جلالة القائد الأعلى … مسيرة مباركة من العطاء والإنجاز

112

الأردن اليوم – تحتفل الأسرة الأردنية اليوم الثلاثاء الموافق الثلاثين من كانون الثاني، بالعيد السادس والخمسين لميلاد جلالة الملك عبدالله الثاني القائد الأعلى للقوات المسلحة الأردنية، الحفيد الحادي والأربعين للنبي محمد عليه الصلاة والسلام، والابن الأكبر لجلالة الملك الحسين بن طلال طيب الله ثراه، وصاحبة السمو الملكي الأميرة منى الحسين.

إن منتسبي القوات المسلحة – الجيش العربي، وهم يحتفلون بميلاد قائدهم الأعلى ورائد مسيرتهم، يجددون عهدهم الدائم على تمسكهم بمبادئهم النبيلة، التي قامت عليها الثورة العربية الكبرى ويباركون لرفيق الدرب والمسيرة ويتمنون لجلالته موفور الصحة والعافية. إن هذه المناسبة العزيزة هي محطة للاعتزاز بالمنجزات، والتطلع لغد حافل وهي محطة للاستذكار، ففي صبيحة يوم الثلاثاء الرابع والعشرين من شعبان سنة 1381 هجرية الموافق للثلاثين من كانون الثاني 1962 ميلادية، ولد جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين في عمان وهو الابن الأكبر للمغفور له جلالة الملك الحسين بن طلال طيب الله ثراه والأميرة منى الحسين.

وفي الحادي والثلاثين من عام 1962 صدرت الإرادة الملكية السامية بتسمية الأمير عبدالله ولياً للعهد، وبعد ذلك مرت مسيرة جلالة الملك بمراحل عديدة دراسية وعملية.

ومنذ تولي جلالته العرش وهو يستهدي بنهج والده الملك الحسين، طيب الله ثراه، ففي خطابه الذي وجهه إلى شعبه الأردني في الرابع من شباط العام 1962، قال المغفور له جلالة الملك الحسين: “لقد كان من مَنْ الباري جل وعلا، ومن فضله علي، وهو الرحمن الرحيم أن وهبني عبدالله، قبل بضعة أيام، وإذ كانت عين الوالد في نفسي، قد قرت بهبة الله وأعطية السماء؛ فإن ما أستشعره من سعادة وما أحس به من هناء لا يرد، إلا أن عضواً جديداً قد ولد لأسرتي الأردنية، وابناً جديداً قد جاء لأمتي العربية”.

وقال الراحل الحسين، في خطابه، “مثلما أنني نذرت نفسي، منذ البداية، لعزة هذه الأسرة ومجد تلك الأمة كذلك فإني قد نذرت عبد الله لأسرته الكبيرة، ووهبت حياته لأمته المجيدة. ولسوف يكبر عبدالله ويترعرع، في صفوفكم وبين إخوته وأخواته، من أبنائكم وبناتكم، وحين يشتد به العود ويقوى له الساعد، سيذكر ذلك اللقاء الخالد الذي لقي به كل واحد منكم بشرى مولده، وسيذكر تلك البهجة العميقة، التي شاءت محبتكم ووفاؤكم إلا أن تفجر أنهارها، في كل قلب من قلوبكم، وعندها سيعرف عبدالله كيف يكون كأبيه، الخادم المخلص لهذه الأسرة، والجندي الأمين، في جيش العروبة” .

بدأت رحلة جلالة الملك التعليمية من الكلية العلمية الإسلامية في عمان عام 1966م، وانتقل في المرحلة الإعدادية والثانوية، إلى مدرسة سانت أدموند في ساري بإنجلترا، ومن ثم ليلتحق بعدها بمدرسة إيجلبروك تبعها بعد ذلك باستكمال دراسته في أكاديمية دير فيلد في الولايات المتحدة الأميركية.

ونشأ جلالته عسكرياً محترفاً، حيث تدرج في المواقع العسكرية، في القوات المسلحة الأردنية – الجيش العربي، من رتبة ملازم أول، بدأها كقائد فصيل ومساعد قائد سرية في اللواء المدرع الأربعين، وفي عام 1985 التحق بدورة ضباط الدروع المتقدمة في فورت نوكس بولاية كنتاكي في الولايات المتحدة الأميركية، ليعود بعدها قائداً لسرية دبابات في اللواء المدرع 91 برتبة نقيب في العام 1986، كما خدم في جناح الطائرات العمودية المضادة للدبابات في سلاح الجو الملكي الأردني كطيار مقاتل على طائرات الكوبرا العمودية، وهو مظلي مؤهل في القفز الحر.

