لجنة التربية النيابية تُشرع لنفسها قانون والمجلس يتصدى لرفض القانون
130
Share
الأردن اليوم – تعرّضت لجنة التربية والثقافة النيابية إلى “الحرج” نتيجة إدراجها بنداً على مشروع قانون الجامعات، ولم تستطع الدفاع عنه أمام مجلس النواب وتمريره.
وتصدّى عدد واسع من أعضاء المجلس خلال الجلسة التي عقدها “النواب” مساء الأحد لرفض المقترح وتقريعه، حتى وصل الأمر بالتحذير من وجود “شبهات دستورية” حوله، بل ذهب نائب إلى أبعد من ذلك وهو يؤشر على احتمال وجود “فساد” في إقراره.
وذكّر آخرون بأن “المشرع لا يشرع لنفسه” في انتقاد مبطن للمقترح الذي كان ينص بشكل صريح وبما يلزم الجامعات بإعادة الأكاديميين النواب إلى جامعاتهم بعد إنتهاء عضويتهم في مجلس الأمة وهو ما لا يسري على المترشحين الذين لم يحالفهم الحظ.
وينص المقترح المضاف على أنه “إذا استقال عضو هيئة تدريس من الجامعة لإشغال عضوية مجلس الأمة أو أي من المناصب المقرونة بإرادة ملكية سامية فيُعاد تعيينه بناء على طلبه في الجامعة التي استقال منها وتعتبر خدمته مستمرة بحيث تُضم خدماته السابقة إلى خدماته اللاحقة لتشمل حقوقه المالية والأكاديمية”.
وعلى مدار ساعة كاملة ناقش مجلس النواب المادة (21) من مشروع قانون الجامعات، بينما خُصص السواد الأعظم من هذا الوقت لمناقشة البند المضاف من قبل لجنة التربية والمُرقّم بـ (2) على الفقرة (ب) من المادة. وقدّم رئيس لجنة التربية النيابية النائب مصلح الطراونة مرافعة قبيل الشروع في عملية التصويت على المادة، معرّجاً على فقراتها الخمس. وقال حول البند (2) المتعلق بعودة النائب إلى جامعته بعد استقالته منها لغايات الترشح للإنتخابات “إن اللجنة أجرت بعض التعديلات على مشروع القانون لما فيه حماية لأعضاء التدريس”، مبيناً أن مداخلته بهذا الشأن تأتي لكي يكون “التصويت على بينة، ولا توجد مصلحة شخصية لأي كان بل لحماية الأستاذ الجامعي”.
وبين أن النص الوارد من الحكومة يُعالج مسألة الوزراء أو الفئات العليا المقرونة بالإرادة الملكية بحيث اعتبر خدمتهم (الأكاديمية) سارية أثناء عملهم، وأوضح أن مقترح اللجنة جاء على أساس أن من يقوم بالخدمة العامة في سلطات الدولة المختلفة لا تقتصر على الوزراء بل تطال أعضاء مجلس الأمة بشقيه ورئيس وأعضاء المحكمة الدستورية. وختم مداخلته بالقول “من غير العدالة أن يخص النص الوزراء ولا يشمل أولئك الذين يقومون بخدمة عامة لا تقل عن خدمة الوزراء ألا وهم النواب وأعضاء المحكمة الدستورية”. وفي مداخلات النواب، انتقد النائب عبد الله العكايلة أن تحسب خدمة عضو هيئة التدريس الذي استقال من موقعه للالتحاق بالموقع العام المقرون بإرادة ملكية، وأشار إلى أن اعتبار الخدمة الجامعية مستمرة بحيث يجمع بين مزايا خدمته في الوزارة والجامعة غير معقول، وتساءل “إذا استقال الأكاديمي وانقطع عمله من الجامعة فكيف يتم اعتبار الخدمة قائمة؟”.
