إصابة ناقلتين بخليج عُمان.. الرابحون والخاسرون وتداعيات أخرى

102

الأردن اليوم – تراجعت السندات الدولية الصادرة عن حكومات دول مجلس التعاون الخليجي اليوم الخميس، في مقابل ارتفاع أسعار النفط، إثر إصابة ناقلتين في هجمات بخليج عمان، وسط توقعات بمزيد من التداعيات، فمن الرابحون والخاسرون؟ ويأتي حادث اليوم بعد شهر من حادث مماثل تعرضت له أربع ناقلات في المنطقة.

انخفاض السندات
انخفضت السندات السعودية المُستحقة في 2049 أكثر من 0.6 سنت في المعاملات المبكرة، بينما تراجعت سندات بثلاثة مليارات دولار صادرة عن شركة النفط الوطنية السعودية العملاقة أرامكو، مستحقة أيضا في 2049، سنتا واحدا للدولار وفقا لبيانات رفينيتيف آيكون.

لكن انخفاض الأسعار بدأ في الانحسار في وقت لاحق من اليوم، واستقرت نسبيا تكلفة التأمين على الديون في المنطقة من مخاطر التخلف عن السداد، مع ارتفاع التكلفة السعودية فقط بمقدار نقطة واحدة في التعاملات الصباحية، بحسب آي أتش أس ماركت.

وقال محلل في الخليج طلب عدم نشر اسمه “يبدو أنه رد فعل تلقائي.. السوق شديدة التأثر بالتطورات الجيوسياسية”.

وتراجعت أسواق الأسهم في المنطقة، مع تضرر المعنويات أيضا جراء شن الحوثيين هجوما صاروخيا على مطار مدني في جنوب السعودية أمس الأربعاء.

ارتفاع أسعار النفط
لم تتضح حتى الآن تفاصيل الهجوم على الناقلتين، لكن أسعار النفط ارتفعت 4% في حين تأتي الهجمات وسط توترات بين إيران والولايات المتحدة بشأن برنامج طهران النووي، تصعدت هذه التوترات الشهر الماضي بفعل هجمات على منشآت نفط في الخليج.

وارتفعت العقود الآجلة للخام الأميركي أكثر من دولارين لأعلى مستوى في الجلسة عند 53.33 دولارا للبرميل.


  أغلب نفط دول المنطقة يمر عبر مضيق هرمز (رويترز) 
  أغلب نفط دول المنطقة يمر عبر مضيق هرمز (رويترز) 

ويقع خليج عمان عند مدخل مضيق هرمز الممر المائي الإستراتيجي الرئيسي الذي ينقل عبره منتجو الشرق الأوسط خُمس استهلاك النفط العالمي.

وقالت ستاندرد آند بورز للتصنيفات الائتمانية في مذكرة بحثية هذا الأسبوع إن تصاعد التوترات الدبلوماسية والعسكرية إلى حد يُهدد بإغلاق المضيق قد يؤدي إلى زيادة تكاليف تمويل حكومات دول الخليج وإلى اضطرابات في الاستثمار الأجنبي المباشر.

لكن الوكالة لم تغير تصنيفها أو نظرتها المستقبلية لحكومات دول الخليج العربية.

الخاسرون والرابحون
يقول الدكتور عبد السميع بهبهاني الخبير في شؤون النفط ومدير شركة آسكا للاستشارات البترولية إنه في حال توقفت الحركة بمضيق هرمز فإن الخاسر الأكبر ستكون إيران والسعودية والكويت وسلطنة عمان والبحرين بالإضافة إلى العراق.

وأشار في حديث للجزيرة إلى أن 90% من النفط السعودي والعراقي يمر عبر مضيق هرمز، في مقابل 70% للإمارات وإيران.

وعبر بهبهاني عن قناعته بأن ما سماها “الدول المتخاصمة اقتصاديا كليا ستكون متضررة”.

وذكر أن هناك منافذ أخرى لضخ النفط لكنها تبقى غير كافية لكونها لا تستحوذ سوى على 20% من نحو 31 مليون برميل تخرج عن طريق مضيق هرمز.

وأضاف أن هذا الأمر سيؤثر ليس فقط في المنطقة بل في العالم، ويدفع أسعار النفط إلى الصعود، على خلفية تأثر إمدادات الأسواق العالمية.

