الرداد يكتب: في العلاقة الأردنية القطرية

79

الأردن اليوم – الدكتور عمر الرداد

لم يشكل التوافق الأردني القطري على إعادة التمثيل الدبلوماسي بين البلدين على مستوى السفراء، وتسمية السفير الأردني بالدوحة،وسفير قطر لدى عمان،مفاجأة لغالبية الأردنييين ، اذ ان إرهاصات القرار تم التعبير عنها بأكثر من مناسبة ،بما فيها اللقاء الذي تم قبل أسابيع بين الملك ومجموعة من الإعلاميين، لدرجة ان جلالة الملك وصف القرار بان هناك “مفاجأة مفرحة” بخصوص العلاقة مع قطر.

صحيح ان القرار الأردني القطري يشكل خطوة مهمة ومحطة في مسار العلاقات بين البلدين، لكن لا يمكن تحميله أكثر مما يحتمل،وتحديدا بوصفه مصالحة بين الأردن وقطر، اذ وخلال عمر الأزمة الخليجية بين قطر وبعض جيرانها، لم تنقطع العلاقات الأردنية القطرية، بتبادل الزيارات والتجارة التي تقدر بحوالي أربعة مليارات دولار، واستثمارات قطرية في الأردن بحوالي 2 مليار دولار،ولم تتوقف خطوط الطيران عن العمل بين البلدين، فيما تواصل الدعم القطري للأردن، بما في ذلك توفير عشرة آلاف فرصة عمل للأردنيين في قطر ،ودعم خزينة الدولة الأردنية، في ظل أزمة اقتصادية حادة يعانيها الأردن لم تعد خافية على احد.

التعامل مع القرار الأردني ، وفقا لمقاربات مؤسسات وكتاب وإعلاميين،تحت ضغوطات الانحياز السياسي والشخصي ،بوصفه نكاية بدول الخليج الاخرى وخاصة المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات، وانه جاء على خلفية خلافات سياسية، تنقضه سياقات العلاقات القائمة مع المملكة السعودية ودولة الإمارات، وفهم الموقف الأردني وصناعة القرار في بناء تحالفاته وعلاقاته الخارجية، وتعامله مع الازمة الخليجية، والتي كان عنوانها عدم اتخاذ موقف عدائي من اي طرف، رغم خطوته الرمزية بتخفيض التمثيل الدبلوماسي مع قطر،اذ حافظ الاردن على مسافة لم تجعله منخرطا في تحالف الدول الأربع التي اتخذت موقفا من قطر، وربما كان في زيارة الملك وولي العهد قبل أسابيع لدولة الإمارات لحضور تمرين عسكري مشترك للقوات المسلحة الأردنية والإماراتية، بالإضافة للإعلان عن قرض سعودي ميسر بمبلغ خمسين مليون دولار للاردن لمساعدته في بناء مدارس حكومية جديدة، بالتزامن مع الإعلان عن عودة التمثيل الدبلوماسي الى مستوى السفراء ما يؤكد ان الخطوة الأردنية مع قطر لا تستهدف اي طرف.

ان الأردن بمرونته السياسية العالية المعروفة ،وهي التي جعلت عاصمته من بين قلة من العواصم الشرق أوسطية التي يرفع فيها العلمان الإيراني والإسرائيلي، من خلال سفارتيهما في الأردن،وهو ما يسقط كل أسباب الغرابة في اعادة التمثيل الدبلوماسي مع دولة قطر على مستوى السفراء، وينفي بشكل مطلق انحيازات الاردن لهذا الطرف او ذاك، ناهيك عن السفارة السورية في عمان لم تغلق يوما، رغم قرارات الجامعة العربية في بدايات الازمة السورية.

يدرك الأردن التحولات المتسارعة التي تجري في المنطقة والإقليم، بما فيها تحولات الأزمة الخليجية بين قطر وجيرانها، وان تلك الأزمة كشفت وعبر محطات كثيرة ،ربما آخرها زيارة أمير قطر لواشنطن، والاتفاقات التي أنجزت بين الدوحة وواشنطن، والإطراء غير المسبوق الذي قدمه الرئيس ترامب لأمير قطر، ما يؤكد ان مرحلة “حلحلة” عقد تلك ألازمة قد بدأت،وهو ما يتطلب موقفا استباقيا من الأردن “بوصلته” الاتجاهات الدولية وليس الحروب الاعلامية التي تشنها أطراف الأزمة ضد بعضها بعضا.

اترك رد