وتقديم خدماتها المختلفة إلى قاطنيها وزوارها، وتشمل هذه المباديء على:
أولا: تصميم وتنفيذ خطط التطوير الحضري الشمولية والمتكاملة: بحيث تقوم كافة هذه المدن بإعداد وتصميم خطط شمولية ومتكاملة، بعيدة ومتوسطة وقصيرة المدى، وفق أفضل الممارسات العالمية، تراعي فيها كافة جوانب الحياة الحضرية الاجتماعية والاقتصادية والبيئية والثقافية. وبما يضمن تخطيط وتصميم المدينة وبشكل شمولي ومستدام وبما يلبي احتياجات وتطلعات وآمال كافة سكانها.
ثانيا: إشراك المجتمع وكافة المعنيين: تقوم هذه المدن بالتأكد من إشراك المجتمع المحلي داخل المدن مشاركة فاعلة ومستمرة في عمليات التخطيط والتنفيذ لكافة التصاميم والخطط الحضرية والبرامج والمبادرات والمشاريع والخدمات التي تقدمها إدارة المدينة لهم واتخاذ القرارات بشأنها، وذلك للتأكد من أنها جميعا تعكس احتياجات وتطلعات وآمال سكانها وتحقق سعادتهم وغبطتهم. يتم ذلك من خلال عدة وسائل تقليدية مثل الإجتماعات الدورية والاستبانات الورقية وورش العمل والمجموعات المركزة والمسوحات وغيرها، إضافة للوسائل الرقمية مثل الاستبانات الإلكترونية والحوار المباشر الرقمي واللحظي والتؤامة الرقمية والميتافيرس…
ثالثا: إعطاء الأولوية للتنمية المستدامة والإقتصاد الدائري: كافة المدن المتميزة في العالم تعطي الأولوية للتنمية المستدامة والإقتصاد الدائري في جهود التخطيط والتنفيذ الخاصة بها. ويشمل ذلك تعزيز البنية التحتية الخضراء والحد من انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون وتحسين رشاقة ومرونة المدينة في مواجهة الكوارث الطبيعية.
رابعا: التركيز على العدالة والمساواة وتعميم وتوزيع الخدمات ومكتسبات التنمية: تركز كافة المدن العالمية المتميزة على تعزيز العدل والمساواة في جهود التخطيط والتنفيذ الخاصة بها. وبما يضمن حصول كافة السكان في كافة المناطق على نفس المستويات المتميزة من الخدمات، سواء أكانت أساسية مثل خدمات الرعاية الصحية والتعليم أو الخدمات البلدية المختلفة، مع التركيز على ضرورة تعميم فوائد ومكتسبات التنمية على كافة فئات المجتمع في كافة المناطق الجغرافية، ودون أن تؤثر مشاريع التنمية سلبا على الفئات “الأقل حظا” و”الأضعف” من السكان.
خامسا: إحتضان التكنولوجيا/ ألمدن الذكية والرقمية: تتبنى كافة المدن المتميزة في العالم التقنيات الحديثة في جهود التخطيط والتنفيذ كجزء لا يتجزأ من منظومة العمل المؤسسي فيها. بحيث يتضمن هذا التبني استخدام الذكاء الإصطناعي وتحليلات البيانات الضخمة والمفتوحة والمشتركة لدعم عملية صنع واتخاذ القرار فيها ، وتنفيذ تقنيات المدن الذكية والرقمية لتحسين الكفاءة والإرتقاء بجودة الخدمات، واستخدام الواقع الافتراضي والمُعزز والميتافرس والتؤامة الرقمية لتصور مفاهيم التخطيط وتقديم الخدمات للمواطنين والمؤسسات الإقتصادية على حد سواء، إضافة لاستخدام التقنيات الحديثة كالروبوتات والدرون والطباعة ثلاثية الأبعاد والبلوك تشين أينما أمكن ذلك (مثل استخدام الروبوتات في الكشف على شبكات الصرف الصحي وتنفيذ عمليات جمع وتدوير القمامة والنفايات وتنظيف وتعقيم المرافق العامة،، أو استخدام الدرون في الرقابة على المرافق العامة والأسواق… إلخ).
