الأردنيّون يحيون اليوم الذكرى 56 لمعركة الكرامة
في ذكرى معركة الكرامة التي تصادف اليوم الخميس، يجمع القاصي والداني على أنها تُمثّل نقطة تحول في تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي، أحرز فيها الجيش العربي النصر الأول على الجيش الإسرائيلي الذي وصف بأنه “لا يقهر” فقهرته الإرادة الأردنية في أغوار الكرامة وباءت مقاصده الخبيثة بالهزيمة والفشل.
فقد جسّدت معركة الكرامة معاني البطولة والشجاعة التي تحلّت بها القيادة الهاشمية والقوات المسلحة الأردنية- الجيش العربي، فكانت نتيجتها هزيمة نكراء لحقت بالجيش الإسرائيلي وانسحابه من أرض المعركة، بعد أن بلغت خسائره نحو 250 قتيلاً و450 جريحاً، بالإضافة إلى تدمير عدد كبير من آلياته ومعداته مقابل 86 شهيداً من منتسبي الجيش العربي البواسل وإصابة 108 آخرين.
خبراء قالوا إن انتصار الجيش العربي في معركة الكرامة رمّم الروح المعنوية العربية بعد هزيمة حزيران 1967 وأظهر بجلاء القدرة القتالية النادرة التي يتمتع بها الجندي الأردني، مشيرين الى أن أهمية هذه المعركة تكمن في أنها أعادت الثقة للنفس العربية المنكسرة بعد أن حطم الجيش العربي أسطورة “الجيش الذي لا يقهر” وأثبت أن إرادة القتال والصمود وحسن إدارة المعركة بقيادة الملك القائد الحسين بن طلال طيب الله ثراه، أقوى من كل الأسلحة.
الخبير العسكري العميد الركن المتقاعد أيمن الروسان، قال، إن هي أروع بطولة وأغلى انتصار سطره نشامى الجيش العربي بقيادة مليكه الراحل الملك الحسين طيب الله ثراه، مشيرا الى أن العدو حشد قبل أيام من المعركة قواته لاحتلال المرتفعات القريبة من العاصمة عمان لفرض شروط الاستسلام وقضم أجزاء من الأردن للأراضي المحتلة إلا أن الجيش العربي الباسل أفشل مخططات العدو وأثبت قدرته على القتال وتحقيق النصر.
وأشار إلى أن مجريات معركة الكرامة بدأت عند الخامسة والنصف من صبيحة يوم الخميس 21 آذار 1968، حيث شنت إسرائيل هجوماً عسكريا مفاجئاً على الأراضي الأردنية، واستمر لست عشرة ساعة في قتال مرير على طول الجبهة، وكان الهجوم الإسرائيلي على الأردن على أربعة محاور هي: محور العارضة من جسر الأمير محمد (داميا) إلى مثلث المصري انتهاء إلى السلط، والثاني محور وادي شعيب من جسر الملك حسين (اللنبي سابقاً) إلى الشونة الجنوبية إلى الطريق الرئيسي بجانب وادي شعيب ثم إلى السلط، والثالث محور سويمة من جسر الأمير عبدالله إلى غور الرامة إلى ناعور وصولاً إلى عمان، وأما المحور الرابع فهو محور غور الصافي من جنوب البحر الميت إلى غور الصافي وصولاً إلى الطريق الرئيسي حتى الكرك.
لقد كانت القوات المسلحة الأردنية لهم بالمرصاد؛ وقدم الجيش العربي أروع صور البطولة في الدفاع عن حمى الوطن العزيز حيث اضطر العدو ولأول مرة في تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي الى طلب وقف إطلاق النار، ولكن جلالة الملك الحسين بن طلال طيب الله ثراه رفض الطلب طالما أن هناك جندياً إسرائيليا واحداً شرقي النهر، فانسحبت القوات المعادية صاغرة وأثبتت معركة الكرامة أن النصر العسكري على جيش الاحتلال ليس مستحيلا وأن إرادة القتال والصمود أقوى من كل الأسلحة.
