هل يحاسب السائل؟ وينقلب السحر على الساحر

الاستعراض الدولي لحقوق الانسان

686


بصدور الحكم القضائي بالغرامة بقيمة 15 ألف دينار لكلا المدانين، وذلك من قبل الهيئة المختصة بقضايا الجرائم الإلكترونية لدى محكمة صلح جزاء عمان، في أول قضية نشر أخبار كاذبة عبر الفضاء الرقمي.  

وبعيد تعديل قانون الجرائم الإلكترونية مؤخرا، والذي شدد العقوبات على نشر الأخبار الكاذبة أو المعلومات التي تستهدف الامن والسلم المجتمعي عن طريق الشبكة المعلوماتية، خلافا لأحكام 15/أ من قانون الجرائم الإلكترونية. 

وقالت المحكمة: أنه وفي نهاية شهر أيلول الماضي وأثناء الدورية الإلكترونية شوهدت رسائل إلكترونية وتسجيل صوتي نشره أحد الأشخاص على تطبيق الواتساب بشأن هزات أرضية وزلازل، وعلى إثر ذلك نظم ضبط ومشاهدة من قبل وحدة مكافحة الجرائم الإلكترونية ليتبين أن المدانين قاما بالنشر عبر الشبكة المعلوماتية وبواسطة الهاتف الخلوي. 

الجرائم الإلكترونية؛  

 نصت المادة 15/أ من قانون الجرائم الإلكترونية رقم (17) لسنة 2023 على “يعاقب كل من قام قصدا بإرسال، أو إعادة إرسال، أو نشر بيانات، أو معلومات عن طريق الشبكة المعلوماتية، أو تقنية المعلومات، أو نظام المعلومات، أو الموقع الإلكتروني، أو منصات التواصل الاجتماعي تنطوي على أخبار كاذبة تستهدف الأمن الوطني والسلم المجتمعي، أو ذم أو قدح أو تحقير أي شخص بالحبس مدة لا تقل عن ثلاثة أشهر أو بغرامة لا تقل عن 5 آلاف دينار ولا تزيد عن 20 ألف دينار أو بكلتا هاتين العقوبتين”٠ 

وفسرت المحكمة إلى أنه و باستقراء المادة (15) يتضح أن تجريم الأخبار الكاذبة قائم على اسباب معينة يرجع فيها المشرع إلى عنصرين أساسيين، وهما التأثير السلبي على الأمن الوطني والسلم المجتمعي، والتجاوز لحدود ممارسة الحق المقرر بمقتضى أحكام القانون، وإن هذين العنصرين لا يؤثران على حرية الرأي والتعبير المكرس في المادة 19 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، وفي المادة 15 من الدستور الأردني. 

يذكر هنا أن هذه أول قضية إشاعة أخبار كاذبة، وتهديد الأمن الوطني والسلم المجتمعي يتم اللجوء فيها للقضاء لتطبيق نصوص قانون الجرائم الإلكترونية بتعديلاته الجديدة والتي أصبحت سارية المفعول في الأردن اعتبارا من 12 من شهر أيلول الماضي. والتي تصل عقوبتها إلى الحبس من 3 أشهر ل 3 سنوات أو بغرامة مالية من 5 آلاف دينار إلى 20 ألف دينار. 

تمحورت هذه الافعال المسندة لشخصيين المدانين حول نشرهما تسجيلا صوتيا باستخدام أحد التطبيقات يتعلق بحدوث زلزال ذي آثار تدميرية واسعة النطاق،  

وبعد اختتام التحقيقات واجراء المقتضيات القانونية تم إحالة القضية للسير فيها أمام محكمة صلح جزاء عمان.   

 يلقي الحكم السابق والقانون الذي يستند إليه بالنظر لماهيته وعقوبته بظلاله على أجواء الحريات الصحفية وحرية التعبير في الأردن، وهو يستعد في بداية العام المقبل 2024 لمناقشة توصيات الاستعراض الدوري الشامل لحقوق الإنسان. 

ومن ضمن التوصيات العامة. مدى التزام الأردن بتنفيذ التوصيات المتعلقة بحرية الرأي والتعبير والصحافة. 

يهدف الاستعراض الدوري الشامل لحقوق الإنسان إلى حث الدول على تعزيز حقوق الإنسان وحمايتها ودعمها وتوسيع نطاقها في كل بلد. يتم خلاله مراجعة سجلات حقوق الإنسان لجميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، بما في ذلك الأردن. 

 في الاستعراض السابق عام 2018، تلقى الأردن 226 توصية من الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، منها 16 توصية تتعلق بحرية الرأي والتعبير والصحافة.  

ووافق الأردن على تنفيذ جميع التوصيات ،بما في ذلك المتعلقة بحرية الصحافة، وحظيت “بالتأييد الحكومي” . 