وكانت لجلالته عودة إلى الدراسة الأكاديمية العليا في العام 1987، حيث التحق بكلية الخدمة الخارجية في جامعة جورج تاون في واشنطن، وأتم برنامج بحث ودراسة متقدمة في الشؤون الدولية ضمن برنامج (الماجستير في شؤون الخدمة الخارجية) المنظم تحت إطار مشروع الزمالة للقياديين في منتصف مرحلة الحياة المهنية.

وعاد جلالته ليستأنف خدمته العسكرية بين إخوانه في الجيش العربي، إذ عمل كمساعد قائد سرية في كتيبة الدبابات الملكية 17 في الفترة بين كانون الثاني 1989 وتشرين الأول 1989، ومساعد قائد كتيبة في الكتيبة ذاتها من تشرين الأول 1989 وحتى كانون الثاني 1991، وبعدها تم ترفيع جلالته إلى رتبة رائد، وخدم كممثل لسلاح الدروع في مكتب المفتش العام في القيادة العامة للقوات المسلحة الأردنية.

وقاد جلالة الملك عبدالله الثاني كتيبة المدرعات الملكية الثانية في عام 1992، وفي عام 1993 أصبح برتبة عقيد في قيادة اللواء المدرع الأربعين، ومن ثم مساعداً لقائد القوات الخاصة الملكية الأردنية، ثم قائداً لها عام 1994 برتبة عميد، وأعاد تنظيم القوات الخاصة في عام 1996 لتتشكل من وحدات مختارة لتكوّن قيادة العمليات الخاصة، ورقي جلالته إلى رتبة لواء عام 1998.

ويتطلع نشامى ونشميات الجيش العربي مع أبناء وبنات الأسرة الأردنية الواحدة في هذه المناسبة، إلى مدى واسع من الانجازات ومستقبل مشرق بقيادة جلالة الملك، وسط تحديات تعصف بالمحيط وأزمات إقليمية تهدد الأمن والاستقرار، ويحرصون جميعاً على تماسك جبهتهم الداخلية كي يبقى الأردن واحة للأمن والحرية.

واليوم يفخر الأردنيون، بمنجزات مليكهم الذي جاء مكملاً لمسيرة الهاشميين في البناء والعطاء، فمنذ أن تسلم سلطاته الدستورية وهو يسعى بكل ما أوتي من جهد لتعزيز مكانة المملكة حتى غدت دولة متميزة في هذا الإقليم المضطرب. ويسعى جلالة الملك عبدالله الثاني، إلى نموذج متميز في الإصلاح لتحقيق العدالة والحرية والمساواة، ويرسخ جلالته مفهوم الوحدة الوطنية والعيش المشترك والتفاهم لكي يبقى الوطن بمنأى عن الانقسام والتشرذم.

الجيش مع قائدهم يداً بيد لبناء مستقبل الوطن وفيما يخص القوات المسلحة الأردنية- الجيش العربي فقد أولاها جلالته منذ توليه العرش اهتماماً ورعايةً خاصة تدل على المكانة العظيمة التي تحظى بها هذه المؤسسة في قلب قائدها، وقد شمل هذا الاهتمام تطوير الجيش العربي تسليحاً وتدريباً مما جعله شطراً أمنياً رئيساً في مستويين، المستوى الأول محلياً إلى جانب الأجهزة الأمنية في ترسيخ الأمن الداخلي من خلال تأمين المناطق الحدودية والمشاركة في أي عمليات داخلية تتطلب تدخله، والمستوى الثاني إقليمياً ودولياً من خلال إنماء الجيش العربي عدةً وعتاداً مما جعله في صفوف دول العالم الأول وعلى قدر من المسؤولية جعلته يلعب دوراً بارزاً في الأحداث التي تدور على الساحة الإقليمية من خلال مشاركته في التحالف الدولي في الحرب ضد الإرهاب.

