من بعد الإقصاء.. الأردن يحول ذوي الإعاقة إلى ذوي حقوق كاملة
الاردن اليوم – قبل 16 عاما وضع الأردن قانونا يمنح الرعاية لكل شخص لديه تقصير أو اختلال في القدرات الجسمية أو العقلية أو النفسية يتسبب بإعاقته عن تنفيذ المهام الأساسية للحياة اليومية بشكل طبيعي ومستقل، لكن لم يترك الأردن هذا التشريع دون تطوير أو تحديث خلال هذه السنوات.
فالمساواة بين مكونات المجتمع هو الهدف الذي وضعه الأردن نصب عينيه دوما تشريعا وتطبيقا ومن ضمن هذه المكونات الأشخاص ذوو الإعاقة الذين نجح الأردن في نقلهم من حالة الإهمال والتهميش والتقوقع والحاجة للآخرين إلى مرحلة متقدمة وحضارية من التعامل معهم، وصولا إلى حق الترشح للمقاعد النيابية والبلدية والتعيين في مجالس الأمة والأعيان وفي الوزارات المختلفة، إضافة الى تلقي التعليم والحصول على عمل.
فبعد أن أقر المشرع الاردني القانون رقم 31 لسنة 2007 الخاص بذوي الإعاقة، عاد لتطوير هذا الجانب التشريعي وذلك بإقرار القانون رقم 20 لسنة 2017 للأشخاص ذوي الإعاقة الذي وضعه في إطار قانوني هام، والذي يهدف إلى تعزيز المساواة وحماية حقوق هذه الفئة وإدماجهم في المجتمع ومنحهم حقوقهم التي وصلت إلى حق الترشح للانتخابات البرلمانية.
وبهذا القانون شرّع الأردن المساواة لهذه الفئة وحماية حقوقهم كما بينها تعريف الإعاقة وهي الحق بالتعليم والعمل والوصول إلى المرافق والخدمات العامة والسعي لتوفير بيئة تعزز حياتهم الكريمة، كما يؤكد مختصون بذوي الإعاقة ومسؤولون بحقوق الإنسان تطرقوا الى التشريعات الناظمة لذوي الاحتياجات الخاصة.
المنسق العام الحكومي السابق لحقوق الإنسان ونائب سمو رئيس مجلس أمناء المجلس الأعلى لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة سابقا باسل الطراونة، أكد أن قانون حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة لعام 2017 جاء ملبيا للعديد من المطالبات الوطنية والدولية، خصوصا لاتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، وما ورد بالخطة الوطنية الشاملة لحقوق الإنسان التي صدرت عام 2016.
ولفت إلى ان الخطة الوطنية أفردت جزءا هاما لحقوق هؤلاء الأشخاص وأخذا بعين الاعتبار ما ورد من التزامات في الاستعراض الدوري الشامل لحقوق الإنسان “يو بي أر” في جنيف.
وقال، إن القانون جاء ليحمل المسؤولية لجميع المؤسسات الرسمية بتقديم الخدمات الفضلى للأشخاص ذوي الإعاقة، خاصة في الرعاية والتعليم الدامج والتعيينات في القطاعين العام والخاص ضمن نسبة حددها القانون الذي يعد من القوانين الإصلاحية الصادرة عام 2017.
وأوضح الطراونة، أن القانون يعرف الإعاقة بأنها “أي تقصير أو اختلال في القدرات الجسمية أو العقلية أو النفسية للفرد يعيقه عن تنفيذ المهام الأساسية للحياة اليومية بشكل طبيعي ومستقل”، ويشمل هذا التعريف مجموعة متنوعة من الإعاقات ويهدف إلى ضمان حماية حقوق الأفراد ذوي الإعاقة بغض النظر عن نوع أو درجة الإعاقة التي يعانون منها.
من جهتها، قالت رئيسة جمعية “أنا إنسان” لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة في الأردن، وعضو مجلس الأعيان الأردني آسيا ياغي، “في السابق كان هناك قانون رعاية يتعلق بذوي الإعاقة، ثم صدر قانون 31 لسنة 2007 بعد أن وقع الأردن على الاتفاقية الدولية وصادق عليها، حيث تم إنشاء مجلس أعلى لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة”.
وأكدت ياغي، أن العمل كان يجري على التوعية بحقوق ذوي الإعاقة والدفاع عن حقوقهم، حيث ساعد ذلك على فهم التشريعات، ومساعدة ذوي الإعاقة والنهوض بهم واجراء تعديلات إيجابية لحين صدر القانون.
وأشارت إلى أنه تم إلغاء القانون رقم 31 لسنة 2007 بعد صدور القانون رقم 20 لسنة 2017 الذي امتاز بأنه تشريع قوي يوفر الحقوق والحماية لذوي الإعاقة في التعليم والرعاية الصحية ومكان العمل، كخطوة إيجابية في سبيل الوصول إلى المساواة التامة التي هي حق لكل إنسان ذكرا كان أم أنثى.
وبينت أن التشريعات حاليا تمكنت من نقل ذوي الإعاقة من حالة الإهمال والتهميش والتقوقع والحاجة للآخرين إلى مرحلة متقدمة وحضارية من التعامل معهم، وصولا إلى حق الترشح للمقاعد النيابية والبلدية والتعيين في مجالس الأمة والأعيان وفي الوزارات المختلفة، إضافة الى تلقي التعليم والحصول على عمل.
بدورها، أوضحت الخبيرة في مجال حقوق الإنسان الدكتورة نهلا المومني، ان قانون حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة رقم 20 لسنة 2017 عكس فلسفة ومضامين اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة خاصة فيما يتعلق بتعريفهم وإقرار المبادئ التي ينص عليها القانون، أبرزها احترام حقوق هؤلاء الأشخاص وكرامتهم المتأصلة، وحرية اختيارهم وإشراكهم في رسم السياسات وعمليات صنع القرار الخاصة بهم.