ومع ذلك رأى عبد السميع بهبهاني أن ارتفاع الأسعار كان بمثابة تفاعل تحوطي في انتظار تكشف مزيد من المعلومات عن حادثة إصابة الناقلتين، مشيرا إلى أن الأسواق تشهد فائضا في المعروض.

ولم يستبعد أن تؤثر حادثة اليوم في الاجتماعات المقبلة لمنظمة أوبك. ووصف بهبهاني النفط بأنه “سلعة عالمية وإنسانية لا يمكن حرمان العالم منها”.

وقال إنه يجب على العوامل الجيوسياسية ألا تعرقل تزويد الأسواق العالمية بالطاقة.

ومن المقرر أن يعقد تحالف “أوبك بلس” الذي يضم الدول الأعضاء في أوبك، إضافة إلى منتجين مستقلين بقيادة روسيا، اجتماعا نهاية الشهر الجاري بشأن اتفاق خفض الإنتاج بمقدار 1.2 مليون برميل يوميا، بدأ مطلع العام الجاري لمدة ستة أشهر.


بحسب خبراء فإن حادثة استهداف الناقلتين اليوم ستنعكس على اجتماع أوبك القادم (رويترز)
بحسب خبراء فإن حادثة استهداف الناقلتين اليوم ستنعكس على اجتماع أوبك القادم (رويترز)

من جهته، اعتبر مصطفى البازركان، المستشار والخبير في شؤون النفط والطاقة، إن العوامل الجيوسياسية والصراعات هي التي تأخذ أسعار النفط نحو الأعلى.

وقال في حديث للجزيرة إن الرد الدولي والأميركي حيال الحادث الأول الذي وقع قبل نحو شهر لم يكن في مستوى الحدث.

وتوقع أن تشهد أسعار النفط قفزات في الساعات المقبلة حال تأثر المعروض من النفط.

وبشأن من سيتأثر من حادث اليوم قال البازركان إن الأسواق كلها ستتأثر، وأكد أن المطلوب هو موقف دولي واضح مما يحدث حتى لا تقع حوادث أخرى جديدة في المستقبل.

من جانبها، تجيب وكالة بلومبرغ عن تساؤل حول من المستفيد من حادث اليوم، وتشير إلى أن الإجابة الظاهرة هي إيران، حيث إن مهاجمة طهران لناقلات تغادر الخليج، مباشرة أو عبر وكلاء، يرسل رسالة مفادها أن التنقل عبر أكثر النقاط ازدحاما لتدفقات حركة النفط العالمية لن يكون آمنا دون موافقتها.

وتضيف أن “الرسالة تؤكد أيضا أن دفع إيران إلى الهاوية اقتصاديا من خلال العقوبات لن يمر مرور الكرام. فالدول الأخرى في المنطقة ستعاني أيضا من تكلفة الاضطرابات على صادراتها من النفط، وسيتعين على الولايات المتحدة وحلفائها التعايش مع ارتفاع أسعار الخام واضطرابات الإمدادات”، وفق ما تورد وكالة الأنباء الألمانية.

غير أن الوكالة لفتت إلى وجود “مجموعة أخرى ستستفيد من الحادث وهي التي تريد أن ترى الولايات المتحدة تصعد حملتها ضد إيران وتتحرك من حرب اقتصادية إلى حرب عسكرية”، مشيرة إلى أن “هناك كثيرين منهم، في الولايات المتحدة وحلفائها في الخليج، ومناطق الشرق الأوسط بصورة أوسع”.

تهديد للأسواق
وقالت رابطة ناقلات النفط إنترتانكو اليوم الخميس إن هناك مخاوف متنامية بشأن سلامة السفن وأطقمها المبحرة عبر مضيق هرمز بعد تعرض السفينتين للهجمات بخليج عمان. وتمثل رابطة إنترتانكو الجزء الأكبر من أسطول الناقلات المستقل في العالم.

وقال باولو داميكو رئيس مجلس إدارة إنترتانكو في بيان “عقب هجومين على سفينتي أعضاء هذا الصباح، يساورني قلق شديد بشأن سلامة أطقمنا عبر مضيق هرمز”.

وأضاف “نحتاج إلى أن نتذكر أن نحو 30% من النفط الخام (المنقول بحرا) في العالم يمر بالمضايق. إذا أصبحت المناطق البحرية غير آمنة، فإن الإمدادات للعالم الغربي بأكمله قد تتعرض للتهديد”.

الجزيرة

اترك رد