خطاب جلالة الملك في ” الأمم المتحدة ” انتصاراً لعدالة القضية الفلسطينية وتحريك المجتمع الدولي
ميساء أحمد المواجدة
أخذ خطاب جلالة الملك عبد الله الثاني ابن الحسين في الجلسة الافتتاحية لاجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة بدورتها التاسعة والسبعين، اهتمام وسائل الإعلام العربية والأجنبية.
فجلالة الملك عبدالله الثاني- سلّط الضوء كما هو عهده في كل محفل دولي- تجاه القضية باعتبارها القضية المركزية في الشرق الأوسط، وضرورة إنهاء الصراع الفلسطيني الإسرائيلي وجوهره حل الدولتين بصفته السبيل الوحيد نحو السلام الشامل والدائم.
خطاب جلالته شكّل دعوة واضحة إلى إنهاء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، ولإتخاذ موقف واضح من قبل الأمم المتحدة.
وركّز جلالته في خطابه على الحقوق الفلسطينية وأهمية حماية الفلسطينيين عبر ضمان استمرار انخراطهم في المدارس التي ترفع راية الأمم المتحدة.
الدور الأردني والدبلوماسية الأردنية في هيئة الأمم المتحدة بمختلف منظماتها وأجهزتها نموذج للعمل العربي الداعم للقضايا المصيرية وفي مقدمتها ملف القضية الفلسطينية وحق الشعب الفلسطيني التاريخي والشرعي في أرضه ومقدساته وإقامة دولته المستقلة على حدود الرابع من حزيران (يونيو) وعاصمتها القدس.
خطاب جلالة الملك دليل على عالمية وخصوصية الخطاب الهاشمي ومحوريته في بناء أي إستراتيجية دولية لمواجهة التحديات الأبرز في السياسة الدولية، والتي أشار إليها الخطاب الملكي بشفافية وموضوعية مباشرة، بهدف وضع قادة العالم والرأي العام الدولي أمام الأعراض المقلقة التي تسود مستقبل الإنسانية، وهي القضية الفلسطينية.
خطاب جلالته جمع بين متطلبات الأمن الوطني الأردني والمحيط الملتهب من صراعات وبين متطلبات الأمن العالمي التي تتصل بالسلام والتنمية وتمكين الأجيال والشعوب. فهذا التشخيص الملكي الدبلوماسي الدقيق للواقع العالمي يأتي في سياق مناداة جلالته بالعلاج اللازم والوحيد وهو إعادة بناء الثقة والتضامن العالمي انطلاقاً من الشرعية الدولية وقراراتها المجمع عليها.
ولأن القضية الفلسطينية ركيزة أساسية في الموقف الأردني ودائمة الحضور في الخطاب والرسالة العالمية الموجهة باستمرار من القيادة الهاشمية للعالم في كافة المحافل، فقد حظيت بتركيز واضح من جلالة الملك في خطابه التاريخي الذي نبه فيه قادة العالم إلى أن تأخر تفعيل دبلوماسية السلام أشعل دوامة من العنف في المنطقة، حيث تظهر جميع المؤشرات الحالية اتساع رقعتها.
جلالته اكد أن عقيدة الثقة الإنسانية بالأمم المتحدة، يقترن حدوثها بدور الأمم المتحدة في تطبيق قراراتها الساعية نحو ضرورة إلزام إسرائيل بوقف الحرب المستعرة على قطاع غزة. وكذلك التوقف فوراً عن أنشطة التأزيم، وفي مقدمتها الاستيطان وتدمير البيوت والاعتداء على الأحياء والبلدات والمقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس، بوصف هذه المدينة المقدسة كما يؤكد جلالته “بؤرة القلق والاهتمام الدولي”، فحقوق اللاجئين ومستقبل الشباب الفلسطيني والاستقرار القائم على حل الدولتين بما في ذلك إقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس هي بمجملها دعائم السلام الأساسية.
الثقة العالمية بحكمة الخطاب الهاشمي ومشروعية وعالمية منطلقاته ومضامينه، جعلت منه نداء عالمياً يستحق الإنصات والتقدير، خصوصا وأن الخطاب الملكي حمل عناوين بارزة هي حل الدولتين، وغياب الشفافية الدولية تجاه الحقوق الفلسطينية، والحاجة الطارئة لايصال المساعدات الإنسانية لأهالي قطاع غزة.
جلالة الملك وكما عودنا دائماً، هو المدافع الأول عن القضية الفلسطينية وحقوق الشعب الفلسطيني على الأراضي الفلسطينية واللاجئين الفلسطينيين أينما وجدوا وفي كافة المحافل العربية والدولية.
كان واضحاً من خطاب جلالته في الجمعية العامة للأمم المتحدة قلقه على أوضاع الفلسطينيين وتأكيده على ضرورة تحمل المجتمع الدولي مسؤوليته تجاههم، وحرص جلالته على المقدسات الإسلامية والمسيحية في الأراضي الفلسطينية من خلال الوصاية الهاشمية، مثلما أكد جلالته على ضرورة دعم الأونروا كونها المظلة الرئيسة للاجئين الفلسطينيين، وبما يساعدها على الوفاء بالتزاماتها وتفويضها الأممي تجاه ملايين الفلسطينيين.
لقد بعث جلالة الملك برسالة واضحة إلى المجتمع الدولي انطوت على أبعاد قانونية وسياسية وأخلاقية وقيمية خاصة بملف القضية الفلسطينية، وضعت العدالة الدولية على المحك في ظل الضبابية التي تغلف ملف الصراع الفلسطيني الإسرائيلي على وقع استمرار الظلم وإقامة المستوطنات ومصادرة الأراضي وهدم البيوت وتدميرها.
جلالة الملك، وضع المجتمع الدولي أمام مسؤولياته تجاه ملف القضية الفلسطينية، وهو ما يتطلب اليوم أهمية إعادة بناء الثقة بالعمل الدولي الذي بات محل تساؤل وشك في ظل تعاطيه غير العادل مع هذا الملف، وهو بات يمثل أكبر تحد واختبار لمصداقية المنظومة الدولية التي باتت رهينة الانتقائية والمعايير المزدوجة في تعاملها مع التحديات والأزمات المختلفة التي تشهدها، ما يؤشر إلى غياب المعايير الدولية العادلة والموحدة، بصورة أسهمت في استمرار معاناة الشعب الفلسطيني.
جلالة الملك أعاد التأكيد في خطابه على الموقف الأردني الثابت والداعم لحق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته على الأراضي التي احتلت عام 1967 وعاصمتها القدس، باعتبار أن ذلك موقف ثابت.
جلالة الملك أوصل رسالة لأكبر تجمع دولي، كي يعيد العالم التركيز على القضية الفلسطينية باعتبارها جوهر الصراع في منطقة الشرق الأوسط المستمر، منذ أكثر من سبعة عقود، وأن تجاهل حلها سيؤدي إلى اشتعال النار، مشيرا جلالته الى أن هذا العام كان الأكثر عنفا ودموية بالنسبة للفلسطينيين خلال السنوات الماضية، خصوصاً مع استهداف الأطفال والنساء والصحفيين والعاملين في مجال الإغاثة.
التعليقات مغلقة.