ويحاول جلالة القائد الأعلى أن يبقى على تماس مباشر مع الضباط والأفراد من خلال الالتقاء مع رئيس هيئة الأركان المشتركة في القيادة العامة أو من خلال التواصل معهم مباشرة في الميدان من خلال الزيارات التي يقوم بها جلالته إلى التشكيلات والوحدات والوقوف على احتياجات الجنود، وقد وجه جلالته القيادة العامة إلى تنفيذ عدة مشاريع من شأنها توفير حياة أفضل للجنود ومنها وضع خطة إستراتيجية للقوات المسلحة الأردنية – الجيش العربي، لتغطية جميع محافظات المملكة بالمستشفيات والمراكز الطبية التابعة للخدمات الطبية الملكية لتوفير الجهد والوقت والتكلفة وتقديم خدمة طبية متميزة وآمنة ذات جــــودة عالية للمراجعين المنتفعين من القوات المسلحة والأجهزة الأمنية وطالبي الخدمة من المواطنين الأردنيين وغيرهم، وكان آخرها افتتاح مستشفى الأميرة هيا بنت الحسين العسكري الذي يخدم ما يقارب نصف مليون نسمة في محافظتي عجلون وجرش، ومستشفى الملك طلال العسكري في محافظة المفرق بالإضافة إلى أن هناك مشروعاً قيد العمل لتحديث وتطوير مدينة الحسين الطبية، كما سيتم افتتاح توسعة مستشفى الملكة علياء العسكري ومركز الأورام التابع له خلال الفترة القادمة، إضافةً إلى وجود خطة لإنشاء مستشفى عسكري في محافظة معان.

كما وجه جلالته إلى إنشاء الإسكانات الوظيفية للعسكريين العاملين من أجل توفير سبل الراحة والاستقرار والعيش الكريم لمنتسبي الجيش العربي، والمساهمة في تخفيف الأعباء المادية وعناء السفر عليهم خاصة للقاطنين في المدن والقرى البعيدة، وقد افتتح جلالة القائد الأعلى مؤخراً إسكان الأميرة سلمى الوظيفي العسكري في محافظة الزرقاء، ويحتوي الإسكان على (470) وحدة سكنية على شكل فلل وشقق متلاصقة مختلفة المساحات وفق أحدث المعايير الهندسية، كما افتتح جلالته في وقت سابق إسكان الأميرة إيمان الوظيفي العسكري في محافظة الزرقاء والذي يحتوي على 25 بناية بواقع 400 شقة سكنية، وفي سياق متصل فقد افتتح جلالته مطلع هذا العام على واجهة المنطقة العسكرية الشمالية مبنى إدارياً مصمماً بطريقة هندسية جديدة تناسب طبيعة المنطقة، حيث تم إنجازه بوقت قياسي، ويأتي هذا المبنى الجديد في تصميمه حرصاً من جلالته على توفير سبل الراحة لمنتسبي القوات المسلحة الأردنية – الجيش العربي من أجل رفع الكفاءة والروح المعنوية لديهم وهو واحد من 65 مبنى مشابه ستقام على طول الحدود الشمالية والشرقية للمملكة.

وافتخاراً بالدور الوطني الكبير الذي يقوم به العسكريون في الدفاع عن أمن الوطن واستقراره ورفعته، جاء نظام صندوق إسكان ضباط القوات المسلحة ومشروع القانون المعدل لقانون صندوق الإسكان العسكري بهدف تحسين الظروف المعيشية لضباط وأفراد القوات المسلحة الأردنية- الجيش العربي والأجهزة الأمنية بناءً على توجيهات ملكية سامية من أجل توفير سبل الراحة والعيش الكريم لهم ولعائلاتهم، حيث تمت زيادة قروض الإسكان للضباط إلى 30 ألف دينار بدلاً من 20 ألف دينار وللأفراد إلى 15 ألفا بدلاً من 10

ألاف بواقع 50 بالمئة لكل شريحة.

وتقديراً من جلالته للشهداء الذين قضوا في الدفاع عن وطنهم وذادوا بأرواحهم ليبقى حرزاً منيعاً، وتجسيداً لوفاء واعتزاز جلالته برفاق السلاح، وحرصه على تقديم الرعاية والدعم اللازمين لهم ولأسرهم، فقد وجه جلالته رئيس هيئة الأركان المشتركة لإنشاء صندوق لدعم أسر شهداء القوات المسلحة- الجيش العربي والأجهزة الأمنية، وأمر بتخصيص 5 ملايين دينار من موازنة الديوان الملكي الهاشمي للصندوق، وأكد ضرورة دعم الحكومة لهذا الصندوق، وفتح المجال أمام القطاع الخاص للتبرع له، كما وجه جلالته بشمول خدمات صندوق الائتمان العسكري التمويلية أسر الشهداء ودون أي عوائد.

