ماذا لو استبدلنا الأدوار وقالها وزير عربي؟ من يجرؤ على الكلام؟
كتب المهندس سليم البطاينه
الاردن اليوم – ماذا لو استبدلنا الأدوار وقالها وزير عربي؟ من يجرؤ على الكلام؟
تعلمنا في دروس النحو أن ( لو ) حرف امتناع لامتناع ،، وما بين النحو والسياسة العربية وثيقة متينة تجسدها ( لو ) !
سؤالنا ليس ساذجاً ، وليس مُغرضاً ؛ إنما هو من قهر السؤال الدائم ، وينطلق من الطنين الذي يحوم على مسامعنا وما نشاهده مما تفعله إسرائيل بنا ! وما يصدر عن وزرائها من تصريحات عنصرية تجاه العرب في فلسطين والوطن العربي كافة.
كثيرة هي المصائب التي حلت بنا كعرب في أيامنا هذه !! فعند كل مصيبة وجريمة ومحنة تقوم بها إسرائيل ، نقف صامتين لا حيلة لنا ونكتفي بترديد الثلاثية الحزينة ، و العبارات الممزوجة بالخوف من شجب واستنكار وإدانة ! فما يحدث حالياً في ساحات الاقصى والقدس الشرقية والضفة الغربية وتصريحات المسؤولين من قادة إسرائيل أكبر شاهد على ما اقوله واكتبه.
الواضح أننا مازلنا في سبات عميق وغثائية مُقيتة والأنظمة العربية في حالة إعياء شديد وسقوط في حالة مفرغة وهرولة نحو المجهول !! والنظام العالمي المؤيّد للصهيونية نجح في تدجين بعضٍ من رؤوس النظام العربي ،، وقادة إسرائيل لا يشعرون بالخجل من أي شيء ! فإسرائيل اليوم يحكمها فكرٌ لا يقيم وزنًا لمن لا يؤمنون بالصهيونية ! وهو فكر يسمح بتدمير وإقصاء وتشريد الناس من بيوتهم من أجل تحقيق أهداف الفكر الصهيوني الذي يحرضُ على العنصرية والفاشية تجاه الآخرين.
المُضحك المُبكي ان جميع الرؤساء العرب يلوّحون بالسلام مع إسرائيل ، وإسرائيل تُلوّح بعنصريتها وعنجهيتها ،،، لذا ما يجري كشفه من وقت لآخر ليس سوى إعلان كاشف لجزء يسير من المخفي !
هذه المقدمة الطويلة تأتي بعد التصريحات التي أطلقها وزير المالية الاسرائيلي ( بتسلئيل سموتريتش ) رئيس حزب الصهيونية الدينية في آذار الماضي ٢٠٢٣ في باريس خلال الفعالية التي حضرها لإحياء ذكرى زعيم الحرية في فرنسا Jack Cooper،،، ما قاله الوزير الإسرائيلي سموتريتش أنه “لا يوجد شعب فلسطيني فهو شعب مُزيف وهي الحقيقة التاريخية التوراتية التي على العرب ان يسمعوها ! ” و من ثم عُرضت خريطة لإسرائيل الكبرى من خلفه تضم الأردن.
للأسف، كل تلك التصريحات كانت عقب انتهاء قمة شرم الشيخ في ١٩ آذار ٢٠٢٣ التي تمت مع إسرائيل بمشاركة مصرية وأردنية وبرعاية أمريكية !
المحزن ان العلاقة الحالية بين الحكومات العربية المهرولة وإسرائيل يُعيد إلى الاذهان الصورة البائسة التي رسمها ( أبن كثير ) في كتابه ( البداية والنهاية ) لدخول المغول إلى بغداد سنة ١٢٥٨ ميلادي ، حيث مارس المغول عمليات إذلال ممنهجة ضد رموز الدولة العباسية التي كانت في طريقها للسقوط.