كما أوضحت الدراسة والتقرير الذي أعدته المجموعة حزمة واسعة من أفضل الممارسات العالمية التي تتبناها افضل المدن العالمية في مجال العمل البلدي، وذلك للاستفادة منها في تطوير عمل بلدية دبي والإرتقاء بأدائها على وجه الخصوص وبالأداء المحلي والوطني بشكل عام. هكذا ممارسات فضلى في مدن عالمية متميزة ورائدة يمكن الإفادة منها من قبل الحكومة وأمانة عمان الكبرى، وبلديات المدن الكبرى الأخرى في المملكة، في جهودها الحثيثة والمتواصلة في تحديث وتطوير المدينة، بعد الأخذ بعين الإعتبار خصوصية المدينة وسكانها وبيئتها، وفي جهود الحكومات المتعاقبة لإطلاق المدبنة الجديدة في الأردن لحيز الوجود.
ففي مجال الإستدامة والبيئة والإقتصاد الدائري مثلا، تمكنت الدنمارك من تحقيق المركز الأول عالمياً لسنة 2022 في مؤشر “جودة المناخ” بشكل عام، فقد قامت الدنمارك بإقرار “قانون المناخ” الملزم لكافة الأطراف من القطاع الحكومي والقطاع الخاص والأفراد، مع تحديد هدف وطني للتقليل من انبعاثات غازات الإحتباس الحراري وغاز ثاني أكسيد الكربون بنسبة 70٪ دون مستويات عام 1990 بحلول عام 2030. حاليا، يأتي حوالي ثلثي الطاقة الكهربائية في الدنمارك من مصادر نظيفة (رياح، شمس، أمواج)، وتهدف المدينة إلى أن تصبح أول عاصمة في العالم خالية من الكربون في السنوات الخمس المقبلة. علاوة على ذلك ، قررت الدنمارك إنهاء التنقيب عن النفط والغاز في بحر الشمال بحلول عام 2050، وقامت بعقد 14 شراكة مناخية مع شركات كبرى من القطاع الخاص لإيجاد طرق تمكن للقطاعات الإقتصادية المختلفة والأفراد من المساهمة الفاعلة في خفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بطريقة عادلة، وفي نفس الوقت دعم القدرة التنافسية للدنمارك وزيادة الصادرات و نمو الوظائف. و تحقيق الرفاهية والازدهار للمواطنين.
وضمن جهودها لزيادة الرقعة الخضراء وتشجير الغابات فيها، قامت الدنمارك بإعداد وتنفيذ “ألبرنامج الوطني للغابات”، والذي حددت الدنمارك من خلاله أهدافًا واضحة ومحددة لزيادة مساحة الغابات والرقعة الخضراء في الدولة، بحيث تغطي المناظر الطبيعية للغابات 30-35 في المائة من البلاد بحلول نهاية القرن الحادي والعشرين. وفي مجال المرافق والحدائق العامة، نفذت كوبنهاغن “إستراتيجية تطوير المنتزهات الشاملة” والتي تعطي الأولوية لإنشاء مساحات خضراء حضرية شاملة وموزعة على كافة مناطق المدينة لتشكل 30-40 % من مساحتها الإجمالية، وبحيث يمكن الوصول إليها من قبل كافة السكان بسهولة (خلال أقل من 15-20 دقيقة مشيا على الأقدام). وتوفر حزمة واسعة من النشاطات الترفيهية والاجتماعية، ومن أبرز هذه المتنزهات “منتزه سوبركيلن” و”حدائق تيفولي”.
وضمن جهودها في تخفيض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون في المباني بشكل كبير بحلول عام 2030. قامت الدنمارك، ومدينة كوبنهاجن، أيضا بتبني مشروع وطني للأبنية الخضراء يشمل على إستبدال وتجديد وتحديث كافة الأبنية القائمة، وفق برنامج وخطة زمنية واضحة قصيرة ومتوسطة وبعيدة الأجل، لتصبح مباني “خضراء” وإنشاء مباني خضراء جديدة وفق أعلى المواصفات العالمية للأبنية الخضراء ومواصفات (LEED)، واستخدام عمليات البناء الخالية من الأحافير. كما قامت بتبني مواصفات وملصقات لتصنيف الطاقة لجميع المباني فيها (Energy Labeling for Buildings) وذلك لتصنيف استهلاك واستخدام الطاقة لجميع المباني في غضون خمس سنوات. بحيث تحتوي ملصقات الطاقة للأبنية على معلومات شاملة ومحدثة باستمرار عن الحالة الحالية لاستهلاك الطاقة والمياه في البناء وإمكانية تحسينها وتحسين المناخ الداخلي فيها.