واعتزازاً بالمتقاعدين العسكريين وما قدموه لوطنهم، نستذكر اللفتة الملكية السامية بتخصيص يوم الخامس عشر من شباط من كل عام كيوم وفاء للمحاربين القدامى والمتقاعدين العسكريين، وقد وجه جلالة القائد الأعلى إلى تعزيز دور المؤسسة الاقتصادية والاجتماعية للمتقاعدين العسكريين والمحاربين القدامى، والعمل على بناء المحافظ الإقراضية الخاصة بالمؤسسة ودعم المشاريع الإنتاجية للمتقاعدين، بالإضافة إلى وضع برامج تدريب متخصصة للمتقاعدين ومساعدتهم في إيجاد فرص العمل المناسبة لهم، وبناءً عليه فقد دأبت القيادة العامة للقوات المسلحة- الجيش العربي ممثلة برئيس هيئة الأركان المشتركة الفريق الركن محمود عبدالحليم فريحات إلى الالتقاء بالمتقاعدين العسكريين في جميع المحافظات والتواصل معهم واطلاعهم على المستجدات التي تجري على الساحة الإقليمية بالإضافة إلى التطورات التي تشهدها قواتنا المسلحة في المجال التدريبي والعملياتي.

ونظراً لما تتطلبه المرحلة من إعداد وتجهيز يتماشى ومتطلبات الحرب الحديثة، تم تأسيس مركز الملك عبدالله الثاني لتدريب القناصين (KASNC) – وهو المركز التدريبي الوحيد داخلياً الذي يُعنى بتقديم مختلف أنواع التدريب الخاص بالقناصين- برؤى ملكية سامية بتاريخ 23/12/2016، ليكون مركزاً تدريبياً وأكاديمياً متميزاً على المستوى المحلي والدولي، وتكمن أهمية المركز في ضرورته لتوحيد متطلبات ومهارات القناصين الأساسية والمتقدمة لضمان إعداد فرق قناصين للقوات المسلحة تكون ذات مستوى متميز في أدائها وكفاءتها وقادرة على أن تكون نقطة تغيير حقيقية في الحرب الحقيقية، يشرف على العملية التدريبية والأكاديمية في المركز كادر تدريبي ذو كفاءة عالية ومتميز ضمن هذا المجال، ويسعى المركز من خلال الخطة التدريبية التي يسير عليها إلى تدريب وتأهيل فرق قناصين بمستوى عال وتكون داعمة للوحدات العسكرية في الميدان، القيام بالتخطيط التكتيكي وتأسيس عقيدة موحدة للقناصين، عمل برامج تدريبية لدعم وتعزيز تدريب القناصين داخل وحداتهم، القيام بتشكيل وإرسال فرق تدريب متحركة لتدريب وحدات القوات المسلحة في مواقعها، عقد دورات تأهيل الجيش العربي والأجهزة الأمنية، إضافةً إلى الجيوش الشقيقة والصديقة.

علم جلالة القائد الأعلى أعلى درجة تكريم للوحدات العسكرية المتميزة وكتكريم من جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين، يمنح جلالته كل عام علم جلالة القائد الأعلى إلى إحدى وحدات الجيش العربي، كأعلى درجة تكريم عسكري في القوات المسلحة الأردنية -الجيش العربي، تكريماً من جلالته لما يبديه منتسبو هذه الوحدات من شجاعة وما يبذلونه من تضحيات دفاعاً عن الوطن، وقد جرت أول مراسم تسليم علم جلالة القائد الأعلى لسلاح الجو الملكي الأردني، وذلك في قاعدة الشهيد موفق السلطي في 17 أيلول 2015، تلاها تسليم علم جلالة القائد الأعلى إلى لواء الملك الحسين بن طلال المدرع الملكي/40، ووحدات لواء حمزة بن عبدالمطلب “سيد الشهداء” الحرس الملكي، وكتيبة خالد بن الوليد المهام الخاصة/15 من لواء الحسين بن علي المهام الخاصة/30

ومديرية الخدمات الطبية الملكية، وكتيبة جعفر بن أبي طالب الآلية/39 من المنطقة العسكرية الشمالية.