خوفنا يأتي من غدر الارشفة وسرقة التاريخ ، فقبل اربعين عاماً قال ( موشي ديان ) أنه لا حق للأردن في الوجود لأنه كيان مصطنع ! فلا بد أن نتيقّظ ، فالأردن البلد الوحيد المتضرر مما تفعله إسرائيل ، والذي لا يستطيع تحمل الارتدادات عن أعمال إسرائيل الهمجية والعنصرية في القدس و جنين و نابلس و كافة انحاء الضفة الغربية ،،، وللحق الأردن كان ولا يزال يَعدّ القضية الفلسطينية قضيته المركزية الاولى ،،، وينظر إليها بوصفها أولوية في سياسته الخارجية ، ويؤمن بأن إقامة دولة فلسطينية وفق حل الدولتين مصلحة اردنية عليا ،،، والأردن وحيداً دون وقوف العرب جميعاً كما عبر عنه قبل أشهر رئيس مجلس الأعيان فيصل الفايز لا يستطيع فعل أي شيء ، وهذه الحقيقة …
فحسب المعطيات الحالية على الأرض نشرت صحيفة The Daily Telegraph اللندنية “اليمينية المتشددة” قبل اسابيع ان رحلة فقدان الوصاية الهاشمية على المقدسات بدأت ! وما يحدث في يهودا والسامرة والقدس ما هو إلا تنفيذٌ لما تم الاتفاق عليه في صفقة القرن التاريخية ! وهو فعلا ما تم ( اعلان القدس عاصمة أبدية لإسرائيل ومن ثم البدء في مشروع تقسيم المسجد الأقصى المبارك وهدم قبة الصخرة وبناء الهيكل مكانها والذي سيكون قريباً جدًا ).
ما قاله ( سموتريتش ) قاله قبل أشهر وزير القتل الاسرائيلي ( إيتمار بن غفير ) ان حكومة نتنياهو قتلت منذ بداية العام الحالي ١٢٠ فلسطينياً ، وهنالك المزيد في المستقبل ،،، ووصف الشعب الفلسطيني كأي مخلوق لا قيمة له.
ومؤسس الصهيونية العالمية ( تيودور هرتزل ) قال قبل أكثر من مائة عام ( اذا حصلنا يوماً على القدس وكنت لا أزال حياً وقادراً على القيام بأي شيء ،، فسوف أُزيل كل شيءٍ ليس مقدساً عند اليهود ).
بهذه الكلمات لخص Theodor Herzl و موشي ديان السياسات الصهيونية تجاه فلسطين والعرب بوقت مبكر ،،، فتلك المؤامرات ليس من الحكمة إنكارها فهي موجودة في الفكر الصهيوني.
الواقع يقول أن إسرائيل تحظى ببطاقة عبور مجانية ، ولا تحترم ولا تأبه بمشاعر العرب ،،، وحرية التعبير كما نشاهدها في بعضٍ من الدول العربية تقف عاجزة وجبانة عن نقد إسرائيل ! فكل انتقاد بمثابة جريمة ترقى إلى معاداة السامية ، وكل الذين يجرؤون على انتقاد إسرائيل سيُنظر إليهم مباشرة على أنهم أعداء لليهود وللسامية ، وستتم معاملتهم كمجرمين وأعداء للإنسانية.
والسؤال : ماذا لو استبدلنا الأدوار وأطلق أحد الوزراء العرب تصريحات ضد إسرائيل ؟ و قال ان فلسطين عربية من البحر الى النهر ،،، بالتأكيد ستقوم الدنيا ولن تقعد.
رحم الله الملك السعودي الراحل ( خالد بن عبد العزيز ) عندما قال لا يمكن أن ينجو أي زعيم عربي يرضخ لحل لا يأخذ حقوق الفلسطينيين ، ويفرط بالقدس والمقدسات ،،، كان ذلك في أيار عام ١٩٧٧ عند استقباله وزير الخارجية البريطاني David Owen.
وهنا لا نملك إلا ان نترحم على الفنان المصري العبقري الراحل( توفيق الدقن ) و دوره الشهير في فيلم ( بحبك يا حسن ) الذي جسد فيه بإقتدار شخصية ( عبده دنص ) بلطجي الحارة وهو يتغنى بالشرف بمقولته الشهيرة ( أحلى من الشرف مَفيش ).
نعم لا يوجد أحلى من الشرف ، ولكن دعونا نحدد أولاً عن أي شرف نتحدث ؟
التعليقات مغلقة.