كما نفذت كوبنهاغن نظامًا مستدامًا لإدارة المياه فيها، يشمل على تجميع مياه الأمطار وإعادة استخدامها لغايات الشرب والري والصناعة، وتحفيز أنشاء وانتشار الأسطح الخضراء فوق الأبنية، وإنشاء الطرق والأرصفة وتعبيدها ورصفها من المواد القابلة لامتصاص المياه وتجميعها. كما تم تصميم محطة معالجة مياه الصرف الصحي الرئيسية في المدينة،ـ بحيث يتم استخدامها لغايات إنتاج الطاقة من خلال توليد الغاز الحيوي، إضافة لمهمتها الرئيسية بمعالجة المياه العادمة واستصلاحها للاستخدام لغايات الري والصناعة.
أما مدريد- إسبانيا، فقد قامت بتطوير شبكة غابات حضرية بطول 75 كم تقريبًا من خلال زراعة حوالي نصف مليون شجرة جديدة، إضافة إلى العمل على ربط وتواصل كتل الغابات الخضراء المصغرة الموجودة داخل المدينة مع بعضها البعض من خلال إعادة استخدام وتشجير المواقع المهجورة بين الطرق والبنايات. وعند الانتهاء من تنفيذ هذا “الجدار الأخضر” بنهاية عام 2026، فإنه من المتوقع أن يساعد ذلك في استيعاب وامتصاص حوالي 175,000 طن من ثاني أكسيد الكربون سنويًا من أجواء المدينة وتحويلها إلى أوكسجين نقي، وبالتالي تحسين “جودة الهواء” بمقدار 50% داخل المدينة و”تسطيح” (هبوطا في الصيف وارتفاعا في الشتاء) منحنى درجة الحرارة التي تولدها نشاطات السكان والنشاطات الإقتصادية في المدينة بحوالي 1-2 درجة مئوية ضمن محيطها.
من ناحيتها، نفذت سنغافورة “إستراتيجية التنوع البيولوجي” وذلك بتطوير العديد من المنتزهات والحدائق العامة في المدينة و التي تعطي الأولوية للحفاظ على التنوع البيولوجي وتعزيزه، وذلك من خلال عرض تشكيلة واسعة ومتنوعة من النباتات والحيوانات المتوفرة في البلاد والدول المجاورة، ومن أبرزها حدائق “بحيرة جورونغ “و”محمية بوكيت تيماه الطبيعية”. كما قامت سنغافورة بتنفيذ العديد من المبادرات لتعزيز المحافظة على المياه، بما في ذلك تجميع مياه الأمطار وتحفيز وانتشار استخدام الأجهزة الموفرة للمياه في كافة المنازل والمنشآت الإقتصادية، وتبني نظام تسعير المياه الذي يحفز على الحفاظ على المياه. كما نفذت المدينة أيضًا نظامًا شموليا لاستصلاح المياه يعالج 100% من المياه العادمة واستغلال واستخدام المياة المستصلحة في أعمال الري والعمليات الصناعية.
وكما كوبنهاجن ومدريد وستغافورة، تقوم لندن بتبني العديد من البرامج لتعزيز مصادر الطاقة منخفضة الكربون، حيث التزمت لندن بأن تصبح مدينة خالية من الكربون بحلول عام 2050، ونفذت عدة استثمار ضخمة في مجال الطاقة الشمسية وتوربينات الرياح، كما تقدم المدينة أيضًا حوافز ملموسة ومؤثرة للشركات والأسر والأفراد للتحول إلى مصادر الطاقة النظيفة والمتجددة، بحيث تشمل هذه الحوافز إعفاءات وتخفيضات ملموسة على ضرائب الشركات والأفراد.
وقامت مدينة فانكوفر في كندا، أيضا بإصدار وتنفيذ “سياسة المباني الخضراء” التي تتطلب تشييد جميع المباني الجديدة وفقًا لمعايير عالية من كفاءة الطاقة والاستدامة. وقدمت العديد من التسهيلات والحوافز المالية والإدارية لتشجيع أصحاب المباني على تعديل المباني القائمة للوفاء والإلتزام بهذه المعايير.