وفصل العكايلة بين من تقلد منصباً وزارياً وكان من الفئات العليا وبين عضو مجلس الأمة، وتقدم بمقترح من شقين بحيث تكون : تعد خدمة عضو هيئة التدريس الذي يتقلد منصب الوزير أو الفئات العليا المقرونة إعارة من الجامعة وتخضع لتعليمات الإعارة في هذا المجال. وفي الشق الثاني اقترح : إذا استقال عضو هيئة التدريس لإشغال عضوية مجلس الأمة (فقط وليس للدرجات العليا) فإعادة تعيينه يتم بناء على طلبه في الجامعة التي استقال منها عند انتهاء عضويته في مجلس الأمة، وتعتبر خدمته بإعادة تعيينه استمراراً لخدمته السابقة في الجامعة. النائب عبد الكريم الدغمي قال “أنا اتفهم ألا يكون لعضو هيئة التدريس التقاعد إذا أصبح عضواً في مجلس النواب، أما أي منصب آخر (درجات عليا) أو وزير فيستحق التقاعد حتى لو كان وزيراً ليوم واحد”.
وتساءل ” كيف يأخذ وزير راتب أكاديمي كمدة خدمة بجامعة؟”، مبيناً أن أعضاء مجلس الأمة لا يأخذون تقاعداً نتيجة فتوى المحكمة الدستورية، معرباً عن تثنيته على ما أورده النائب عبد الله العكايلة. من جهته عبّر النائب عبد المنعم العودات عن “استغرابه” و “استهجانه” من البند المضاف من قبل اللجنة وقال “استغربت وأنا أقرأ مشروع القانون كيف تكون استمرارية مدة الخدمة أثناء العمل في الوظائف العليا أو الوزير أو النائب وتخضع للتقاعد. وتابع العودات “النص الذي اضافته اللجنة يقول إنه اذا استقال الأكاديمي (وهنا نتحدث عن استقالة كلية وانفكاك عن العمل وانقطاع عن الوظيفة بشكل كلي) فيعاد تعيينه بناء على طلبه من الجامعة التي استقال منها وتعتبر خدمته مستمرة”.
وتابع: فقد اتفهم أن يعاد الى الخدمة أما ان تعتبر خدمته مستمرة فهي جديدة وضميري كمشرع لا يقبل بها، ولا أزاود على أحد والمنطق والعقل يجب ألا يقبل مثل هذا النص. واعترض النائب أحمد هميسات بحدة على المقترح المقدم من اللجنة وقال “نحن نُشرّع للوطن وللجميع، ولا أن نشرع لمجلس النواب الثامن عشر ولا للأساتذة الجامعيين، وهذا البند لا يحقق الأسس والعدالة فلماذا لا يتم على جميع المستقيلين من أجهزة الدولة كافة حينما يستقيلون للترشح للانتخابات”. أما النائب خالد الفناسطة فرأى في المادة فساداً وقال “المادة فساد بامتياز وأتمنى شطبها كاملة من القانون واعتقد أن فيها شبهة دستورية، ولا يجوز التشريع لفئة معينة، فالأردنيون متساوون في الحقوق والوجابات فلماذا أميز الأكاديمي عن طبيب أو مهندس”، وادعو ألا تصيبنا العاطفة فقد تعود من الأعيان.
أما النائب خير أبو صعيليك فعبر عن اعتقاده بأن المادة فيها “اجحاف” وقال “اعتقد أن مشروع القانون أكثر حصافة مما ورد في اللجنة”، وهي الفقرة التي أثارت غضب رئيس اللجنة الطراونة لاحقاً ودعا إلى شطبها من محضر الجلسة. وقال أبو صعيليك “استهجن التعديل فإذا استقال عضو هيئة التدريس فإنه يترتب مركزاً قانونياً بعد أن انقطع عن العمل في الجامعة وأصبح نائباً”، وتساءل “بعد انتهاء مدة نيابته هل نطلب من الجامعة تعيينه بنص القانون؟”، مجيباً “قد تكون الجامعة عينت أكاديميا آخر مكانه”.
وألمح إلى إمكانية حصول الأكاديمي بعد نيابته إذا أقر النص على الترقية المالية والترقية الأكاديمية، وختم حديثه “إذا قلنا للأكاديمي سنعيدك لعملك، فماذا عن الطبيب والمحافظ والمهندس؟”.
