شجاعة الملكة
شجاعة الملوك أمر لا يستغرب فهي في التاريخ معروفة فضلا عن تاريخ ملوك الاردن، لكن ما يثير الدهشة شجاعة الملكة رانيا بموقفها من حرب غزة، ومع أن هذا الامر لا يستغرب على عربية حرّة الا أن لمقام الملك حكاية أخرى فهو يتعدى حدود الشخص الى سعة الوطن، بكل تفاصيله واقصد هنا الخوف على الوطن وفق حسابات دقيقه في ظل ما يمر به الاردن من استهداف حقيقي على مستوى الوجود والسياده وهذا ما اشار اليه جلالة الملك عبد الله الثاني بقوله : ان مسألة تهجير الشعب الفلسطيني الى الاردن هي خط أحمر وترقى الى اعلان حرب.
في ظل هذه الاحداث الحرجة والحسابات المعقده تقول الملكة وبكل شجاعة . أن تعامل العالم بمكيالين أفقده مصداقيته بالتعامل مع قضية غزه، وان المنظمات الدوليه المدافعة عن حقوق الانسان فقدت مهنيتها واشارت الى الصمت الهالمي السلبي تجاه قضية غزه بقولها: ((عندما حدث الـ7 من تشرين أول، العالم وقف فورا ودون أي تردد إلى جانب إسرائيل وحقها في الدفاع عن نفسها، وأدان الهجمات التي حدثت. لكن ما رأيناه في الأسابيع الماضية هو صمت العالم. توقفت الدول فقط عن التعبير عن قلقها، أو الاعتراف بالضحايا، بل مع مقدمة دائمة تعلن عن دعم إسرائيل. فهل نفهم من ذلك أنه من الخطأ قتل عائلة كاملة بالرصاص، لكنه من الجائز قصفهم حتى الموت؟))
واشارت بوضوح الى أن العنف الموجود في الساحة الفلسطينيه ليس مبدؤه احداث السابع من اكتوبر بل هو قديم قدم الاحتلال والتنكيل بالمدنيين وعدم احترام اسرائيل لكل المواثيق الدوليه والاتفاقيات الناظمة لحقوق الانسان تقول الملكة الشجاعة (أريد فقط أن أوضح أن هذا النزاع لم يبدأ في السابع من تشرين أول، على الرغم من أنه يتم تصويره كذلك. تعلمين، تغطي معظم الشبكات الخبر تحت عنوان “إسرائيل في حالة حرب” ولكن بالنسبة للعديد من الفلسطينيين من الجانب الآخر من جدار الفصل، الحرب لم تغادر أبدا).
وهذا الموقف الشجاع بتوصيف الحالة للعالم -باللسان الذي يفهمه- كما هي في الواقع -لا كما يعكسها الاعلام الاسرائيلي- عرض الملكه للاتهامات من اللوبي الصهيوني بمعادات السامية وسارت اقلام الشر بالتحشيد ضد شخص الملكة ومقامها، فما أهما ذلك واعلنت بكل شجاعة حقيقة الصراع بقولها:
(لذا هذه خلفية الصراع، هناك تركيز مفرط على حماس الآن بسبب ما حدث في الأسابيع القليلة الماضية، لكن هذه مسألة تسبق حماس بكثير وستستمر بعد حماس. هذا قتال من أجل الحرية والعدالة، وهذا ما يجب سماعه).
وتنطلق الملكة باللسان الشجاع بسؤالها الانكاري؟ :(لماذا عندما ترتكب إسرائيل هذه الأعمال الوحشية يأتي ذلك تحت غطاء الدفاع عن النفس، لكن عندما يكون هناك عنف من قبل الفلسطينيين يسمى فورا “إرهابا”؟ هل كلمة “إرهابي” مخصصة حصريا للمسلمين والعرب؟ هناك معايير مزدوجة حقيقية هنا. نرى تماثلا خاطئا هنا. نعم تماثل مغلوط لأن الطرفين في هذا النزاع ليسا متساويين، واحد هو المحتل والآخر يتم احتلاله. واحد يمتلك جيشا من أعتى جيوش العالم، والآخر ليس لديه جيش أبدا، لذا يتم رسم تماثل مغلوط)
وتوجه الملكة الشجاعة النقد لسيد البيت الابيض بتبنيه الرواية الاسرائيلية بقولها: (عندما يتم إخبار رئيس الولايات المتحدة أنه رأى أدلة على قطع رؤوس الأطفال، لكنه يتراجع لأن الجيش الإسرائيلي قال إنه لا يوجد دليل على ذلك، هذا هو التحيز التأكيدي).
ولا تجامل على دماء غزة حتى وسيلة الاعلام المستضيفة فتقولها بكل وضوح : (حتى على شبكتكم يا كريستيان، فإن موقع CNN الإلكتروني في بداية الحدث نشر عنوانا رئيسيا: “أطفال إسرائيليون تم العثور عليهم مذبوحين في كابوت إسرائيلي”، وعند قراءة بقية الخبر، فإنه لم يتم التحقق منه بشكل مستقل. الآن سؤالي لك، هل كنتم لتنشروا مثل هذا الادعاء المدين من غير التحقق لو كان من قبل فلسطيني؟ )
ملكة عربية الوجه واللسان ، هاشمية الولاء، اردنية الهوية والانتماء، ألمعية الذكاء، شجاعة المواقف تستحق كل تقدير واعتزاز.
شكرا جلالة الملكة الشجاعة
د عماد زغول
تسجيل الدخول
تسجيل الدخول
استعادة كلمة المرور الخاصة بك.
كلمة المرور سترسل إليك بالبريد الإلكتروني.
التعليقات مغلقة.