وضمن جهوده في تجذير ثقافة الإقتصاد الدائري (Circular Economy)، قام الإتحاد الأوروبي بتبني “سياسة الإقتصاد الدائري” و الملزمة لحكومات الدول الأعضاء والمؤسسات العاملة فيها والقاطنين عليها والزائرين لها . تهدف هذه السياسة إلى تحقيق خمسة أهداف رئيسة وهي:
أولا: إطالة عمر المنشآت والمنتجات والبضائع المنتجة داخل دول الإتحاد أو المستوردة إليه من الخارج وإعادة تدويرها واستخدامها عند انتهاء فترة صلاحيتها، وذلك من خلال إدخال معايير التصميم الدائري في سياسة المنشآت والبضائع والمنتجات في الاتحاد الأوروبي ، ومطالبة الدول والمؤسسات والأفراد على حد سواء بتبني حلول خضراء ودائرية، من خلال أنظمة المشتريات العامة وزيادة الحوافز وتشجيع عمليات الصيانة والإصلاح وإعادة التدوير والإستخدام.
ثانيا: تحفيز وزيادة استخدام المواد والمنتجات المعاد تدويرها وتصنيعها، وذلك من خلال إنشاء أسواق فعالة (وجاهية ورقمية) داخل دول الاتحاد مخصصة للمواد المعاد تدويرها وتصنيعها، استنادا للمعايير والمواصفات المعتمدة عالميًا لهكذا مواد ومنتجات، وبذلك تخلق الثقة بين المستخدمين والمستهلكين لتحفيزهم على زيادة استخدامها.
ثالثا: إعتماد نماذج الأعمال والأقتصاد الدائري في كافة دول الإتحاد والمؤسسات العاملة فيه، وذلك من خلال تبني أنظمة المشتريات العامة الخضراء، لتكون قوة دافعة ورافعة رئيسية وفعالة للانتقال إلى النماذج والحلول الشمولية للأعمال والإقتصاد الدائري. بحيث لا يكون تركيز المشتريات العامة على سعر الشراء فحسب، بل يجب أن يرتكز بشكل رئيس على مدى استدامة المنتج والتزام الجهات المصنعة والمنتجة والموردة والناقلة بمباديء ونماذج أعمال الإقتصاد الدائري.
رابعا: التغيير والإنتقال من إنتاج مواد تقليدية وبأساليب استخدام تقليدية لها، إلى إنتاج واستخدام مواد جديدة مبتكرة ومستدامة، و تبني إستراتيجيات وأساليب الإستخدام المستدام لهكذا مواد.
خامسا: الحد من الهدر، بحيث يتم تبني منظومات حوافز وعقوبات متكاملة وفعالة من قبل دول الإتحاد للمؤسسات الإقتصادية والأسر والأفراد على حد سواء لحفزها على الحد من النفايات.
وفي مجال المدن الذكية والإبتكار، قامت دبي بإطلاق إستراتيجية التحول الرقمي 2020-2024 وتحديثها للأعوام 2024-2030 ليكون من بين أهدافها الرئيسة الإرتقاء بمرتبة دبي في المؤشر العالمي للمدن الذكية (SMART Cities Index) من المرتبة 17 في عام 2023 إلى أحد المراتب الثلاثة الأولى بنهاية تلك الفترة، ولتصبح المدينة الرقمية الأولى عالميا في السنوات الخمسة التي تليها. ولتحقيق هذه الغاية، إحتوت الإستراتيجية على 51 مشروعا ومبادرة مستقبلية تشمل على تقديم 100% من خدمات البلدية بشكل رقمي ومتكامل ومترابط تماما مع كافة خدمات الجهات الأخرى من خلال المنصات والتطبيقات الرقمية الحكومية الشاملة والموحدة “إستثمر في دبي” (Invest in Dubai) و “دبي الآن” (Dubai Now). كما تضمنت الإستراتيجية تبني التقنيات الحديثة من الذكاء الإصطناعي (AI) والروبوتات (Robotics) والواقع الإفتراضي/ المعزز (VR/ AR) والدرون (Drones) وإنترنت الأشياء (IOT) والطباعة ثلاثية الأبعاد (3D Printing) والبلوك تشين (Blockchain) والبيانات الكبرى والمفتوحة والمشتركة (Big, Open, and Shared Data) والأمن السيبراني (Cyber Security) على كافة مجالات العمل البلدي في الترخيص والتنظيم والمرافق العامة والبيئة والصحة والسلامة وإدارة النفايات والصرف الصحي.