كما يسلم جلالته راية الثورة العربية الكبرى التي تجسد مكانة القوات المسلحة الأردنية كحارس لمبادئ الثورة والنهضة العربية الكبرى وقيمها التي قادت مسيرة استقلال وبناء الأردن الحديث، وتنتقل الراية بين الوحدات سنوياً بالتناوب تجذيراً لمكانة وقيم الثورة العربية في الوجدان الوطني من خلال استعراض عسكري سنوي، والذي يمثل احتفالات القوات المسلحة بيوم الجيش وذكرى الثورة العربية الكبرى، وقد شهدت المملكة أول استعراض تسليم راية الثورة في 2 حزيران 2016 تتويجاً لاحتفالاتها الرسمية بمناسبة الذكرى المئوية للثورة العربية الكبرى وعيد النهضة العربية، التي أطلقها الشريف الحسين بن علي في العاشر من حزيران عام 1916.

الهيكلة تطوير أداء القوات المسلحة لمواجهة كافة التحديات وقد وجه جلالة القائد الأعلى في نهاية العام 2016، رئيس هيئة الأركان المشتركة لإعادة هيكلة القوات المسلحة- الجيش العربي، وبدوره أمر الفريق الركن محمود فريحات إلى إجراء مراجعة كاملة للمتطلبات المتعلقة بتطوير وتحديث قواتنا المسلحة من حيث الإعداد والتدريب والتسليح بما يتواءم مع المستجدات ويضمن أعلى مستويات التنسيق مع الأجهزة الأمنية حتى يكون جيشنا في أعلى درجات الاستعداد لمواجهة التحديات بكل كفاءة واقتدار، بالإضافة إلى أن تغيّر شكل بيئة التحديات والتهديدات الحالية استدعى وضع إستراتيجية تتوافق مع المتطلبات الإستراتيجية والعملياتية الحديثة وتواكب تطور أشكال التهديد على المستوى الإقليمي والعالمي بما يضمن الحركة والاستجابة السريعة لمواجهة أي تهديد يؤثر على الأمن الوطني الأردني، بدورها قامت القيادة العامة من خلال لجنة مشكلة من كافة الصنوف بدراسة الهيكلة من جميع الجوانب التي شملت القوى البشرية والمعدات والآليات العسكرية، حيث عمدت القيادة العامة إلى دمج العديد من الوحدات والمجموعات والتشكيلات بما يضمن التوظيف الأمثل للقوى البشرية والاستخدام الأكفأ للمعدات والآليات العسكرية.

إن اهتمام جلالة القائد الأعلى بتطوير القوات المسلحة لم يقتصر على الوضع الداخلي فقط، بل عمد جلالته إلى عقد مؤتمرات ومسابقات وتمارين دولية على الأرض الأردنية والتي من شأنها رفع سوية الجندي الأردني من خلال تبادل الخبرات العسكرية بين المشاركين وعلى كافة المستويات.

وسعياً لتعزيز التعاون العسكري المشترك وتبادل الخبرات، فقد دأبت القيادة العامة للقوات المسلحة- الجيش العربي إلى عقد التمارين المشتركة مع الجيوش الأخرى من أجل رفع كفاءة التنسيق والتخطيط للعمليات التقليدية والغير تقليدية إضافةً إلى تطوير الاستجابة السريعة لمواجهة التهديدات الإرهابية وسرعة اتخاذ القرار وتوحيد المفاهيم للقيادة والسيطرة ورفع مستوى الجاهزية القتالية بين القطاعات المختلفة ضمن الجيوش المشاركة، وفي هذا الشأن يعقد الأردن تمرين الأسد المتأهب وهو تمرين مشترك بين الأردن والولايات المتحدة الأمريكية بمشاركة عدد من الدول العربية والأجنبية، ويهدف التمرين إلى تلبية المتطلبات العملياتية والتدريبية واللوجستية الخاصة بالقوات المشاركة، مع التركيز على العمليات المدنية العسكرية والدور الإنساني، التدريب على كيفية التعاون والتنسيق مع المؤسسات الحكومية وغير الحكومية والمنظمات الدولية، توطيد علاقات التعاون بين المشاركين في المناورات من خلال العمل المشترك للوحدات والقطاعات والمؤسسات المشاركة، والتركيز على الدروس المستفادة من الحروب الحديثة وطبيعة التهديدات غير التقليدية التي تواجه الأمن الدولي، إضافة إلى تمرين الأسد المتأهب، مسابقة المحارب الدولية السنوية التي تقام في مركز الملك عبدالله الثاني لتدريب العمليات الخاصة (KASOTC) بمشاركة عدد من الدول العربية والأجنبية، وتهدف إلى تطوير التعاون والتنسيق بين الفرق المشاركة في مجال التدريب العسكري، وإبراز المهارات الفردية للمشاركين في السرعة ودقة الرماية والتخطيط وإدارة الوقت واتخاذ القرار السليم في بيئة العمليات تحت الضغط النفسي والبدني وفي أجواء من المنافسة والتحدي.