واعتبر النائب نبيل غيشان مقترح العكايلة “منفذا” بديلا عما أوردته اللجنة، فيما رأى النائب أحمد الرقب أن اللجنة “أحسنت بإقرارها” البند (2)، أما النائب صداح الحباشنة فدافع عن قرار اللجنة وقال “رداً على النائب أبو صعيليك نحن استقلنا وحرمنا من نهاية الخدمة وحقوقنا، وبالنسبة للعودة فإننا سنعود لأن الجامعات تعاني من وجود الرتب وهي تحتاجها بخاصة (الاستاذ) و (المشارك)، والدكتور مصلح استقال”.
من ناحيته قال النائب بركات العبادي إن المتداخلين كانوا على حق وتساءل “كيف سأميز طبقة بأن تعود إلى مراكز عملها بعد إنتهاء عضويتهم من المجلس؟”، وأضاف “وكأننا أمام الشارع الأردني نقول له تفرجوا علينا نشرع لأنفسنا بعد أن نخرج وهذا الأمر ليس مناسبا والأمثل أن نعود إلى نص القانون وأبعد عن الشبهة وأكثر شفافية”.
أما النائب وفاء بني مصطفى فقالت إن المجلس أوفى وأكثر عدالة وتجرداً “فخواص القواعد عمومية”، وأضافت “لا يجوز أن يكون هنالك استثناءات فقد يطرح سؤال علينا لماذا لا نعطي الحق لمن يترشح للبلدية أو مجلس المحافظة”، خاتمة حديثها “القواعد القانونية تتصف بالتجريد والعمومية”.
وحول الحديث عن الكفايات من الأستاذة الجامعيين قالت “سيعودون بشكل طبيعي لحاجة الجامعة لهم لكن لا يجوز أن يكون هنالك استثناءات ونفصل القواعد القانونية لحالات خاصة” وهو ما أيده بها النائب حابس الشبيب. أما النائب سليمان الزبن فدافع عن قرار اللجنة وقال “لا نظلم أنفسنا وكم في استاذ جامعي بهذا المجلس؟”، وتابع “القاعدة مجردة وعامة وتنطبق على كل من تنطبق فيه الشروط .. لا يضير في عمومية القاعدة، واللجنة احسنت صنعا”، منتقداً جلوس الكثيرين من الاستاذة الجامعيين وهم وزراء ويعودون إلى أعمالهم.
وقال النائب خالد البكار أن اغلب النواب وجهوا النقد للجنة على انها ذهبت الى اضافة غير محمودة، كاشفاً عن وجود سابقة في ذلك خلال مناقشة قانون التقاعد المدني، حيث جاءت الحكومة بمشروع قانون يجلب المنافع لها.
واضاف البكار “قام النواب بالحاق بالحكومة واضفنا لنا منافع كنواب، مما خلق لنا ازمة كبيرة إلى ان تدخل جلالة الملك ورد القانون”، مقترحاً أن يتم شطب اقتراح اللجنة.
من جهته ابدى رئيس لجنة التربية والثقافة النيابية الدكتور مصلح الطراونة سعادته بمداخلات النواب، مقدراً حرص المجلس على المؤسسات الوطنية.
ورد الطراونة على مداخلات النواب حول الفقرة (ب) من المادة (21) بالقول “إننا لم نشرع لانفسنا”، طالباً من النائب خيرالله ابو صعيليك سحب عبارته التي قال فيها “إن القانون الذي جاء من الحكومة اكثر حصافة من قرار اللجنة” وشطبها من محضر الجلسة، حيث كان رد الطراونة “بالعكس قرار اللجنة كان حصيفاً، وقرار الحكومة كان مجتهداً”.
وتبنى رئيس لجنة التربية النيابية مقترح النائب عبدالله العكايلة الذي أيده نواب آخرون، بينما صوت مجلس النواب على رفض مقترح اللجنة في ختام النقاشات.