ومن المشاريع والمبادرات الرائدة والمتميزة عالميا في مجال التحول الرقمي في العمل البلدي والتي تضمنتها الإستراتيجية مشروع الطباعة ثلاثية الأبعاد للمباني (Buildings 3D Printing) والمباني القابلة للطي والتوسعة وتغيير صفة الإستخدام بشكل سريع/ رشيقة (Foldable, Expandable, and Agile Buildings) و التؤامة الرقمية (Digital Twining) والأنظمة الذكية الرقمية للترخيص والرقابة على الأبنية (SMART Building Licensing and Control) وعمليات الرقابة على المباني والأسواق المبثة بشكل مباشر (Live Stream Inspection) واستخدام الذكاء الإصطناعي في الفحوصات المخبرية (AI Lab Testing) و إدارة المخاطر (AI Risk Management) وفترة صلاحية المنتج وتصنيف وتسجيل المنتجات (Product Shelf Life, Classification, and Registration) وتتبع المركبات والمراقبين (Vehicles’ and Inspectors’ Tracking) واستخدام الروبوتات في أعمال الرقابة والفحص (Market Inspections by Robots) وإعادة تدوير النفايات (Waste Recycling)، واستخدام الدرون في نقل العينات (Samples’ Transfer by Drones) ومراكز خدمة/ سعادة المتعاملين المؤتمتة بالكامل (خالية من العنصر البشري) (Fully Automated Customer Happiness Centers) وتبني تقنية إنترنت الأشياء في التحقق من جودة شبكات المياه والصرف الصحية وبنيتها (Water and Sewage Network Infrastructure Integrity Inspection) وجمع وإدارة النفايات حسب الحاجة (Demand Based Waste Collection and Management) والرقابة عن بعد للأسواق (Remote Market Monitoring and Inspection) واستخدام تقنية البلوكتشين في الرقابة على الغذاء وعلى الأسواق.
وضمن هذا الإطار، قامت مدينة هلسنكي في فنلندا ، كما في دبي، بإعداد وتنفيذ استراتيجية المدينة الذكية، والتي تستند على تبني نماذج العمل الرقمية والتقنيات الحديثة (ذكاء اصطناعي وروبوتات ودرونز وطباعة ثلاثية الأبعاد والبلوكتشين وغيرها) وتحاليل البيانات الضخمة والمفتوحة، لتحسين جودة حياة السكان وتقليل الأثر البيئي للمدينة، بما في ذلك منصة المدينة المفتوحة والتي تحوي على كافة البيانات والمعلومات والخرائط والتصاميم المتعلقة بالمدينة وبدرحة عالية من التفصيل والدقة ومحدثة بشكل لحظي، وبرنامج التنقل الذكي والرقمي الذي يتيح للمستخدم استخدام كافة وسائط النقل العامة والخاصة المتوفرة داخل المدينة تحت مظلة وتطبيق/منصة واحدة وبشكل بسيط وميسر وفعال وكفؤ. كما قامت مدينة برشلونة في اسبانيا بتبني “إستراتيجية ونظاما أيكولوجيا حيويا للابتكار”، يعزز من روح المبادرة وجذب المواهب والاستثمار في المشاريع والمبادرات الريادية و الابتكارية ، بما في ذلك برنامج تسريع إنشاء الشركات الناشئة الإيتكارية وإنشاء مركز ابتكار المدينة الذكية.
