لماذا لا ينسى مريض فقدان الذاكرة لغته؟
سواءًا شاهدتَ ذلك في الأفلام أو في الحقيقة، إلا أن الغريب في مرضى فقدان الذاكرة -عمومًا- أنهم وعلى الرغم من نسيانهم تفاصيل حياتهم بأكملها وهويتهم الحقيقية، إلا أنهم قادرين على التحدث بلغتهم الأم، ولم تُمحَ تفاصيل وحروف اللغة من ذاكرتهم!
للإجابة على هذا الاستفسار، يتوجَّب في البداية شرح القليل عن مرض فقدان الذاكرة، الذي يُعتبر من أكثر الأمواض غموضًا وتعقيدًا في عالم الطب. وهو لا يقل شأنًا عن تعقيد وغموض الدماغ، مخزن الذكريات!
أنواع فقدان الذاكرة..
فقدان ذاكرة الهوية Dissociative Amnesia
هذا النوع من فقدان الذاكرة يفقد فيه الشخص بشكلٍ مفاجئ ذاكرته العميقة الخاصة بهويته والمعلومات الأساسية عن نفسه وحياته وتاريخه. وعادةً ما يرتبط فقدان ذاكرة الهوية بحادث نفسي عميق وصدمة نفسية قوية كفقدان شخص عزيز، أو التعرض لاعتداء بدني أو نفسي حاد، أو الشعور بالذنب تجاه فعل إجرامي.
في مثل هذه الحالة، تكون احتمالات عودة الذاكرة مجددًا لصاحبها كبيرة للغاية بعد الخروج من الظروف النفسية السيئة التي كانت سببًا في حدوث المرض.
فقدان الذاكرة الكلي العابر Transient Global Amnesia
في هذا النوع، ينسى المريض بشكلٍ مفاجئ تفاصيل حياته السابقة. ويرتبط هذا النوع ببعض الأمراض مثل: الصداع النصفي المتقدّم، خلل الدورة الدموية للمخ والجلطات، تناول الكحوليات وبعض العقاقير الكيميائية التي تؤثر على أنسجة المخ. وسُمِّيَ هذا النوع بالعابر لأنه يبقى لفترة قصيرة لا تتجاوز عادةً 24 ساعة، قبل أن ينتهي ويستعيد الشخص حياته مجددًا.
فقدان الذاكرة المستقبلية Anterograde Amnesia
النوع الأكثر شيوعًا بين مرضى فقدان الذاكرة، وهو مرتبط بتعرض المريض لحادث وإصابات في المخ. حيث يستيقظ المريض بعد تعافيه بذاكرة مشوّشة وقد فقد القدرة على تكوين ذكريات جديدة، لكنه على علم ودراية بأغلب الأشياء حوله وماضيه كذلك.
لماذا لا ينسى مريض فقدان الذاكرة لغته؟
من الأسئلة الغاضمة التي واجهت العلماء والأطباء لفترة طويلة. ومع الوقت، تمكَّن الأطباء من التوصُّل إلى حل لهذا اللغز إلى جانب تساؤلات أخرى في نفس الموضوع. فمريض فقدان الذاكرة لا ينسى بعض التفاصيل من حياته مثل: القراءة، الكتابة، قيادة السيارة، لغته الأم،….إلخ.
في هذا الصدد، قسَّم العلماء ذاكرة الإنسان إلى نوعيْن: ذاكرة تقريرية، وذاكرة مهارية. النوع الأول، هي التي تُخزِّن معلومات وحقائق عن الإنسان وحياته، ومسؤولٌ عنها الفص الصدغي في الدماغ. أما النوع الثاني، فهي التي تُخزِّن المهارات التي يكتسبها الإنسان مع الحياة، مثل القراءة والكتابة والكلام والقيادة، وتعتمد هذه الذاكرة على عدة مراكز في الدماغ مثل المخيخ واللوزة الدماغية.