وتابعت، إن هذا القانون يكرس التزامات ومسؤوليات واضحة على كل جهة ووزارة معنية فيما يتعلق بحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، في مجال الحق في الصحة والتعليم، الغذاء والدواء، او في مجال الحق في العمل والتنمية والتشغيل، ولم يستثن من ذلك وغيره الجهات المعنية بالعدالة وكذلك السياحة وغيرها، وكل هذا لمعرفة معرفة جوانب القصور بحق هذه الفئة من المجتمع إن وجدت وتحديد مواضع المسؤولية.
وقالت المومني، إن الأردن كان أول دولة عربية تصادق على اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، وتنفيذا للالتزامات الواردة بالاتفاقية قام باتخاذ الإجراءات التشريعية اللازمة ووضع مددا زمنية للتنفيذ، ما يعكس إرادة حقيقية وواضحة نحو تعزيز وحماية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة.
من جانبه، اكد المستشار الإعلامي للمجلس زياد المغربي، أن قانون حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة رقم (20) لسنة 2017 يعد أول قانون مناهض للتمييز ضد الأشخاص ذوي الإعاقة في المنطقة العربية، ويتميز بأنه وزع الأدوار الخاصة بالأشخاص ذوي الإعاقة على جميع الوزارات والمؤسسات كلا حسب دوره.
واشار الى أن القانون قدم تعريفا حقوقيا لكلمة “الإعاقة” وربط بين حالة الإعاقة في الجسد ومدى توفير وتهيئة بيئة للشخص ذي الإعاقة، معتبرا أن العوائق المادية والحواجز السلوكية هي التي تحول دون قيام الشخص بنشاطات الحياة الرئيسية، أو ممارسة أحد الحقوق، أو إحدى الحريات الأساسية باستقلال.
واضاف، إن القانون ألزم المؤسسات العامة بتضمين قضايا حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة في الاستراتيجيات والخطط والبرامج، وبما يكفل وصولهم الى كافة الخدمات والمرافق.
من جهته، يقول عمر الزبيدي وهو ذوي الإعاقة، إنه قبل إصدار القانون كانت تواجهنا عدة صعوبات وتحديات، مبينا أنه وبعد إصدار هذه القانون، تم إنصاف أصحاب هذه الفئة، مطالبا بتفعيل عدد من محاور القانون وإلزام أصحاب العمل بما ورد في نصوصه.
الى ذلك، قال الناطق الإعلامي في المجلس الأعلى لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، رأفت الزيتاوي، إن القانون حدد الجهات والمؤسسات المنوط بها الالتزام بحقوق هؤلاء الأشخاص وتمكينهم منها كوزارة العمل التي أصدرت نظاما خاصا لتشغيلهم، وألزمت أصحاب العمل بتوفير الترتيبات التيسيرية المعقولة التي تتيح لهم القيام بمهام الوظيفة، وإلزامهم بتشغيل نسبة تصل الى 4 بالمئة من عدد العاملين في مؤسساتهم وضمن الحق بالعمل اللائق.
واشار الزيتاوي الى ان من هذه المؤسسات مؤسسة التدريب المهني، المسؤولة عن تمكين الأشخاص ذوي الإعاقة للاستفادة من برامجها وتهيئة مرافقها ومواءمة مناهجها، لتمكينهم من الوصول لسوق العمل، وصندوق التنمية والتشغيل المسؤول عن تخصيص نسبة من القروض الميسرة لتمويل مشروعات تشغيلية لهم ولأسرهم.
واكد أن المجلس شكل لجنة تكافؤ الفرص لتلقي الشكاوى المتعلقة بالتمييز على أساس الإعاقة أو بسببها في مجال العمل، والتحقق منها وتسويتها مع الجهات المعنية، وإصدار التقارير الفنية المتعلقة بتوفير الترتيبات التيسيرية المعقولة في بيئة العمل بناء على طلب خطي من الأفراد، أو جهات العمل المعنية.
ويهدف قانون الأشخاص ذوي الإعاقة رقم 20 لعام 2017 إلى حماية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة وتوفير الفرص المناسبة لهم للمشاركة الكاملة والمتساوية في المجتمع و هو محطة هامة في تعزيز حقوقهم وضمان حصولهم على الدعم والخدمات اللازمة للعيش بكرامة والمشاركة بصورة فعالة في المجتمع.
وينص على أن تكون لدى هؤلاء الأشخاص الحقوق المتساوية والفرص المتكافئة مع الآخرين في جميع المجالات، وتوفير الخدمات الصحية والتعليمية والتأهيلية والتوظيفية والاجتماعية والثقافية والرياضية والترفيهية وغيرها، إضافة الى توفير وسائل النقل العامة وتهيئة المباني العامة والمنشآت والخدمات العامة بحيث تكون متاحة وملاءمة للاستخدام من قبل الأشخاص ذوي الإعاقة.
ويشير القانون إلى أن يجب على الجهات الحكومية والمؤسسات الخاصة توفير إجراءات وتسهيلات لتمكين الأشخاص ذوي الإعاقة من الوصول إلى الخدمات والفرص بدون تمييز أو عقبات، وتعزيز الوعي المجتمعي والتثقيف حول حقوقهم والتحديات التي يوجهونها، ويتعهد بحماية حقوق هؤلاء الأفراد ومساواتهم بالفرص والتعامل العادل في المجتمع.
(بترا)
التعليقات مغلقة.