كما نفذت القوات المسلحة- الجيش العربي عدداً من التمارين العسكرية المشتركة خلال العام الماضي، منها تمرين “عبدالله 5” الذي نفذته قوات الأمن البحرية الخاصة السعودية والعمليات الخاصة الأردنية والكتيبة 71 لمكافحة الإرهاب، وتمرين “اليرموك 2” بمشاركة القوات المسلحة الأردنية – الجيش العربي والقوات المسلحة السعودية، وتمرين “العقبة 3” الذي أجري في المملكة الأردنية وجمهورية مصر العربية، نفذته وحدات منتخبة من القوات المسلحة الأردنية – الجيش العربي والقوات المسلحة المصرية، وتساهم بتوحيد المفاهيم الإستراتيجية في التخطيط والتنفيذ، وتطوير مستوى الاستعدادات العسكرية والأمنية الموائمة في دفع أي تحديات خارجية محتملة، وتساهم هذه التمارين بتوحيد المفاهيم الإستراتيجية في التخطيط والتنفيذ، وتطوير مستوى الاستعدادات العسكرية والأمنية والموائمة في دفع أي تحديات خارجية محتملة.

القوات المسلحة…… أدوار تنموية شاملة في شتى المجالات وفيما يختص بمعرض سوفكس للعمليات الخاصة (SOFEX) والذي يعقد مرة كل سنتين بمشاركة العديد من المؤسسات والشركات العربية والأجنبية، فهو المعرض الأول عالمياً والوحيد في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، المتخصص في مجال معدات العمليات الخاصة والأمن القومي، كونه يركز على جميع مستلزمات العمليات الخاصة والأجهزة الأمنية وقوات حفظ السلام ومجالات التدريب والتنظيم المتعلقة بها، يستقطب المعرض ما يزيد عن الـ 350

شركة من أكثر 35 دولة في العالم، ما يؤكد مكانته كملتقى دولي يجمع منتجي ومطوري المعدات الدفاعية مع كبار القادة العسكريين وصناع القرار وممثلي الحكومات على مستوى العالم.

وتقوم القوات المسلحة بتوفير الكليات والمدارس والمعاهد والجامعات العسكرية لإعداد وتأهيل الضباط وضباط الصف من مختلف الصنوف قيادياً وتعبوياً وفنياً وأمنياً وإداريا وتنمية قدراتهم القيادية والإدارية، وصقل شخصيتهم العسكرية بزيادة معرفتهم العسكرية والأكاديمية، وتطوير مهاراتهم حتى يكونوا في أعلى مستويات الإعداد القيادي والنفسي بما ينعكس إيجابياً في قيادة المعركة الحقيقية على الأرض، واستكمالاً لجهود تنمية القوى البشرية في قواتنا المسلحة، تتابع القيادة العامة للقوات المسلحة مشروع المدينة التدريبية (مدارس تدريب القوات المسلحة الأردنية – الجيش العربي) في منطقة شويعر الذي وضُع حجر الأساس له بداية العام الماضي، وسيتم تزويد المشروع بأحدث أجهزة ومعدات التدريب لرفع مستوى ومخرجات العملية التدريبية والجاهزية القتالية واكتساب المزيد من المهارات، وتكمن فكرة المشروع في إنشاء معسكر مشترك لمدارس التدريب في القوات المسلحة وتجميعها في موقع واحد على شكل مدينة تدريبية شاملة ومتميزة على المستوى الإقليمي.