وهي كما يأتي: 

  • استعراض قانون الصحافة والمطبوعات من أجل كفالة حرية التعبير كفالة تامة. 
  • مواصلة سياسة الحفاظ على جو من التسامح واحترام التنوع الديني. 
  • التأكد من أن جميع عمليات مراقبة الاتصالات تجري في إطار احترام الحق في الخصوصية والامتثال لالتزامات الأردن المتعلقة بحقوق الانسان. 
  • تعزيز الحوار مع منظمات المجتمع المدني والمدافعين عن حقوق الإنسان وغيرهم من أصحاب المصلحة المعنيين من أجل إصلاح التشريعات الحالية المتعلقة بحرية التعبير. 
  • التأكد من أن جميع التشريعات المحلية متوافقة مع العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، خاصة ما يتعلق بحرية التعبير. 
  • ضمان تهيئة بيئة آمنة ومواتية للصحفيين والعاملين في وسائط الإعلام وضمان حرية وسائط الإعلام والحيز المتاح للمجتمع المدني الذي يجعله في مأمن من التدخل والتهديدات والتخويف. 

في متابعة لمدى التوصيات السالفة الذكر، يؤكد الأردن إلى انه نفذ جميع التوصيات المتعلقة بحرية الصحافة والتعبير، فيما يرى متخصصون ان هناك العديد من المجالات التي يمكن للأردن ان يحسن منها في مجال حرية الصحافة. 

يعتقد المجتمع المدني ان قانون المطبوعات والنشر لايزال يضع قيودا على حرية الصحافة ويمكن مقاضاة الصحفيين على اساس مزاعم بالتشهير، حتى لو كانت هذه الادعاءات غير صحيحه. 

كما يمكن للأردن بحسب نشطاء ومتخصصين التطوير على محور الاستقلالية المالية للصحافة بإنشاء صحافة مستقلة، تحرر الصحفيين من تحديات الحصول على التمويل المستقل، والضغوط التي تمارس عليهم من قبل اصحاب المصلحة في السياسة، والاعلام، وسوق الاعلان التجاري. 

على صعيد البيئة الآمنة لصحفيين يمكن للأردن الحد مما يتعرض له الصحفيون من اي تهديدات او مضايقات بالاعتقال او الملاحقة القانونية بسبب عملهم. 

يوصي المجتمع المدني الحكومة الاردنية باتخاذ خطوات لتعزيز حرية الصحافة من أبرزها: 

تعديل القوانين الناظمة للحياة السياسية والحريات بشكل عام وتعزيز تمويل الصحافة المستقلة من خلال تقديم الدعم المالي لصحفيين المستقلين، او انشاء قنوات تمويل شفافة جديده للصحافة المستقلة، ما يمكنها من تطوير نفسها ومصادرها، وتفادي الضغوط التجارية والسياسية. 

يدعو النشطاء والمجتمع المدني والحقوقي، الى ضمان سلامة الصحفيين، وحمايتهم من المضايقات والتهديدات التي يتعرضون لها، واتخاذ إجراء عادلة وحاسمة ضد المسؤولين عن اي انتهاك بحقهم. 

على بعد اسابيع من موعد مناقشة الاستعراض الدولي الشامل، في مجلس حقوق الانسان، التابع لهيئة الامم المتحدة في جنيڤ يناير المقبل،  

يبدو الاردن متمكنا نسبيا من تنفيذ وتأييد هم التوصيات ومتوافقا مع المجتمع المدني لديه في كثيرا منها، في يستعد لتوصيات جديده . 

لكنه هذه المرة بصوت اعلى وموقف اقوى في مواجهة الضغوطات الدولية التي يمارسها الغرب بزعم الديمقراطية وحقوق الانسان، وحماية الحريات العامة والتعبير، والانتصار لضعفاء، والمهمشين، والنساء، والاطفال. 

وهو ما اظهر عكسه مؤخرا من سقوط مدو لإعلامه المنحاز ومنظومة حقوق الانسان المزعومة، عند الحديث عن العدوان والحرب على غزة وفلسطين وحقوق المواطن العربي وغير الغربي إذا صح التعبير. 

ولعلها تكون بداية لمحاسبة الغرب وأنظمته عن دعمه للكيان الصهيوني المحتل و دويلته الخارجة عن القوانين والمواثيق الدولية. 

ومسائلته عما يزعم من اخلاق وديمقراطية وحقوق الانسان ومخالفته اياها بازدواجية معايير التطبيق تارة، وبالانحياز تارة اخرى، وبالدعم الأعمى منقطع النظير لانتهاكات ما روج له من منظومه عالميه للالتزام ومعاقبة من لا يلتزم بتنفيذ ابسط المخالفات. 

 

بقلم : سائدة احمد اعلامية وناشطة حقوقية

مجموعة  UPR

التعليقات مغلقة.