أما في مجال التنظيم والترخيص وإصدار تراخيص البناء والإستخدام، فقد نفذت الدول والمدن المتميزة العديد من الممارسات الجيدة في التعامل مع التصاريح المتعلقة بالبناء والإستخدام ومنها وضع قواعد وتشريعات شمولية وواضحة ومبسطة ومتكاملة ومترابطة بين كافة المؤسسات ذات العلاقة، وتحسين الشفافية وإمكانية الوصول إلى مثل هذه القواعد واللوائح، إضافة إلى ضمان وجود آليات فاعلة لمراقبة جودة وسلامة الأبنية (قائمة أو قيد الإنشاء) وظروفها البيئية مستندة على تصنيف للأبنية والمشاريع حسب المخاطر وأسلوب التعامل معها.، واستخدام المنصات الشاملة لتحسين التنسيق وزيادة كفاءة الحصول على التصاريح المتعلقة بالبناء من كافة الجهات الحكومية والخاصة (البلدية، الصناعة والتجارة، الدفاع المدني، البيئة، غرف الصناعة والتجارة وغيرها) وتحت مظلة واحدة وبكل سهولة ويسر.
هنالك اليوم أكثر من 28 اقتصاد حول العالم قامت بتطوير منصة واحدة لمنح تصاريح البناء والاستخدام من كافة الجهات الحكومية والخاصة ذات العلاقة. إن نجاح هكذا منصات شاملة للترخيص والإستخدام يتوقف على مدى التنسيق الفعال بين جميع الجهات المعنية، وغالبًا ما يتطلب ذلك إجراء تعديل شمولي لكافة التشريعات ذات العلاقة من قوانين وأنظمة تعنى بمنح التراخيص، دفعة واحدة ويشكل متزامن وليس بشكل جزئي ومتسلسل، وذلك لتبسيطها وتحسينها وضمان التنسيق الكامل ومشاركة المعلومات بين كافة هذه الجهات.
وضمن هذا السياق، فقد كان ساحل العاج (كوت ديفوار) في عام 2006 من بين ال 10 اقتصادات الأسوأ عالميا من حيث كثرة متطلبات تراخيص البناء والإستخدام ودرجة تعقيدها في ذلك الوقت، بحيث تطلب إصدار رخصة البناء الواحدة حينها إلى الإلتزام ب 10 تشريعات ولوائح مختلفة و 24 إجراءً منفصلاً و إضاعة 623 يومًا في المتوسط لإكمال عملية الحصول على ترخيص البناء. في عام 2017 ، أصلحت كوت ديفوار نظام تراخيص البناء لديها من خلال إجراء مراجعة وتحديث وتبسيط شمولي لكافة التشريعات واللوائح المعنية باصدار تراخيص البناء دفعة واحدة، و إنشاء منصة شاملة لتصاريح البناء تنطوي تحت مظلتها كافة الجهات الحكومية والخاصة المعنية بإصدار رخص البناء ومزاولة المهنة، وتبسيط الإجراءات وتقليل تكاليف الإمتثال للشركات. ونتيجة لذلك ، تم تخفيض عدد الإجراءات المطلوبة في كوت ديفوار إلى 14 اجراء وتقليص الوقت اللازم لاصدار الرخصة من قبل كافة الجهات المعنية في اي من مناطق الدولة إلى 160 يوم بحد أقصى.
وسبقتها في ذلك سنغافورة في عام 2013، حيث قامت بتبني نظام ومنصة تصاريح البناء والإستخدام الموحد (CORENET)، حيث قام النظام بتبسيط وتسهيل إجراءات طلب الموافقات وتصاريح البناء والإستخدام المختلفة من قبل كافة الجهات المعنية وتحت مظلة واحدة، بحيث يمكن الحصول على الموافقات لتصاميم وخطط البناء وإجراءات الصحة والسلامة العامة والمحافظة على البيئة ومواقف السيارات وتصاريح الإستخدام والبدء بمزاولة المهنة، والتصاريح البيئية وغيرها، كلها تحت مظلة واحدة وبشكل سريع وميسر.