كما تسعى القيادة العامة إلى فتح المجال أمام أبناء وبنات الوطن الراغبين في الالتحاق بصفوف القوات المسلحة ممن يحملون التخصصات المختلفة من خلال التقديم والقبول والانضمام إلى دورة الجامعيين المهنيين والتي تضم عادةً عدداً من الأطباء، الصيادلة،المهندسين والحقوقيين، وتستمر الدورة أربعة أشهر يتلقى فيها المشاركون تدريبات مختلفة تشتمل على اللياقة البدنية والعلوم العسكرية والوطنية والدينية والأمنية والقانون العسكري حيث يتم رفد مختلف صنوف القوات المسلحة بدفعة من المهنيين المدربين ليكونوا قادرين على تحمل الأمانة الملقاة على عاتقهم بكل كفاءة واقتدار، وتسهم القوات المسلحة بجهد كبير في مكافحة الفقر والبطالة من خلال تجنيد عشرات الآلاف من أبناء الوطن بين صفوفها، وتقوم بتأهيلهم وتدريبهم وتعزيزهم بكل القيم السامية وأخلاقيات الجندية وكبرياء رجالها.

ولتدريب مرتبات القوات المسلحة على الأنظمة المعمول بها في الأمم المتحدة وللتعرف على المنظمات الدولية والقوانين الدولية الإنسانية في حالتي الحرب والسلم، أنشأت القوات المسلحة معهد تدريب عمليات السلام، وهو معهد مخصص لتدريب القوات المسلحة على عمليات حفظ السلام في الأمم المتحدة، وتدريب المراقبين العسكريين والموظفين المدنيين للأمم المتحدة، والمعهد حالياً عضو كامل ورسمي في منظمة حلف شمال الأطلسي، مجتمع وشبكة PTC، وعضو في الرابطة الدولية لمراكز التدريب على حفظ السلام (IAPTC) الواقعة في كندا، وحتى الآن قام بتدريب 66 ألف جندي من الأردن وبلدان أخرى، ويقوم المعهد بإعطاء عدة دورات تشمل آليات العمل في عمليات السلام، حماية المدنيين والأطفال، نزع السلاح وإعادة التأهيل، قانون النزاعات المسلحة، المراقبون العسكريون، قانون النزاعات المسلحة، التوعية الثقافية العربية، التنسيق العسكري المدني، وهناك دورات تعقد تحت إشراف اللجنة الدولية للصليب الأحمر مباشرةً : المدربين في قانون النزاعات المسلحة، النزاعات المسلحة لقادة الوحدات والتشكيلات، المستشارين القانونيين والقضاة العسكريين، ويوجد دورات مستضافة في المعهد: موارد الدفاع للشؤون الإدارية للضباط، إدارة الموارد البشرية.

ومن الإنجازات التي قامت بها القيادة العامة للقوات المسلحة- الجيش العربي إنشاء المركز الأردني لمكافحة التطرف الفكري، وتتجسد رسالة المركز في أن التطرف الذي سبب العنف والإرهاب يجب مواجهته وقهره ومحاصرته من خلال تضافر جميع الجهود الرسمية وغير الرسمية للدولة الأردنية بالتوافق مع مختلف أنواع الجهود الدولية في هذا المجال، ويهدف المركز إلى مكافحة التطرف وتحصين المجتمع من خلال نشر ثقافة مجتمعية مقاومة للتطرف سواءً على المستوى الوطني أو المستوى الدولي والإقليمي ومن خلال المشاركات الخارجية بالندوات والمحاضرات، يضاف إلى ذلك أن المركز يمنح درجة الماجستير الصادرة عن جامعة مؤتة، وهو أول برنامج ماجستير عالمي يمنح درجة الماجستير في مواجهة التطرف والإرهاب.

ودعماً للطيارين في سلاح الجو الملكي، عمدت القيادة العامة إلى توقيع اتفاقية مع جامعة آل البيت تقضي منح الطيارين شهادة البكالوريوس في علوم الطيران، وشهادة البكالوريوس للملاحين في المراقبة والملاحة الجوية، علماً أن كلية علوم الطيران تأسست في بداية العام الدراسي 2015/2016.