واكد الروسان أن صمود الجيش العربي في معركة الكرامة كان منعطفا هاما في حياة الأمة العربية تحطمت على صخرته أسطورة الجيش الذي لا يقهر، مشيرا الى أن المعركة كلفت العدو 250 قتيلا و 450 جريحاً، بالإضافة التي تدمير عدد كبير من الآليات والمعدات التي ترك بعضها على أرض المعركة، بينما قدم الجيش العربي 86 شهيداً و 108 جرحى.
وكيل أول متقاعد سليمان غوينم الأزايدة قال، في معركة الكرامة سطر بواسل الجيش العربي سجل المجد وكتاب الخالدين وأنصع البطولات وأجمل الانتصارات على ثرى الأردن الطهور، وظلت أرواح الشهداء ترفرف في فضاء الأردن، فوق سهوله وهضابه وغوره وجباله، وتسلم على المرابطين فوق ثراه الطهور، ويتفتح دحنون غور الكرامة على نجيع دمهم الزكي، وتسري في العروق رعشة الفرح بالنصر ونشوة الافتخار بالجيش العربي الهاشمي.
وأشار الى جنود الكرامة التحموا بالسلاح الأبيض مع الجيش الإسرائيلي في قتال شرس، وكانت النتيجة كما أرادها القائد الحسين بن طلال طيب الله ثراه حين أجبر بواسل الجيش العربي بإرادتهم القتالية العالية العدو الإسرائيلي على الانسحاب الكامل من أرض المعركة ولأول مرة تاركين وراءهم خسائرهم، وقتلاهم دون أن يتمكنوا من سحبها معهم.
المؤرخ والباحث الدكتور بكر خازر المجالي قال:”مضى الآن 56 عاما على معركة الكرامة، ذلك الانتصار الباهر لجيشنا العربي، مشيرا الى أن 23 وحدة عسكرية من جيشنا العربي تصدت للعدوان على طول 100 كيلومتر وبعمق 30 كيلومترا منذ فجر 21 آذار 1968 وحتى انتهاء المعركة فيما جند العدو في هجومه قوات تعادل تلك خاض بها حرب حزيران 1967.
وأضاف، كان لرفض القيادة الأردنية عروض الحلول التي قدمتها إسرائيل للأردن دورا رئيسا في رفع معنويات وثقة الجيش وإالإصرار على مواجهة القادم بالاستعداد للتضحية حتى يتحقق النصر خاصة وأن الجندي الأردني كان يتطلع
للقاء العدو للثأر من أجل القدس وهم ينظرون في كل يوم إلى تلال فلسطين قبالة أعينهم، ويتوضأون بهواء القدس.
في ذاك اليوم نسج الجند ثوب النصر، وغنت المدافع وزغردت البنادق، وكانت الهجيني سيدة النداءات على أجهزة الاتصال الداخلي للدبابات في حداء خلع ثوب الهزيمة الأسود، والتفع الجند بشماغ الأصالة.. هذه معركة الكرامة التي كانت أول طلقة مدفع من جيشنا هي أول حرف للنصر وأول مسمار في نعش الغطرسة والغرور الإسرائيلي، وفقا للمجالي.
وفي العيد الأربعين لمعركة الكرامة عام 2008 كان لجلالة الملك عبدالله الثاني خطاب في ميدان المعركة قال فيه :”في هذا المكان، وقبل أربعين عاما قاتل النشامى الأردنيون بشرف للدفاع عن ثرى الأردن، وبالرغم من تفوق العدو في العدد والسلاح والإمكانيات، تمكن أبناء هذا الجيش من تحقيق النصر الذي أذهل العدو، وأجبره على الاعتراف بالهزيمة ولأول مرة في تاريخه”.
ولفت المجالي إلى أن كلمات الملك الحسين بن طلال طيب الله ثراه في حفل إزاحة الستار عن صرح شهداء الكرامة يوم 25 أيار 1976 ما تزال تشنف الآذان، وتهز المشاعر بصوت الكبرياء والفخر، وهو يقول “وعندما انتصف النهار في ذلك اليوم كان الصلف قد تحول إلى مذلة، والغرور قد استحال إلى هوان، وكان النشامى قد نشروا رايات الفرح في سماء الأردن، ولاحت الرايات تتسع وتمتد لتنتشر في سماء العرب، وهزمت الأسطورة وهوت إلى الأبد، واستعادت النفس العربية ثقتها، واسترد الإنسان الأردني عزته وكرامته”
التعليقات مغلقة.