اليوم تمكنت بلدية دبي من تحقيق المرتبة الأولى عالميا في مؤشر “جودة الرقابة على أعمال البناء” والذي يقيس مدى جودة أنظمة البناء ومراقبة هذه الجودة قبل وخلال وبعد انتهاء عملية البناء ، وأنظمة المسؤولية والتأمين ، ومؤشرات الشهادات المهنية للأبنية وكافة العاملين على تشييدها وإدامتها والرقابة عليها من مؤسسات وأفراد على حد سواء. كما حققت دبي المرتبة الأولى عربيا والرابعة عالميا في مؤشر “ألوقت اللازم لإصدار ترخيص/ تصريح البناء” من قبل كافة الجهات المعنية (بلدبة دبي، دائرة التنمية الإقتصادية، غرفة تجارة دبي، دائرة الأراضي والأملاك، هيئة الطرق والمواصلات، دفاع مدني، بيئة… إلخ)، حيث يتم إصدار الترخيص الموحد لكافة هذه الجهات خلال فترة 47.5 يوم بحده الأقصى. وحققت دبي المرتبة الثانية عربيا (بعد البحرين) في مؤشر “عدد جميع الإجراءات المطلوبة للحصول على ترخيص البناء”، حيث يبلغ عدد الإجراءات في دبي 11 إجراء مقارنة مع 7 إجراءات في الدنمارك وهي الدولة الحاصلة على المرتبة الأولى عالميا في هذا المؤشر. وتسعى دبي لتخفيض عدد إجراءات الترخيص لديها من قبل كافة الجهات المعنية إلى 7 بحلول العام 2026.
إستنادا لدراسة وتقرير “أداء بلدية دبي في مؤشرات التنافسية العالمية للعام 2023″، الذي قامت مجموعة الهنداوي للتميز بإعداده، والتحليل التفصيلي المتضمن للمقترحات التحسينية على أداء البلدية وفق أفضل الممارسات العالمية، قامت البلدية على الفور بتعميم التقرير على كافة المؤسسات التابعة لها : مؤسسة التنظيم والترخيص، مؤسسة المرافق العامة، مؤسسة البيئة والصحة والسلامة، ومؤسسة إدارة النفايات والصرف الصحي، وكافة المدراء التنفيذيين والمدراء في الوحدات التنظيمية التابعة لهذه المؤسسات، وذلك لوضع وتنفيذ الخطط التحسينية الهادفة إلى المحافظة على المراتب الريادية العالمية التي تمكنت البلدية من تحقيقها لغاية الآن، والإرتقاء بأدائها لتصل للريادة العالمية في المؤشرات التي لم تحقق فيها الريادة العالمية بعد خلال الأعوام القليلة القادمة. على أن يعاد لإعداد تقرير إداء البلدية في مؤشرات التنافسية في العام القادم بإذن الله، لقياس مدى التطور والتقدم في تحقيق الريادة العالمية فيها. كما قامت البلدية بربط أنظمة تقييم أداء القادة وقياس وإدارة الأداء المؤسسي وأنظمة الحوافز والعقوبات فيها بمدى التقدم والتطور في تحقيق المراتب الريادية في مؤشرات التنافسية العالمية هذه، ليكون الثواب والعقاب مستندا عليها.
مؤشرات التنافسية العالمية هي الأدوات والروافع الإستراتيجية الرئيسة والصحيحة لتحقيق التحديث الإقتصادي والتنمية المستدامة الشاملة وتميز الأداء الحكومي. رؤية التحديث الإقتصادي التي يرعاها جلالة الملك المعظم وأطلقها العام الماضي، حددت خمسة من أصل ثمانية أهداف إستراتيجية مرتبطة بالإرتقاء في ترتيب الأردن في مؤشرات تنافسية عالمية، ليرتفع ترتيب الأردن من المرتبة المتوسطة أو دون المتوسطة التي يحتلها الآن ليصبح من أقضل 20%-40% من دول العالم في كافة هذه المؤشرات في نهاية سنوات الرؤية.
جلالة الملك المعظم أكد ومن على كل منبر ، وما زال يؤكد، بأن رؤية التحديث الإقتصادي والتحديث الإداري ستكون نهجا مؤسسيا شاملا ومستداما لكافة الحكومات المتعاقبة الحالية واللاحقة، وجب عليها جميعا أن تلتزم به… فحتى يتمكن الأردن من تحقيق هذه الأهداف الطموحة، لا بد للبرنامج التنفيذي لرؤية التحديث الإقتصادي من أن يحدد أهدافا سنوية واضحة ومحددة وقابلة للقياس والمتابعة (SMART) لكل مؤشر من هذه المؤشرات،ـ بحيث تتخذ الحكومات المتعاقبة هذه الأهداف السنوية مرجعية رئيسية لعملها، يتم التأكيد عليها والإلتزام بها في كافة خطابات طلب الثقة للحكومات المتعاقبة، ويتم الرقابة عليها ومتابعتها سنويا من قبل الديوان الملكي الهاشمي العامر، كما يفوم به الآن، ومجلس الأمة، وتقييم مدى نجاح الحكومات المتعاقبة وأعضائها استنادا لمدى قدرتهم وفاعليتهم وكفاءتهم على الإرتقاء بترتيب الاردن بشكل ملموس في مؤشرات التنافسية العالمية هذه وفق الأهداف السنوية المحددة لذلك.
