عمر الرداد يكتب:مؤتمر البحرين والمشاركة الأردنية
الأردن اليوم – الدكتور عمر الرداد
رغم أن الحكومة لم تعلن حتى اللحظة، موقفا من المشاركة في المؤتمر الاقتصادي المزمع عقده في البحرين،أواخر حزيران القادم، لبحث أفق الفرص الاقتصادية في فلسطين والدول المجاورة،الا ان المتابع يلاحظ ان الحوارات حول تلك المشاركة أخذت حيزا أكثر مما تستحق ،القاسم المشترك في غالبيتها مواقف” مسبقة” يتم تدويرها تجاه ما يسمى صفقة القرن، أكثر من كونها تناقش جزئية عقد المؤتمر وما يمكن ان يوفره من فرص اقتصادية حقيقية “حسب مؤيدي المشاركة”، او كونه مؤتمرا لذر الرماد في العيون، شانه شان كثير من المؤتمرات والوعود الاقتصادية،ومليارات الدولارات التي اعلن عنها،وبقيت حبيسة خزائن المتبرعين والداعمين،وان المؤتمر جاء مقدمة لتصفية القضية الفلسطينية”حسب الداعين للمقاطعة”.
الجدالات حول مؤتمر البحرين، تتم في سياقات الموقف ليس من صفقة القرن فقط،بل من مجمل عملية السلام مع إسرائيل،منذ توقيع معاهدة السلام عام 1994،والإجابة على سؤالها المركزي،ماذا جنينا من هذه المعاهدة وماذا خسرنا؟ وتباين الإجابة على هذا السؤال بين المؤيدين والمعارضين، وتتسم هذه االجدالات بكونها نخبوية،فهي ليست حوارات شعبية،حتى ان تداولها على مواقع التواصل الاجتماعي مرتبط بعدد من تلك النخب،وهو ما يعطي مؤشرا على اهتمات الرأي العام ،وان المشاركة الأردنية او عدمها بهذا المؤتمر لا تشكل قضية لديه، ،بالإضافة لقناعات واسعة تقع في اطار”المسكوت عنه” تصل الى حد اليقين بان الاردن سيشارك في المؤتمر، وفق تقديره لمصالحه، ولكون مفهوم “المقاطعة”ومقارباتها من المفاهيم الغائبة في القاموس السياسي الأردني، وتتعارض مع المرونة والاعتدال التي بنى الاردن سياساته على أساسها منذ تأسيسه.
كما عكست هذه الجدالات فيما عكست،تداعيات الأزمة الخليجية، في اوساط النخب والاعلاميين،تلك الازمة التي دخلت عامها الثالث،والتي اتخذ منها الاردن موقفا وسطيا دون انحيازات مباشرة لاي من اطرافها،وهو مالا يقبل به المؤيدون لهذا الطرف او ذاك،حيث لم تشكل المصلحة الأردنية مرجعية لبعض تلك الجدالات،الا من قبل اقلية تحتكم لما تراه يمكن ان ينعكس ايجابا على الاردن وتحديدا في الجانب الاقتصادي ،في ظل ازمة اقتصادية معروفة للجميع، وادراك عميق بان ليس من مصلحة الاردن الاصطفاف مع اي من اطراف الازمة الخليجية،التي تلوح في الافق بوادر “تبريد” لكثير من ملفاتها الساخنة، ربما تتم ترجمتها في القممالمزمع عقدها في المملكة السعودية بعد ايام.
الجدالات المذكورة تشبه حوارات بين متحاورين في غرفة ضيقة،والمارد يقف على الباب،وكان على المتحاورين إدراك ان مشاركة الأردن بالمؤتمر لن تقدم شرعية لصفقة القرن ،ولا تتعارض مع اللاءات التي طرحها جلالة الملك،ولا تعني تلك اللاءات ان يقاطع الأردن أمريكا،فقبل وبعد تلك اللاءات تواصلت العلاقات الأمريكية الأردنية، مع تأكيد الأردن على تحفظاته ورفضه لكثير مما هو مطروح، على الاقل في اطارما يتم تسريبه حول الصفقة، تلك الصفقة التي لا احد يمتلك اليوم ادعاء الاطلاع عليها بصيغتها النهائية،كما ان مشاركة الاردن في المؤتمر لن تمنح الشرعية لصفقة القرن،من المؤكد ان هذه المشاركة ، والتي ليس مطلوبا ان تكون بمستوى اعلى من وزير المالية او التخطيط، ستكون مناسبة لتاكيد الموقف الاردني دفاعا عن الاردن،وعن الاشقاء الفلسطينيين.