الأردن اليوم: بدأ عرض مسلسل “ما وراء الطبيعة” على منصة نتفليكس، والذي كان من أكثر الأعمال انتظارًا منذ الإعلان عنه، وذلك بسبب المرجعية الأدبية الكبيرة التي تستند إليها سلسلة “ما وراء الطبيعية” التي قدمها الكاتب الراحل “أحمد خالد توفيق” على مدار 80 قصة عبر المؤسسة العربية الحديثة.
وكان تحويل السلسلة إلى فيلم أو مسلسل أمل الكاتب والقراء منذ بداية السلسلة في تسعينيات القرن الماضي، لذلك جاءت الفرحة عارمة والتوقعات كبيرة والآمال مرتفعة، ولكن هل أتى المسلسل على قدر كل ذلك؟
تعليمات المشاهدة الصحيحة
ساهم المخرج عمرو سلامة في ارتفاع سقف آمال المشاهدين كذلك، فقبل العرض بساعات، بدأ بأيام بصورة مكثفة حول مدى تعب واهتمام فريق المسلسل بكل التفاصيل، مع صدور فيلم تسجيلي قصير عبر يوتيوب يحكي فيه قصته مع دكتور أحمد خالد توفيق، ومدى محبته للسلسلة، ثم قبل صدور المسلسل بيوم وعبر حسابه على موقع فيسبوك، وضع منشورًا بإشارات المشاهدة السليمة للمسلسل، الأمر الذي أثار غضب العديد من المتابعين، وتحول سريعًا إلى “تريند” ربما أكثر من المسلسل نفسه.
ما فعله سلامة خير مثال على الدعاية السلبية، فبدلًا من التشويق ومحاولة جذب جمهوره للمسلسل، قام بخلق حالة من العدائية المجانية، والتحفز ضد المسلسل.
مفاجآت غير سارة
لكن بعد عرض المسلسل اتضح أن هذه الوعود الكبيرة، والإشارات الدائمة للتعب على المسلسل، كانت أكبر مما تم تقديمه بالفعل على الشاشة، فقد أتى مليئًا بالمشاكل الفنية التي جعلته محبطًا سواء لمحبي السلسلة أو للمشاهدين الذين يتعرفون عليها لأول مرة خلال الأحداث.
وللأسف وبدون أي تحيز مسبق صنعه المخرج بنفسه، اتجهت أصابع الاتهام في المشكلات الفنية نحو سلامة، المشرف الإبداعي على المسلسل والذي شارك في كتابة وإخراج بعض الحلقات، وساهم في إعادة تغيير بعض التفاصيل في السلسلة حتى تتلاءم مع الوسيط الجديد.
بدأ الأمر بالسيناريو، وقد اختار سلامة مجموعة من القصص وصنع بينها رابطًا جيدًا، وهو الطفلة الشبح شيراز التي كانت صديقة البطل رفعت في طفولته ثم انقلبت عليه بعد ما نبذها، وصنع بالفعل بناء متراكما من القصص التي كانت في الحقيقة تفتقد هذا الرابط بالسلسلة الأصلية، مما كان يوحي بعمل مختلف ومميز في بنائه الأساسي، ولكن الأزمة جاءت بالتفاصيل.
الحوار، وهو عماد المسلسل والقصص حيث شخصية رفعت إسماعيل، ينقذها من أزماتها في أغلب الأحوال لسانه وذكاؤه، يمتلك دومًا القدرة على الإقناع والسخرية تجعله فريدًا من نوعه، ولكن الشخصية في المسلسل أخذت من لغة القصص الشكل الأدبي وتركت باقي الجوانب، فأتى الحوار ركيكًا عديمً المعنى أغلب الوقت، لا يصلح سوى لأخذ الاقتباسات ونشرها على مواقع التواصل الاجتماعي، ولكنه لا يشبه الشخصية ولا يشبه أي شئ يقال في المسلسلات أو الحياة بصورة عامة.
ترافق ذلك مع إدارة متواضعة للغاية للممثلين، جعلتهم طوال الوقت يبدون كما لو أنهم يحفظون الحوار ويرددونه بلا روح، واهتمام بالجانب الشكلي من الشخصيات على حساب روح الشخصية نفسها.
وظهر هذا على الأخص مع الشخصية الرئيسية رفعت أسماعيل التي قدمها أحمد أمين، حيث بدا طوال الوقت كما لو أنه أحمد أمين يرتدي ملابس رفعت إسماعيل ويحاول تقليده بصورة هزلية، مع الاعتقاد بأن إحناء الظهر والحديث بصوت منخفض مع ملامح حزينة أمر كاف لتلبس الشخصية.
هذا ينطبق كذلك على شخصية ماجي التي ظهرت في المسلسل بشكل متكرر بدون أي داع حقيقي في الأحداث، مع ضعف شديد في تلبس الشخصية مما سبب الضيق للكثير من المشاهدين بسببها سواء من حيث المظهر والباروكة الحمراء أو الجوهر وبعدها عن الشخصية الأساسية.
أما من ناحية الصورة، فقد جاء المسلسل بشكل جيد في المشاهد العادية، مع اختيار إطارات معقولة، واختيارات لونية تتلاءم مع الزمن الذي تدور فيه الأحداث، خاصة وأن وراء المسلسل مدير تصوير عربيا وليس أجنبيا كما يحدث مؤخرا مع المسلسلات العربية ذات الإنتاج الكبير.
إلى أن بدأت مشاهد المؤثرات البصرية، حيث أتت ضعيفة بدرجة مروعة، خاصة في الحلقة الثالثة مع ظهور العساس الوحش الأسطوري العربي الأصل الذي تم تحويله في المسلسل إلى نسخة رديئة من “كينغ كونغ” القرد العملاق، مع تحريك سيئ للغاية ومتواضع عن طريق الحاسوب مما جعل المسلسل يبدو كما لو أنه للهواة وليس عملا مرتفع الميزانية من إنتاج منصة عملاقة مثل نتفليكس.
ظهر ذلك أيضًا في المشاهد المصورة للبيت السحري المليء بالأسرار والذي بدأت منه قصة شيراز، حيث كانت مشاهده كلها بشكل واضح مصنوعة بتقنية تحريك الصور عبر الحاسوب CGI وبشكل غير متقن كذلك.
في النهاية، فإن المسلسل مثلما اكتسب الكثير من الغاضبين حاز أيضا على عدد كبير من المحبين الذين سعدوا بمشاهدة رفعت إسماعيل لأول مرة على الشاشة، خاصة وأن التصوير جاء أفضل بكثير مما نشاهد في المسلسلات العربية الأخرى، والأمر نفسه مع ديكورات منزل رفعت والمناظر الداخلية بصورة عامة والتي جاءت مشابهة إلى حد كبير لما جاء في الروايات الأصلية.