كما يتطلب ذلك قيام كافة الوزارات والمؤسسات والدوائر الحكومية الرئيسة في الأردن، كما هو الحال في الدول الشقيقة ذات الأداء الحكومي المتميز، بربط الأهداف الإستراتيجة لكل منها بمؤشرات التنافسية العالمية ذات العلاقة بعملها، وتوضيح هذا الإرتباط وقوته من حيث مدى مساهمتها في تحقيق هذه المؤشرات، مساهمة رئيسة ومباشرة أو مساهمة داعمة ومساندة، بالتنسيق والمشاركة الفاعلة مع كافة الوزارات والمؤسسات والدوائر الأخرى المعنية. وقيام كل وزارة ومؤسسة ودائرة حكومية بإجراء ودراسة وتحليل دوري سنوي شامل وتفصيلي لكافة مؤشرات التنافسية العالمية التي تساهم فيها الوزارة أو المؤسسة، وتحديد نتيجة الأردن والوزارة/ المؤسسة وموقعها وترتيبها عالميا في كل منها، و إظهار نمطية واتجاه نتائج كل مؤشر خلال السنوات الماضية، وإجراء تحليل مقارنة للأداء مقارنة مع المراكز الريادية في العالم، ، مع عرض أفضل الممارسات الريادية العالمية في مجالات عملها للاستفادة منها في تطوير أعمالها، ووضع وتنفيذ الخطط التحسينية المحددة للإرتقاء بأدائها للوصول إلى الريادة العالمية لها وللوطن بإذن الله، وربط كل ذلك بسياسات الثواب والعقاب للحكومات المتعاقبة وأعضائها.
هكذا يكون الإرتقاء وتميز الأداء الحكومي المؤسسي ويكون تحقيق التنمية الإقتصادية والإجتماعية المستدامة المنشودة، وبما يرتقي لرؤى وتطلعات جلالة الملك المعظم وآمال وطموحات شعبه الطيب.
حفظ الله الأردن عزبزا وقويا ومنيعا… وحماه شعبا وأرضا وقيادة.
ألمراجع (References):
1. دراسة وتقرير “أداء بلدية دبي في مؤشرات التنافسية العالمية للعام 2023″، مجموعة الهنداوي للتميز، 2023.
2. “SMART Cities Index 2023”, IMD World Competitiveness Center, 2023.
3. “Cities of Choice 2023”, Boston Consultancy Group, 2023.
4. “World’s Best Cities 2023”, Resonance, 2023.
5. “The Prosperity Index 2023”, Legatum Institute, 2023.
6. “Innovation Cities Index 2023”, 2Think Now Data Innovation Agency, 2023.
7. “Environmental Performance Index 2022”, Yale Center for Environmental Law and Policy/ Yale University, Center for International Earth Science Information Network/ Columbia University, 2022.
8. “Sustainable Development Report 2022”, Cambridge University, 2022.
9. “Global Power Index 2022”, MMF Institute for Urban Strategies, The Mori Memorial Foundation, Singapore, 2022”.
10. “IMD World Competitiveness Booklet 2022”, IMD World Competitiveness Center, 2022.
11. “The Global Talent competitiveness Index 2022”, INSEAD, 2022.
12. “The 2022 Global Cities Report” Kearney Institute, 2022.
13. “IESE Cities in Motion”, IESE Business School/ University of Navarra, 2022.
14. “Travel and Tourism Development Index, 2021”, World Economic Forum 2021.
15. “Global Food Security Index, 2021”, The Economist Impact, 2021.
16. “Safe Cities Index 2021”, The Economist, 2021.
17. “Ease of Doing Business Report 2020”. World Bank. 2020.
التعليقات مغلقة.