* عندما يكون التحريض .. !*
يخبرنا التاريخ الحديث أن مفهوم الدولة يرتبط ارتباطاً حقيقياً برجالاتها ، وأن رجل الدولة لا يمكننا أن نراه بين ركام السياسيين الذين لا خبرة لهم في إدارة شؤون المشهد والمجتمعات.
في نهاية عام ١٩٧٨ قال وزير الدولة البريطاني للشؤون الخارجية السير Harold Anthony Nutting : عندما كان هيكل قريباً من القمة كان الكُل يهتم بما يعرفه ،،، وعندما ابتعد عنها تحول اهتمام الجميع الى معرفة ما يفكر به
و معروف أنه في ظل احتدام الأزمات كان النقد ما زال سمة أساسية في كتابات مثقفين ونصائح رجالات دولة ومسؤولين سابقين ! لكن التدقيق في ماهية هذا النقد يُشير الى فرق رئيسي بين من ينتقدون الدولة خوفا عليها ، وبين من يعادونها ويسعون إلى نقضها.
بالتأكيد لسنا وحدنا نقول ذلك ! فهنالك أشياء كثيرة حدثت من حولنا باتت تستعصي على الفهم داخل المشهد نقف حيالها حائرين لا نجد تفسيراً منطقياً لها ؟ لكن السؤال الذي يطرح نفسه هو : اين القيادات المؤثرة للرأي العام التي تقود الناس إلى سلامة الرأي والموقف ؟
نعم،،،، الواقع الأردني زاخر بالمتناقضات والمفارقات وحملات التقسيط والتشويه ! فحالة الصمت التي دخلنا بها منذ أشهر لا تُجسد حالة خوف فقط ، بل ما هو أعمق وأبعد تداعيات من الخوف ! والمُصيبة الكبرى أن خوفنا لا يمسِكُ بملامح المرحلة المقبلة التي هي في علم الغيب
يبدو أننا بحاجة إلى الدراما لايقاظ الضمير ! فهناك من يريد تفصيل المشهد وخلط الأوراق والألوان لجعل المشكلة تتركز في جزئيات ليست هي الأساس،،، وثمة سابقة لا تأتي دون سابقاتها في شيء ! فالكتابات التي حرضت على رجالات الدولة السابقين تُعبّر عن ما لا نستطيع إدراكه ! ومن يدقق في العبارات سيجد أنها ليست سوى جزء من خلفية المشهد ! وللأسف بعض اللذين تم التحريض عليهم هم رجال دولة مخلصين للأردن والملك ، صادقين في أخلاصهم ، وارتباطهم بالأردن عقيدة راسخة في ضمائرهم ، ولديهم القدرة على الاستشعار وعلى صياغة الاسئلة ونوعيتها ، وخوفهم يدفعهم الى نقل الحقيقة كما هي حتى ولو كانت صعبة ومزعجة.
أما الذين قاموا بإصدار صكوك الوطنية والولاء ،، فـ غالبيتهم لا يجيدون سوى دق الأسافين والاوتاد بنوايا غير برئية ! ويتقنون أساليب الاصطياد في الماء العكر ! فقد أعتادوا على ترويج الباطل حتى صدقوه.
هؤلاء دون غيرهم المصرون على الحديث في وقت ليس المطلوب منهم إلا الصمت ،،، و هم الذين لم يستطيعوا يوماً إنتاج فكر محلي يستوحي ما هو محلي ! والمصيبة الكبرى أن منهم من يعتقد أنه أصبح يمتلك كل القدرات لتجده محللاً ومصدراً ومؤثراً ؛ يستيقظ ويصبح عرافاً ! وفي الظهيرة ليس أكثر من صبي ، وفي المساء يتحول إلى قارئة فنجان !
صعب جداً التسليم منطقياً بما صدر منهم ! وأنا لست متفاجئاً فالسياسة لا تنفع من دون منافقين فهم جزء رئيسي من الديكور،،،، و النكتة أحياناً لا تكون موجعة ! لكن اذا جاز لي أن أضع عنواناً آخر لمقالي هذا فهو : القصة مش رمانة أنما القلوب مليانة ،،،،،، هذه هي مأساتنا،،، فما بين الصمت والضجيج ثمة تفاهات تظهر ؛ وما بين الجعجعة والطحن ثمة أهداف تُضمر.
لنرجع إلى العقل وننتبه إلى الاردن ،، فعندما تفسد الكلمات يفسد معها كل شيء !!
التعليقات مغلقة.