وتشارك القوات المسلحة من خلال مديرية التربية والتعليم والثقافة العسكرية في تعليم وبناء الأجيال القادمة من خلال 43 مدرسة منتشرة في كافة مناطق المملكة وخاصةً النائية منها، وبلغ عدد الطلاب الدارسين في مدارس الثقافة العسكرية ما يزيد عن الـ 20 ألف طالب وطالبة، وتقدم المدارس خدماتها دون أي مقابل، وتهدف الثقافة العسكرية من خلال مدارسها إلى إيصال التعليم إلى أبناء المناطق الذين يعانون غياب المدارس بسبب بُعد مناطق سكناهم عن التجمعات السكانية التي تتواجد فيها المدارس، ومحاولة بناء المجتمع من خلال إعداد جيل متعلم ومثقف ليكون عنصراً فعالاً تنموياً في مجتمعه، وقد أفتتحت مدرسة الحسا بداية الفصل الأول الماضي وسيتم افتتاح مدرسة الحميمة ضمن محافظة العقبة مع انطلاق الفصل الدراسي الثاني.

وفي سياق آخر يمتد إلى التعليم الجامعي فقد بلغ عدد المتقدمين بطلب الحصول على المكرمة الملكية السامية لأبناء العسكريين في الجامعات الأردنية الرسمية بداية الفصل الأول الماضي 11 ألف طالب وطالبة، وتدفع القوات المسلحة الأردنية ما يقارب 43 مليون دينار سنوياً للجامعات الأردنية الرسمية كمستحقات مالية لتغطية نفقات تدريس الطلبة على حساب المكرمة الملكية، وتجدر الإشارة إلى أن عدد المستفيدين من نظام المكرمة الملكية السامية منذ صدور نظام خاص للدراسة على حساب المكرمة الملكية السامية المنشور في الجريدة الرسمية عام 1980 حتى عام 2016، بلغ (145,752) طالباً وطالبة، مثلما بلغ عدد المستفيدين من كليات المجتمع (43,752) طالباً وطالبة.

ولا ننسى دور القوات المسلحة في رفد المجتمع المحلي بالكفاءات اللازمة ضمن المهن الإنشائية والمهن الصناعية والحرفية من خلال الشركة الوطنية للتشغيل والتدريب التي أنشئت عام 2007 بأمر من جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين، والتي تهدف إلى تلبية احتياجات سوق العمل الأردني بالكفاية الكمية والنوعية من القوى المهنية العاملة المتميزة وتعديل اتجاهات الشباب نحو العمل المهني، إضافةً إلى تخصيص برامج تدريبية مهنية متخصصة لتلبية احتياجات أسواق العمل العربية، علماً أن الشركة قامت بتدريب ما يزيد عن الـ 20 ألف متدرب منذ انطلاقها.

كما تسعى القوات المسلحة إلى تزويد المجتمع المحلي بكافة احتياجاته من المواد الأساسية من خلال المؤسسة الاستهلاكية العسكرية، وتقوم المؤسسة بدورها من خلال أسواقها الـ 113 المنتشرة في المملكة بتوفير المواد التموينية بكفاية وجودة وبأسعار تناسب الجميع، أضف إلى ذلك أن جميع مواد المؤسسة تخضع للفحص في المختبرات العسكرية ضمن أعلى المواصفات العالمية والمعتمدة لدى مؤسسة المواصفات والمقاييس الأردنية.

وتحتفل قواتنا المسلحة كل عام إلى جانب المجتمع الأردني بيوم الشجرة الذي يتم فيه زراعة الأشجار لزيادة المساحات الخضراء في المملكة بالإضافة إلى الاعتناء بالأشجار الموجودة، وفي هذه المناسبة يشارك منتسبو الجيش العربي بغراسة عشرات الآلاف من الأشجار في جميع وحدات وتشكيلات القوات المسلحة المنتشرة في جميع مناطق المملكة، مساهمة من القوات المسلحة في المحافظة على الغطاء النباتي والبيئة، ورمزاً للخير والعطاء والانتماء للوطن العزيز.

واستكمالاً لفرحة وبهجة أبناء الوطن والقوات المسلحة بعيد ميلاد قائدهم الأعلى فهم على موعد هذا العام مع احتفالات الوطن باليوبيل الذهبي لمعركة الكرامة الخالدة معركة الصبر والنصر، بالإضافة لتمرين الأسد المتأهب بدورته الثامنة ومسابقة المحارب ومؤتمر ومعرض سوفكس إلى جانب الاستمرار ببرنامج إعادة الهيكلة والكثير من النشاطات والفعاليات التدريبية والتمارين ومواكب الخريجين من مختلف الكليات والمدارس والجامعات العسكرية.بترا

اترك رد